عادي
اتهامات لماكرون بـ«الانقلاب على الديمقراطية»

للخروج من مأزقها السياسي.. فرنسا تبحث عن «طائر نادر» وسط اليمين

23:04 مساء
قراءة 3 دقائق

باريس - أ ف ب
منذ ستة أسابيع، تسيّر فرنسا أعمالها في غياب توجه محدد، أو وزراء يتمتعون بصلاحيات كاملة، فهل ستحظى البلاد بحكومة قريباً، أم أنها فترة انتقالية غير مسبوقة يسعى الرئيس إيمانويل ماكرون، لإطالة أمدها مع اقتراب استحقاقات مهمة تتعلق بالموازنة، بحثاً منه عن «طائر نادر» وسط اليمين للخروج من المأزق السياسي.
بعد أن خسر الأغلبية في الجمعية الوطنية، إثر قرار بحلها، اضطر ماكرون إلى قبول استقالة حكومة غابرييل أتال منتصف يوليو/تموز الماضي، التي باتت مذاك تتولى تسيير الأعمال. لكنه لا يزال متردداً في تعيين رئيس للوزراء من ائتلاف الجبهة الشعبية الجديدة (يسار) الذي حل أولاً في الانتخابات التشريعية، رغم أنه لا يزال بعيداً عن الغالبية المطلقة.
بعد انتهاء دورة الألعاب الأولمبية، دعا ماكرون زعماء الأحزاب، الجمعة، إلى إجراء مباحثات لتشكيل حكومة ولكن من دون إخفاء قلة حماسته. وقال بعد الألعاب الأولمبية: «لا نرغب في أن تعود الحياة إلى طبيعتها».
ولا تبدأ هذه المشاورات بشكل إيجابي. إذ يهدد حزب «فرنسا الأبية»، القوة الرئيسية داخل الجبهة الشعبية الجديدة بإطلاق إجراءات لإقالة الرئيس، احتجاجاً على «انقلابه على الديمقراطية»، ورفضه الامتثال لنتائج صناديق الاقتراع.
لكن فرص نجاح هذه المبادرة ضئيلة، ولم تكتسب زخماً في صفوف اليسار، غير أنها تترجم بوضوح التشرذم السياسي في بلد، كاد ينتقل إلى يد اليمين المتطرف خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.
- «طائر نادر»
ويبدو أن ماكرون الذي يتعرض لضغوط من كل حدب وصوب، يبحث في أوساط اليمين عن «طائر نادر» يسمح له بتشكيل حكومة ائتلاف، وتجنب تعايش عاصف مع اليسار الذي يقترح تعيين لوسي كاستيتس رئيسة للوزراء وهي مسؤولة كبيرة غير معروفة.
وصرح المحلل السياسي فرنسوا ميكيه مارتي:«يأمل ماكرون أن يكون الوقت كفيلاً بظهور تحالفات لا تبدو ممكنة اليوم». وأضاف: «إنه خبير في التوقيت، لكنه مقيد حالياً، لأن الوقت ليس في صالحه».
ويبدو أن الرئيس يجد صعوبة في قبول هذا المشهد الجديد، لأنه لم يعد يتمتع بالحرية المطلقة. وقالت افتتاحية في صحيفة «لوموند»: «على ماكرون أن يتوقف عن استغلال الوقت»، ودعته «لأن يثبت أنه أصغى للناخبين الفرنسيين، ويعين رئيس وزراء يترجم خياراتهم».
واعتبرت المحللة السياسية آن شارلين بيزينا، أن نفاد الصبر المتزايد في فرنسا، مرده عدم بروز مرشح لمنصب رئيس الوزراء، بعد الانتخابات التشريعية التي لم تنتج غالبية مطلقة.
وقالت إن النظام السياسي الفرنسي «عودنا على تناوب أكثر وضوحاً».
كما تبدو المعادلة معقدة بسبب تدهور المالية العامة للبلاد. وتخضع فرنسا المثقلة بالديون مثلها مثل ست دول أخرى، لإجراءات فرضها الاتحاد الأوروبي بسبب العجز المفرط، وعليها بحلول 20 من سبتمبر/أيلول المقبل، أن تقدم لبروكسل خطتها المتوسطة الأجل لخفض هذا العجز.
وفي موازاة ذلك، على السلطة التنفيذية أن تقدم مشروع الموازنة لعام 2025 بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول على أبعد تقدير، والذي سيستلزم تدابير موجعة.
ومطلع مارس/آذار الماضي، حددت الحكومة المستقيلة حجم المدخرات التي يتعين على الدولة والدوائر تحقيقها العام المقبل بـ«عشرين مليار يورو». لكن لا أحد يعرف ما إذا كان الهدف ستطبقه الحكومة العتيدة.
وفي أوروبا، تمكنت دول أخرى من البقاء لأسابيع طويلة من دون حكومة على حساب تحالفات عرضية لتسيير الأعمال، وتبني قوانين.
في 2010-2011، بقيت بلجيكا 541 يوماً بدون حكومة فعلية، وهو رقم قياسي لم يمنعها من إرسال جنود إلى ليبيا. وتكرر الأمر عام 2020: إذ اضطر البلجيكيون إلى الانتظار 16 شهراً، بعد الانتخابات التشريعية قبل تشكيل فريق وزاري جديد.
ولا شيء من هذا القبيل في فرنسا. يقول مارتي: «ما زلنا بعيدين عن نموذج التحالف على النمط الألماني الذي يتطلب نضجاً، وإنشاء عقود حكومية» حتى لو لم يكن كل شيء ثابتاً وفق بيزينا، «فثقافة التسوية تظهر عندما يكون المرء في مأزق».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ycked3fd

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"