لحظة تأمل وحياة

03:15 صباحا
قراءة دقيقتين

ميثا السبوسي

بعد انتهاء يوم دراسي حافل أحسست بثقله عليّ، أمشي بين تلك الأزقة المرصوفة التي تمر بين المحال الصغيرة. محال للملابس وأخرى لأدوات التجميل، ومقاه تنتشر منها رائحة القهوة، ومخابز فاحت رائحة الخبز منها.
عائدة إلى شقتي الضيقة، مظلمة كعادة هذه المدينة، فالشتاء يزحف سريعاً. لا تكاد تنهي أعمالك حتى ينتهي يومك.
حائرة، مشتتة الفكر، مبعثرة أوراقي، ضالة في دروبي. أغمضت عيني واستسلمت للنوم.
مع بدايات البكور المنعشة تسلل نور الشمس من نافذة غرفتي، معلناً بداية يوم جديد، وأمل جديد.
نزلت أمشي متجهةً إلى ملجئي لأستمد طاقتي منه، طلبت قهوتي وحملتها، جلست بالقرب من الشاطئ على ذلك الممر الخشبي.
يملأ المكان الورد المزروع، انتشر بألوانه، أطفال مع ذويهم ذاهبون إلى مدارسهم.
حافلات مدرسية تمر من هنا، قطارات تصفر استعداداً للانطلاق، حركة سكانية في أول الصباح.
امتد لسان خور من المحيط إلى داخل المدينة، ليضفي عليها هدوءاً وسكوناً ورونقاً تميزت به عن غيرها.
هدأت أمواج المحيط الداخل عليه، شاهدت أمامي لوحة للطبيعة، تناغمت ألوانها.. لقد صفت في الأمام أشجار مفعمة بالحياة تلونت باللون الزهري، واتخذت شكلاً مخروطياً، تبعتها أشجار كثيفة ضخمة لو مشيت بها لحجبت عنك الشمس، كأنها خلفية ليبرز اللون الزهري.
سحاب تفرق في السماء، مرسى للزوارق، امتدت أشرعتها، هبوب النسيم يحرك صفحة الماء فتتراقص لتحدث سيمفونية امتزجت مع أجنحة الطيور.. استمعت إليها، حتى تناغمت مع إيقاع نفسي، انسجمت معها دقائق، لم أبال بصوت غيرها. ركزت على إيقاع البحر الهادئ، عشت لحظة تأمل وتنفست بعمق، حتى أحسست بأني جزء من هذا الجمال، جزء من الطبيعة.
تحررت من الضغوط، كما تحررت تلك الزوارق التي شارفت على الإبحار. تخلصت من صعوبات إيجاد الحل، كما الطيور التي فردت جناحيها وطارت إلى الأعالي.
صحيح أنها دقائق، لكنها طاقة للمضي للأمام.
أخذت طريقاً آخر للذهاب إلى جامعتي.. رائحة الخبز الشهية ورائحة القهوة تشدني، رائحة الحياة من جديد.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"