تدفقات السلع الأساسية في خطر

21:47 مساء
قراءة 4 دقائق

كلايد راسل*

ركّز قدر كبير من النقاش الدائر حول تداعيات ولاية رئاسية ثانية محتملة للجمهوري، دونالد ترامب، على ما قد يحدث للاقتصاد الأمريكي، والعالم. خصوصاً أن خطته لفرض رسوم جمركية 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة تقريباً، وما يصل إلى 50% على الواردات من الصين، الشريك التجاري الرئيسي، ما قد يرفع التضخم، وأسعار الفائدة المرتفعة، ويؤدي إلى سوق أقل تنافسية.

ولكن بالنسبة للسلع الأساسية، فإن الخطر الأكبر المتمثل في عودة ترامب إلى البيت الأبيض، هو الاستجابة التي من المرجح أن يبديها بقية العالم لفرض الرسوم الجمركية التجارية الأمريكية.

لن يقف الزعماء السياسيون في جميع أنحاء العالم مكتوفي الأيدي إذا فرض ترامب حواجز على صادراتهم إلى الولايات المتحدة. وبالتالي، من المرجح أن يقابَل أي إجراء أحادي من واشنطن بالرد من شركاء الولايات المتحدة التجاريين، حتى لو كانوا حلفاء سياسيين سابقين، مثل أوروبا، وبعض دول آسيا، كاليابان وكوريا الجنوبية، وربما الهند أيضاً.

وإذا كان من المُحتم أن يستجيب شركاء الولايات المتحدة التجاريون لإجراءات ترامب المقترحة بفرض رسوم جمركية على الواردات من الولايات المتحدة، فإن السؤال الرئيسي هو، ما الشكل الذي ستتخذه هذه الإجراءات؟

في حين أن شركات التصدير الأمريكية الكبرى مثل «بوينغ»، سيكون لديها سبب مشروع للقلق، لكن من المرجح أن يكون الهدف الأسهل بكثير للانتقام هو استهداف صادرات السلع الأساسية الأمريكية. فالولايات المتحدة هي أكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم، وتحتل المرتبة الرابعة عالمياً في صادرات النفط الخام، وجميع درجات الفحم.

وبما أن المشتري الرئيسي للسلع الأساسية الأمريكية هو الصين، فإذا فرض ترامب رسوماً جمركية بنسبة 50% على صادراتها، فيمكن لبكين ببساطة حظر جميع واردات السلع الأساسية من الولايات المتحدة، إما رسمياً، وإما بشكل غير رسمي.

يُذكر أن صادرات الولايات المتحدة من النفط الخام إلى الصين بلغت 10 ملايين برميل في يوليو/ تموز، وفقاً لمحلل السلع الأساسية «كبلر»، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 16.58 مليون برميل في أغسطس/ آب، ما سيكون الأعلى منذ إبريل/ نيسان 2023.

فيما بلغت صادرات الخام الأمريكية إلى الصين نحو 309 آلاف برميل يومياً، خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، أي نحو 3% فقط، من إجمالي واردات الصين، لكنه يمثل نحو 7.5% من إجمالي الشحنات الأمريكية.

بمعنى آخر، من المرجح ألا تواجه بكين صعوبة كبيرة إذا ما قررت التوقف عن شراء الخام الأمريكي، والاستعانة أكثر بموردين بديلين موجودين بالفعل، مثل أنغولا، والبرازيل. ولكن، هل سيكون من السهل على منتجي النفط الأمريكيين تعويض خسارة المشترين الصينيين؟ فضلاً عن احتمالية فرض الدول الأخرى تعريفات جمركية كبيرة على صادرات السلع الأمريكية.

تخيّل لو فرض الاتحاد الأوروبي، واليابان، وكوريا الجنوبية، وهو تكتل يمثل نحو 60% من صادرات الخام الأمريكي، تعريفات جمركية بنسبة 10% على الخام والغاز الطبيعي المسال والفحم، رداً على فرض ترامب ضريبة مماثلة على صادراتهم إلى الولايات المتحدة، لو حدث ذلك، ستُجبر الشركات الأمريكية إما على تقديم خصومات للحفاظ على تنافسية أسعارها وإما خفض الإنتاج.

وفي الشق ذاته، قد يكون مُصدّرو الغاز الطبيعي المسال الأمريكي أكثر عرضة للخطر من منتجي النفط الخام، نظراً لعدم وجود أسواق بديلة لديهم بخلاف الصادرات. وبالنسبة للصين، فإن استبدال الغاز الطبيعي المسال الأمريكي سيكون أكثر تحدّياً، ومع ذلك، لا يزال من الممكن القيام بذلك، نظراً لأحجام وارداتها الصغيرة نسبياً، من السلعة، والتي بلغت 670 ألف طن متري في يوليو/ تموز، أو نحو 10.5% من إجمالي 6.39 مليون طن شهرياً.

أما بالنسبة للولايات المتحدة، فتمثل الصادرات إلى الصين نحو 8% فقط، من إجمالي شحناتها من الغاز الطبيعي المسال. ولكن إذا أضفنا اليابان وكوريا الجنوبية أيضاً، فإن الصادرات إلى المشترين الآسيويين الثلاثة الرئيسيين سترتفع إلى نحو ربع الإجمالي، استناداً إلى بيانات يونيو/ حزيران من هذا العام. وإذا فرض مستوردو شمال آسيا رسوماً جمركية على الغاز الطبيعي المسال الأمريكي، فإن هذا من شأنه أن يزيد الضغوط على الشركات الأمريكية، وإجبارها على خفض الأسعار للتعويض.

وبخصوص الفحم، بلغ متوسط الصادرات الأمريكية نحو 7.5 مليون طن شهرياً، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، ولكن لا يوجد مشتر مهيمن. بل هناك مجموعة واسعة من المستوردين الذين يشترون جميعهم كميات صغيرة نسبياً.

وهذا يعني أن المشترين للفحم الأمريكي ربما يجدون بدائل لتوريد الكميات الصغيرة المعنية، في حين سيعاني المصدرون الأمريكيون لإيجاد أسواق جديدة إذا فرض أغلبية المستوردين الحاليين تعريفات جمركية انتقامية.

خلاصة القول، وكما هو واضح من المشهد العام، سيعاني مُصدرو الطاقة الأمريكيون كثيراً إذا شهدنا حرباً تجارية أخرى، نظراً للطريقة التي قد تستجيب بها البلدان للتعريفات الجمركية التي يقترحها معسكر الرئيس السابق، والمرشح الحالي.

وإذا انتُخب ترامب، وشرع في حرب تجارية واسعة، ستتأثر تدفقات السلع الأساسية، وبالتالي جزء كبير من الاقتصاد العالمي، لاضطرار السوق إلى التكيف مع ديناميكية سياسية غير متوقعة مرة أخرى.

* كاتب في «رويترز» متخصص في أسواق الطاقة

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3j3spc4u

عن الكاتب

كاتب في رويترز

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"