عادي

تعرف إلى علم الجمال العصبي

20:12 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

صناعة الفن شكل من أشكال السلوك الإنساني، تمتد في الماضي عبر التاريخ المسجل، والواقع أن أعمالاً فنية مثل نقوش ومنحوتات الكهوف كثيراً ما تمثل البقية الباقية من النشاط الإنساني، وكان من الواضح أن الأنشطة المرتبطة بالفن مثلت دوافع مهمة للسلوك الإنساني لآلاف السنين، رغم افتقادها لأي منافع واضحة مباشرة، على عكس ما كان عليه الأمر مع أشكال أخرى من السلوك الإنساني، كانت تعود بمنافع واضحة كالغذاء والأمان والدفء والمأوى، على من يقوم بها.

يقدم لنا كتاب «سيكولوجية الفن» لجورج ماذر (ترجمة محمد سالم عبادة) مدخلاً توفيقياً إلى الطرائق المتنوعة، التي يمكن لعلم النفس أن يساعدنا بها في فهم الأنشطة الإبداعية وتقديرها، وخلال استكشاف الكتاب كيفية إدراكنا كل شيء من اللون إلى الحركة، يفحص صناعة الفن بوصفها شكلاً من أشكال السلوك الإنساني، يمتد عبر التاريخ، مصدراً متجدداً للإلهام.

كما ينظر الكتاب بعين الاعتبار إلى تأثير عوامل كالتزييف وتقنية النسخ والتحيز على أحكامنا بشأن الفن، ومن خلال تساؤل الكتاب عن طبيعة العلاقة بين علم النفس وتقدير الفن يقدم للقارئ طرائق جديدة للتفكير في الكيفية، التي نصنع بها الفن ونستهلكه.

إن تعريفاً موسعاً للفن يغطي نطاقاً من الحقول الإبداعية، يشمل الفنون التشكيلية وفنون الأداء والأدب، غير أن هذا الكتاب يركز اهتمامه على الفنون التشكيلية (الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي) رغم أن كثيراً من الأسئلة والأفكار التي يناقشها، تناسب الحقول الإبداعية الأخرى، وإضافة إلى ذلك، ولأسباب مشابهة، يستخدم الكاتب أساساً أمثلة من الفن، أنجزت في أوروبا والأمريكتين، تبعاً للتقاليد الفنية الغربية.

*ذائقة

يشير الكتاب إلى أنه قبل القرن العشرين لم يكن المخ له صلة بالنقاش الفلسفي والعلمي حول الفن، ولم يكن معروفاً عنه إلا أقل القليل، وكان الفنانون والفلاسفة يعتقدون آنذاك أن الملمح الأساسي في الفن هو الشعور بالجمال البصري، ومن بين مدارس الفكر لدى فلاسفة القرن الثامن عشر مدرسة اعتقدت أن الأحكام الجمالية نتاج تفكير عقلاني من أعلى مراتب التفكير، وثم مدرسة فكرية أخرى يعبر عنها إيمانويل كانط بالأخص، اعتقدت أن «الجمال حكم ذائقة، لا حكم فهم عقلاني» وكان ينظر إلى الذائقة الفنية على أنها نتاج التعلم، في ما كان يعتقد أن الجمال يخبر بوصفه لذة منزهة عن النفع (أي أننا نحكم على الأشياء بالجمال، بغض النظر عن اعتقادنا أنها تخدم أغراضنا أو لا تخدمها).

يوضح الكتاب أنه خلال العقود الستة الماضية أحرز علم الأعصاب المعرفي تقدماً لافتاً، في فهمنا لأجزاء الجهاز العصبي المشاركة في العمليات المعرفية، من إحساس وإدراك وتعلم وذاكرة وانتباه ولغة وصناعة قرار وتحكم حركي، والواقع أن مسؤولية علم الجمال العصبي لا تقف عند حدود الفن، إذ إن التقييم الجمالي يلعب دوراً في كثير من السياقات الأخرى، فيؤثر في قراراتنا بشأن ما نرتديه من ملابس، وما نشتريه من منتجات، بل إنه يؤثر في اختيارنا للأصدقاء.

*تشكك

وقد قابل بعض الفنانين وباحثي العلوم الإنسانية علم الجمال العصبي بنوع من التشكك، وهو تشكك عصبي، فبالإضافة إلى اتهام علم الأعصاب بالفشل في الوصول إلى نتائج مدهشة أو مثيرة بشأن الفن، زعم كذلك أن علم الجمال العصبي ينضح بالمبالغة في الاختزال، ويستخدم اصطلاح الاختزالية على نحو مسيء، لوسم تلك الممارسة التي تنطوي على وصف ظاهرة معقدة كالفن أو اختزالها من خلال مكونات بالغة البساطة، وللزعم بأن هذه الممارسة تمثل تفسيراً كافياً للظاهرة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdcrtcbm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"