عادي

فنار بورسعيد.. أعجوبة القرن التاسع عشر

22:19 مساء
قراءة دقيقتين
فنار بورسعيد

القاهرة: «الخليج»
بدأ أدباء ومثقفون في مدينة بورسعيد المصرية، حملة شعبية لتحويل فنار المدينة القديم، إلى متحف بحري، يروي جزءاً من تاريخ المدينة المطلة على ساحل المتوسط، ويضاف إلى مجموعة المتاحف الأخرى، بهدف دعم السياحة الثقافية في مصر. ويعد فنار بورسعيد واحداً من أقدم فنارات إرشاد السفن التي شيدت حول العالم؛ إذ يرجع تاريخ بنائه إلى عام 1869، وأشرف على بنائه المهندس الفرنسي الشهير فرنسوا كونييه، الذي راعى في بنائه استخدام الخرسانة المسلحة، وهو ما يجعله أقدم منارة بنيت بالخرسانة المسلحة في العالم.

يتميز الفنار بمعماره الفريد، حيث يأخذ شكل المثمن، وتعلو قمته كرة كانت مخصصة لتعيين الوقت، وقد كانت هذه الكره تصدر تنبيهاً في مواقيت معينة، أحدهما في الثامنة صباحاً، والآخر في الرابعة عصراً، بهدف إرشاد السفن التي تمر من قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل.

الفنار واحد من أهم المعالم السياحية الأثرية المطلة على قناة السويس بمدينة بورسعيد، حيث يجسد تطور فنون العمارة في القرن التاسع عشر، وهو ما يتجلى في استمراره شامخاً طوال عقود، غير عابئ بتقلبات الزمن، حيث قام البناؤون برص طبقات من الخرسانة المسلحة، يصل سمكها إلى 25 سنتيمتراً، وراكموها بدقها بعضها على بعض، لضمان تماسك المكونات، بينما كان يتم تدعيم الخليط داخلياً بدعامات بناء حديدية مسطحة، كانت ترص إما بتوجيهها نحو مركز مشترك موحد، أو بزوايا عمودية قائمة.

ويروي علي باشا مبارك، في كتابه الشهير «الخطط التوفيقية» قصة إنشاء الفنار، مع قرب انتهاء أعمال حفر قناة السويس، وضرورة تنوير ساحل البحر المتوسط فيما بين الإسكندرية وبورسعيد، عبر إنشاء فنارات في نقاط معينة من الساحل، تهتدي بنورها السفن التي تتردد على القناة، ويقول إن الخديوي إسماعيل، عقد لذلك مجلساً من علماء فرنسا وغيرهم، قبل أن يحصل اختيار هذه النقاط بمعرفة المهندسين من البحارة وغيرهم، ويصدر أمر الخديوي إسماعيل باشا إلى الكومبانية بعمل تلك الفنارات على طرف الحكومة المصرية، فعمل أربعة فنارات واحد في ساحل رشيد وآخر في البرلس، والثالث بالقرب من برج العزبة عند مصب فرع دمياط، والرابع في مدينة بورسعيد، ويضيف: قبل عمل هذه الفنارات نزلت في المزاد بين المقاولين، وذلك سنة 1869 قبل أن يرسو فنار رشيد والبرلس ودمياط على كومبانية فرنسا، ورسا فنار بورسعيد على كومبانية أخرى، وقد أنشئت الثلاثة الأخرى من الحديد، بينما بني فنار بورسعيد من الصخور الصناعية- الخرسانة المسلحة- ولأجل التمييز بينها، وعدم التباس أحدهما بالآخر لرائيها ممن يعرف أوضاعها، جعل لكل واحد منها وضع يخصه، ففنار رشيد متحرك وأنواره متنوعة، إلى أبيض وأحمر، تتغير الحمرة إلى البياض وعكسه بعد كل عشر ثوان، والبرلس ثابت بنور واحد يضيء في خمسة أثمان الأفق، أما دمياط فمتحرك ونوره أبيض غير ثابت، يظهر ويختفي بعد كل دقيقة، وفنار بورسعيد مضطرب مرتعش كهربائي، له بعد كل ثلاث ثوان غمضة وانفتاح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4z9yynz5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"