شريان العين

04:04 صباحا
قراءة دقيقتين
ميثا السبوسي

تعتبر مدينة العين مصيفاً (المقيظ) في الماضي، يقصدها القريب والبعيد، ليمتع روحه بنضخ الماء الثجاج المندفع في قنوات تسقي الواحات، ويمتع أذنه بهديل الحمام مع حفيف الأشجار التي يختبئ فيها من حرارة الشمس وألسنتها الملتهبة، فتعطيه من خيراتها ما أينعت به ثمارها.
مدينة العين يميزها موقعها الجغرافي تحت الجبال، يحدها من الشرق بامتداد إلى جنوبها سلسلة جبال الحجر، ليلتقي بجبل حفيت الممتد حتى منطقة الصاروج القديمة، فكان هذا سبباً في تغذية مياهها في جوف الأرض، وبحكم طبيعتها الصخرية في هذه المنطقة فإن المياه تنحدر تحت الأرض في مجارٍ لها تسمى الآبار الجوفية أو أم الفلج متدفقة بفعل الجاذبية الأرضية فلم تتدخل التكنولوجيا في هندستها، بل وتعتبر الأفلاج وسيلة داعمة لنقل المياه من جوف الأرض إلى سطحها، فتسقي واحات النخيل المنتشرة في مدينة العين، وعلى مدار السنة فالماء يجري يومياً دون توقف، فأنشأ أهالي المنطقة الأفلاج بداية بحفر الأرض لاستخراج المياه الجوفية على عمق 24 متراً، فيتدرج خروج الماء من الأرض بشكل مائل، ثم قاموا بعمل فتحات على المجرى تسمى ثقاب الفلج، فيتفرع الماء عند وصوله على السطح ضمن السواقي، وتتفرع بدورها إلى سواقٍ ثانوية لسهولة وصول الماء إلى المكان المحدد.
ويحتاج شق الفلج إلى شخص مختص ذي خبرة ومهارة وشجاعة يعرف بعراف الماء، ومجهود بدني كبير، لمواجهة المخاطر التي قد تعترضه، وقد استخدموا أدوات بدائية هي المطرقة والإزميل لكسر الصخور لمرور الماء وتدفقه، ثم يتم تبطين مجرى الفلج لدعمه وإسناده، ويرجع استخدام هذا النظام إلى ثلاثة آلاف عام.
فأولى المغفور له الشيخ زايد ،طيب الله ثراه ،جل اهتمامه بالشريان المتدفق لري المساحات الكبيرة ليزيد من الرقعة الخضراء، حيث أصلح نظام السقاية، فأمر بتصميم قنوات رئيسية لمجرى المياه، ولم يقتصر دوره على الإشراف، بل المشاركة في الحفر مع الأهالي وخصّ وادي الصاروج بالكثير من وقته ومجهوده ، فهو يعتبر من الأفلاج الكبيرة وينبع من منطقة المراغ شرق العين، وخصص له قنوات تسير تحت الأرض بها عدد من الفتحات، ليسهل عملية تنظيف المياه ومراقبتها، وكذلك فلج الداوودي الشريان الضخم، حيث تغذيه مياه الأمطار المنحدرة من سفوح جبال الحجر، وفلج هيلي والقطارة والمويجعي والمعترض، كثيرة هي وليس للحصر.
وقديماً اعتبرت عملية إحياء الأفلاج من المناسبات المهمة التي تعكس روح التعاون والمشاركة بين أبناء القبائل في المنطقة.
والأفلاج تعتبر من الموروث الشعبي الذي يجب المحافظة عليه من الاندثار، وهو ما تطلبه البيئة في المنطقة، والجميع يستفيد من خيرات بلادي.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"