عادي
قطيعة مع صديقة العمر

«مكالمة وحشية» و«إنذار مهين» وراء انسحاب بايدن من الانتخابات

16:40 مساء
قراءة 4 دقائق
جو بايدن ونانسي بيلوسي

إعداد: محمد كمال
يبدو أن قرار الانسحاب التاريخي للرئيس الأمريكي جو بايدن من سباق الانتخابات الرئاسية، لم يبحْ بعد بكل كواليسه، ففي الوقت الذي ظل الرئيس يؤكد أنه سيواصل السعي لولاية ثانية، رغم الأداء الكارثي في المناظرة الرئاسية الأخيرة أمام المرشح الجمهوري دونالد ترامب، إذ به فجأة يغير موقفه ويعلن انسحابه، وهو في عزلته في ريهوبوث بولاية ديلاوير جراء إصابته بفيروس «كورونا».
ورغم مواجهة بايدن لحملة ضغط من نخب ديمقراطية في هذه الفترة، فإن مكالمة غاضبة وإنذاراً مهيناً بحسب ما ذكرت إميلي جودين، كبيرة مراسلي البيت الأبيض، هما ما أجبرا بايدن على إعلان الانسحاب الدراماتيكي، رغم إحساسه بأن أقرب حلفائه خانوه وتخلوا عنه.

مكالمة وحشية
وتروي إميلي جودين أن المكالمة التي وصفتها بـ«الوحشية» أجرتها الصديقة المقربة من بايدن، نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب السابقة، والتي تمتد علاقتها ببايدن إلى 50 عاماً مضت، وأكدت جودين في تقرير لصحيفة «ديلي ميل» أن هذه المكالمة تركت جو وزوجته جيل غاضبين، بل وأفسدت سنوات الصداقة الطويلة بينهم.
وظلت الظروف الدقيقة التي أدت إلى انسحاب بايدن من السباق الانتخابي لعام 2024 موضوع نقاش محموم لأسابيع، وما عزز ذلك الاتهامات التي أطلقها ترامب حول ملابسات الإطاحة به. وهو ما دفع البيت الأبيض منذ إعلان القرار يوم الأحد 21 يونيو/حزيران، ليؤكد مراراً أنه «لم يتمّ الضغط على الرئيس وكان هذا اختياره وحده».
وأثناء وجود بايدن متحصناً في عزلة مع زوجته جيل ومجموعة من المساعدين الموثوق بهم في منزله بولاية ديلاوير، وحتى ليلة السبت، السابقة ليوم القرار ظل بايدن لأسابيع في إصرار على ترشحه مرة أخرى، لكن مطلعين قالوا إن شيئاً ما تغير في هذه الليلة. وفجأة طلب بايدن من أقرب مستشاريه البدء في صياغة رسالته، ثم «انتهى كل شيء».


الإنذار المهين

وحاول المقربون من بايدن تجاهل اللغز الذي وقع في هذه الأثناء، والذي أجبره على تبديل موقفه العنيد؛ إذ تقول مراسلة البيت الشهيرة إميلي جودين، إن بيلوسي بعثت برسالة عاجلة إلى الرئيس، ومفادها أنها كانت مستعدة للتعبير علناً عن مخاوفها من عدم قدرته على هزيمة دونالد ترامب في نوفمبر/تشرين الثاني. ثم كان الإنذار النهائي واضحاً من قبلها: «انسحبوا الآن، وإلا فإن بيلوسي ستهين حليفها السياسي، وصديقها لأكثر من خمسين عاماً، على الساحة العالمية».
وقالت أربعة مصادر على دراية وثيقة بالوضع، بشكل مستقل، إنه تمّ نقل مثل هذه الرسالة إلى بايدن، كما قال مصدر مطلع بشكل خاص، إن مكالمة هاتفية جرت، حيث أخبرت بيلوسي بايدن بأنها ستنشر أرقام «اقتراع وحشية» لدعم هجومها، ويبدو ذلك إشارة إلى نتائج استطلاعات الرأي المخيبة لبايدن داخل المعسكر الديمقراطي.
وأشارت المصادر إلى أن طلبها كان قوياً للغاية، لدرجة أنه أثار «لحظة تعالٍ بالنسبة للرئيس»، ثم بدأ بعدها فقط في صياغة الرسالة التي تعلن انسحابه. وذلك رغم نفي مكتب بيلوسي والبيت الأبيض رسمياً أن يكونا قد تحدثا عبر الهاتف.
علاقات متقلبة 
ويأتي هذا الكشف المفاجئ مع تزايد التداعيات السلبية العامة بين بيلوسي وبايدن، اللذين لم يتحدثا منذ أن أعلن انسحابه. ومع طرح مذكراتها الجديدة للبيع، تجري بيلوسي جولات من المقابلات، وتكافح لتفادي الأسئلة حول علاقتها المتوترة مع الرئيس.
وفي يوم 4 أغسطس/آب، ضغطت مذيعة شبكة سي بي إس ليزلي ستال عليها قائلة: «لقد تم الإبلاغ بشكل جيد للغاية أنك كنت قائد حملة ضغط لإقناع بايدن بالتنحي؟»، لكن بيلوسي ردت قائلة: «لا، لم أكن قائد أي حملة ضغط.. لم أتصل بشخص واحد».
وبعد ذلك، في مقابلة مع مجلة نيويوركر، الأسبوع الماضي، اعترفت بيلوسي أنها كانت لا تنام بسبب خلافها مع الرئيس بايدن، وأنها كانت «تصلي» من أجل استمرار صداقتهما. وقالت لشبكة CNN يوم الخميس الماضي: «إنه يعلم أنني أحبه». ومن جانبه، لا يزال بايدن غاضباً من الطريقة التي سارت بها الأمور.
حملة الضغط 
في الواقع، لم تكن بيلوسي وحدها هي التي مارست الضغوط على بايدن للانسحاب في الأيام والأسابيع التي أعقبت مناظرته التلفزيونية الكارثية مع ترامب. وقال كبار الشخصيات الأخرى في الحزب، بما في ذلك زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر والزعيم الديمقراطي في مجلس النواب حكيم جيفريز، لبايدن، إنهم لم يعودوا يعتقدون أن ترشيحه كان قابلاً للتطبيق.
وذهب شومر لرؤية بايدن في ولاية ديلاوير قبل أسبوع من انسحابه، ووصف المطلعون على بواطن الأمور الاجتماع بأنه «صريح». كما ضغط جيفريز على الرئيس بشأن انخفاض أرقام استطلاعات الرأي، ولكن الطريقة التي وجهت بها بيلوسي الضربة النهائية هي التي جعلت بايدن يشعر بالمرارة على ما يبدو.
وفي الساعات التي تلت إعلانه خروجه من السباق، اتصل بايدن شخصياً بقادة الكونجرس وحلفاء آخرين للحديث عن قراره. وكان شومر على قائمة أولئك الذين تلقوا مكالمة رئاسية. لكنه لم يتحدث وقتها مع بيلوسي.
صداقة عتيقة 
ويعرف كل من بايدن، 81 عاماً، وبيلوسي، 84 عاماً، بعضهما منذ سبعينيات القرن الماضي، ثم عرّفها في عام 1987، بعد انتخابها في المجلس خلال رحلة عائلية إلى شاطئ ريهوبوث، بالعديد من المانحين الديمقراطيين. ثم واصل بايدن وبيلوسي تشكيل تحالف سياسي قوي. ويقول كل منهما، وهما من الديمقراطيين الكاثوليك، إن الرئيس جون كينيدي ألهمهما للذهاب إلى الخدمة العامة، والذي كان، مثلهما، يحمل مسبحة في جيبه.
وعندما شغل بايدن منصب نائب الرئيس، أصبحت بيلوسي رئيسة لمجلس النواب، وعملا جنباً إلى جنب لتمرير تشريع أوباماكير التاريخي.
وفي عام 2022، عندما تعرّض بول زوج بيلوسي لهجوم من قبل رجل مجنون بمطرقة في منزلهما في سان فرانسيسكو، كان بايدن هو من اتصل في الصباح الباكر للمساعدة في تهدئتها.
وكتبت بيلوسي في مذكراتها الجديدة: «لقد كان مصلياً ولطيفاً ومفكراً للغاية».
ومن هذه التفاصيل يتضح سبب تأثير تحركها للإطاحة به بشدة على بايدن. وهو ما انعكس كذلك على زوجته جيل التي لا تزال قلقة للغاية بشأن كرامة زوجها، والتي تتمنى لو سمح له بالخروج من سباق 2024 في وقته الخاص وبشروطه الخاصة.
ومن المعروف أيضاً أن جيل تحمل ضغينة، ويقال إنها وهنتر نجل بايدن غاضبان من بيلوسي بسبب ما يعتبرانه خيانة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/362cde9z

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"