حوارية الإخراج العالمي

04:10 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

قلت للقلم: المزاج في حاجة إلى تعديل، هات نكتة. قال: أفلس أصحاب المخططات، فصاروا يستنجدون بالإنتاج الفني العربي. قلت: «اتلمّ المتعوس على خايب الرجاء». قال: الغفلة والتقليل من العواقب، حماقة، فهم يعوّلون على أن الثمرة المعطوبة تفسد صندوقاً، أمّا المضروبة بفيروس، فأنت ترى ما فعل التاجيّ.

قلت: أراك ترمي لي بقشر الموز لأنزلق وأتزحلق. خذها من فمي: في قرارة نفسي، لا أرى غير إخراج هوليوودي لأكبر فيلم في تاريخ البشريّة. قياساً عليه، يلوح فيلم الربيع العربي «لعب عيال». قال: كلا، فلم يكن الربيع الخربي ألعاب أطفال في منعرج الزقاق، بل قل كان تدريباً على الإخراج السينمائي في مستوى ملايين الكيلومترات المربّعة. تثوير الملايين كالسيول المحتدمة، إسقاط الأنظمة، تحريك الفضائيات كالدمى، فتح أبواب جهنم الحروب الأهلية. الفوضى الخلاّقة رأيناها ولا نزال نراها عياناً، فهل كل ذلك «لعب عيال»؟ استمرّ، هات ما عندك.

قلت: هل تذكر سنوات الإيدز؟ الخنازير والقردة والدجاج والطيور الأخرى وجنون البقر، إيبولا وسارس، ويناير وفبراير ومارس، وما يفلت من عيون الحارس، مثل «زورو» الفارس؟ كم مرّ علينا من هذه المسلسلات والأفلام؟ لكن، لم يحدث قط أن تطوّر فن الإخراج إلى حدّ تسخير البشريّة كلها وتحويلها إلى كومبارس. قال: نقطة نظام من فضلك. هل تريد أن تأكل برأسي حلاوة؟ هل يمكن إيهامي بأن القصة كلها فيلم محبوك من طقطق إلى السلام عليكم؟ قلت: اهدأ، أنا على يقين من عدم وجود أحد قال للبوعزيزي صبّ البنزين على نفسك وأشعل عود ثقاب. أمّا السيل الذي جرى بعد ذلك في تونس وغيرها، فقد اختطفت قوى معروفة مقاليده وحوّلت مجراه لمصلحتها، إلى اليوم والبلدان تغني: «غلبت أصالح في روحي».

نحن نؤمن بأن بعض الظن إثم، ونؤمن أيضاً بأن تصديق كل ما تراه العين غباء. على العرب أن يستبقوا مسلسل الأخطار المقبل، لأنهم للمرّة الألف يدفعون أثمان الفخاخ التي ينصبها العتاة للبشر. ما ذنب المخلصين لتنمية أوطانهم وشعوبهم؟ ما ذنب الذين اجتهدوا وابتكروا وأبدعوا وتفوقوا وتألقوا إقليميّاً وعالميّاً، حتى تتلاعب بإنجازاتهم الأعاصير؟ الفاتورة العالمية مسبحة من التريليونات، خسائر القبضاي الكبير ستتبعها غداً أو بعد غد صيحة: عصافير بطن الإمبراطورية تزقزق.

لزوم ما يلزم: النتيجة المنطقية: هل يمكن أن يدفع التنين أو الدبّ الفاتورة؟ من لديه ترسانة نوويّة ينام قرير العين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"