عادي

التوغل الأوكراني في «كورسك» الروسية.. ما هي آخر التطورات؟

00:51 صباحا
قراءة 5 دقائق

كييف - أ ف ب
أطلق الجيش الأوكراني هجوماً مباغتاً ضد روسيا، الثلاثاء الماضي، سيطر فيه على أكثر من 20 قرية، في حملة عابرة للحدود هي الأكبر ضد الأراضي الروسية، منذ الحرب العالمية الثانية.
يأتي الهجوم بعد نحو سنتين ونصف سنة على بدء الحرب الروسية الأوكرانية، وعلى خلفية عدم تحقيق أي من الطرفين اختراقاً حقيقياً عند خطوط المواجهة.
نعرض في ما يلي ما نعرفه عن هذا الهجوم بعد أسبوع على إطلاقه:
كيف انطلق؟
بدأ الهجوم بُعيد الشروق في السادس من أغسطس/ آب، نحو الساعة 5,30 بالتوقيت المحلي (2,30 ت غ)، وفق رئيس الأركان الروسي، فاليري غيراسيموف.
عبر نحو ألف جندي إلى منطقة كورسك الروسية القريبة من بلدة سودجا، بمؤازرة 11 دبابة على الأقل، وأكثر من 20 مدرّعة، وفق التقديرات الروسية.
وأفاد مسؤول أوكراني وكالة فرانس برس، بأن «الآلاف» من الجنود يشاركون في الهجوم.
وفي تصريح لفرانس برس، قال جندي أوكراني عرّف عن نفسه باسم روجيك «لم يحموا الحدود» في إشارة إلى الروس، وأضاف «اكتفوا بزرع ألغام مضادة للأفراد حول الأشجار عند قارعة الطريق، وبعض من الألغام التي تمكنوا من زرعها على الطريق السريع».
وبعد نحو ساعة على بدء الهجوم، نشر حاكم منطقة كورسك، أليكسي سميرنوف، على تليغرام مشاهد للدمار من بلدة سودجا الحدودية.
وقال إن البلدة تعرّضت لقصف مدفعي أوقع عدداً من الجرحى، ونشر مشاهد لمنازل أضحت ركاماً.
وأقرت وزارة الدفاع الروسية بأن أوكرانيا اخترقت الحدود في المنطقة، في بيان نشرته بعد أكثر من 11 ساعة على بدء الهجوم.
وقالت إن قوات روسية، بينها وحدات حرس الحدود «تعمل على صد الهجمات ونيرانها تلحق أضراراً بالعدو».
ماذا يحصل في منطقة كورسك؟ قُتل 12 مدنياً، على الأقل، وجُرح 121 آخرون في المعارك، وفق حاكم منطقة كورسك.
وبثّت وسائل إعلام روسية رسمية مشاهد للمنطقة الحدودية، في حين يسعى الكرملين للتقليل من تداعيات الحرب على المدنيين الروس.
لكن منذ بدء الهجوم، حتى الاثنين، غادر 121 ألف شخص المنطقة، أو تم إجلاؤهم، وفق سميرنوف. كذلك أعلن حاكم منطقة بيلغورود المجاورة تنفيذ عمليات إجلاء من إحدى المناطق الحدودية.
ويتم إرسال مساعدات إلى المنطقة، كما تم تسيير رحلات إضافية للقطارات إلى العاصمة موسكو للهاربين من المعارك.
وبثّ تلفزيون محلي روسي مشاهد من وسط سودجا، تظهر مباني مدمّرة، وركاماً في الشوارع، وحفراً في الأرض من جراء القصف المدفعي.
ونشرت منصات إعلامية روسية فيديوهات عدة، قالت إنه يظهر بعضاً من السكان الذين فروا من البلدة، وهم يناشدون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مساعدتهم، وكثر منهم يقولون إن أفراداً من عائلاتهم لم يتمكنوا من المغادرة.
ويقول أحد السكان في الفيديو «خلال ساعات قليلة تحوّلت بلدتنا إلى ركام... أقاربنا عالقون هناك، لا يمكننا الاتصال بهم، الاتصالات مقطوعة. رجاء ساعدونا على استعادة أرضنا».
وفي فيديو نشرته وسائل إعلام روسية في السابع من أغسطس/ آب، يقول كاهن البلدة يفغيني شيستوبالوف، إن سودجا «تحترق»، وإن عدداً من السكان الذين تعذّرت عليهم المغادرة يحتمون في كنيسته.
ما أهمية «سودجا»؟
البلدة الصغيرة البالغ عدد سكانها نحو خمسة آلاف نسمة، تضم محطة لضخ الغاز، هي الأخيرة التي ما زالت تمد بالمادة أوروبا، لا سيما سلوفاكيا والمجر، عبر أوكرانيا.
وهي البلدة الأكبر التي تحاول أوكرانيا السيطرة عليها في هجومها.
في عام 2023 تم ضخ 14,65 مليار متر مكعّب من الغاز عبر سودجا، أي أقل بقليل من نصف صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، وفق منصة «آر بي سي» الإخبارية الأوكرانية.
في حين استغنت أوروبا، على نحو كبير، عن إمدادات الغاز الروسي منذ بدء الحرب، فيما واصلت موسكو إمدادات الغاز عبر «سودجا» بموجب اتفاق لمدة خمس سنوات، وقّعته مع كييف بنهاية عام 2019.
وتقول أوكرانيا إنها لن تمدد الاتفاق الذي تنتهي مفاعيله في عام 2024.
لكن يسود تخوّف من تحجّج شركة الطاقة الروسية العملاقة غازبروم، التابعة للدولة بالمعارك لوقف ضخ الغاز عبر سودجا، قبل انتهاء مفاعيل الاتفاق.
وأظهرت تسجيلات فيديو تم التقاطها في التاسع من أغسطس/ آب، جنوداً أوكرانيين يحملون بنادق وأعلاماً أمام منشأة تابعة لغازبروم، على مقربة من البلدة.
كم تبلغ مساحة السيطرة الأوكرانية؟
حتى الاثنين، سيطرت أوكرانيا على 800 كلم مربع، على الأقل من الأراضي الروسية، في منطقة كورسك، وفق تحليل أجرته وكالة فرانس برس استناداً إلى بيانات من معهد دراسة الحرب.
والاثنين، قال قائد الجيش الأوكراني إن كييف سيطرت على نحو ألف كلم مربع، وتواصل عملياتها الهجومية.
وأقرت روسيا بأن وحدات أوكرانية دخلت إلى عمق أراضي البلاد، وقالت، الأحد، إنها أصبحت على عمق 30 كلم من الحدود.
وأفاد سميرنوف، الاثنين، بأن 28 قرية على الأقل، أصبحت تحت سيطرة أوكرانيا.
والثلاثاء، أعلن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، أن القوات الأوكرانية سيطرت على 74 بلدة في الأراضي الروسية.
وكتب زيلينسكي على تليغرام «رغم معارك صعبة وكثيفة، يستمر تقدم قواتنا في منطقة كورسك، أوكرانيا تسيطر على 74 بلدة».
إلى ذلك، تسيطر كييف على الأقل، على القطاع الغربي من سودجا، فيما يعتبر القطاعان الأوسط والشرقي «منطقتين رماديتين»، وفق تقييم أصدره، الاثنين، معهد دراسة الحرب.
وحقّقت كييف مكاسبها الأكبر في اليومين الأولين من هجومها، وقالت إنها اخترقت «على الأقل خطين دفاعيّين للروس».
لكن بعد أن أرسلت روسيا تعزيزات إلى المنطقة، تباطأت وتيرة التقدم الأوكراني في المنطقة، وفق موسكو.
وأفاد مسؤول عسكري روسي وكالة تاس الروسية للأنباء، الثلاثاء، بأن موسكو تمكّنت من وقف تحرّك كان «خارج السيطرة» للقوات الأوكرانية، فيما قالت وزارة الدفاع الروسية إنها «أحبطت» هجمات أوكرانية جديدة في المنطقة.
ما هو الرد الروسي؟
لم يدلِ بوتين بأي تعليق علني على الهجوم منذ السابع من أغسطس/ آب، حين أعلن أن أوكرانيا تمارس «استفزازاً واسع النطاق» في منطقة كورسك.
وقال بوتين خلال اجتماع نقل التلفزيون الروسي وقائعه الاثنين «إنهم يطلقون عشوائياً مختلف أنواع الأسلحة بما في ذلك الصواريخ على مبان مدنية، ومنازل سكنية، وسيارات إسعاف»، وأعلن أنه سيعقد اجتماعا للمسؤولين الأمنيين لتنسيق الرد.
وقالت روسيا في التاسع من أغسطس/ آب إنها بصدد إرسال مزيد من القوات والأسلحة إلى منطقة كورسك، بما فيها «قاذفات صواريخ ومدافع نقالة».
وأظهرت تسجيلات فيديو نشرتها في اليوم نفسه منصة زفيزدا الإخبارية التابعة لوزارة الدفاع الروسية، ما قالت إنها أرتال عسكرية متّجهة إلى الحدود.
ويقول الجيش الروسي إنه ألحق أضراراً بالغة بأوكرانيا، وقتل أكثر من مئة جندي، ودمّر أكثر من 50 مدرعة منذ بدء الهجوم.
وقال زعيم جمهورية الشيشان، رمضان قديروف، إن وحدة في الجيش تضم مقاتلين من الشيشان انتشرت في منطقة كورسك.
والسبت، أمرت بيلاروسيا، حليفة روسيا، بنشر تعزيزات عسكرية لا سيما قوات مشاة، ووحدات جوية، ودفاعات جوية، وأنظمة صاروخية، قرب الحدود مع أوكرنيا، رداً على الهجوم الأوكراني، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية.
ماذا قالت أوكرانيا؟
تتكتّم أوكرانيا على عملياتها التي تعد الأكبر في الأراضي الروسية منذ اندلاع الحرب.
والثلاثاء، قال الرئيس الأوكراني إن روسيا جلبت الحرب إليها، وعليها أن «تشعر» بالعواقب.
وأكد الاثنين تنفيذ الهجوم العابر للحدود، وقال إنها «مسألة أمنية بحتة»، وأن كييف تسيطر على «مناطق ضرب انطلق منها الجيش الروسي في منطقة سومي».
وفي منطقة سومي الواقعة قبالة منطقة كورسك، أمرت السلطات بإجلاء نحو 20 ألف مدني.
وأفاد صحافيو فرانس برس في المنطقة، بأن عشرات المدرعات تحمل رسم مثلث أبيض يبدو أنه العلامة التي تحدد المعدات العسكرية الأوكرانية المشاركة في العملية.
وشدّدت وزارة الخارجية الأوكرانية، الثلاثاء، على أن الهجوم «مشروع»، لكنها لا تسعى إلى «ضم» أراض روسية، بل لإقامة منطقة عازلة عند الحدود لـ«حماية» شعبها وجيشها، من القصف الروسي، وإضعاف هجوم الكرملين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ye73usxz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"