العودة إلى الحياة

04:13 صباحا
قراءة دقيقتين

صفية الشحي

هل تعود الحياة إلى طبيعتها؟ المؤشرات من حولنا مبشرة بخير، إلا من بعض ما يعكر صفو الفرح بسبب إهمال البعض للإجراءات، وما يترتب على ذلك من إصابات أو حالات وفاة، كما أن القطاعات المختلفة أثبتت قدرتها على التكيف والالتزام مدعومة بحزمة من القرارات الحكومية للانتقال السلس إلى ما بعد «كورونا» أو «كوفيد - 19» في كل المنشآت والمرافق الحكومية والخاصة.
أما بخصوص التعليم، فيحدونا الأمل بعودة أبنائنا إلى مقاعد الدراسة بعد تجربة ليست بالسهلة على كل أطراف العملية التعليمية، وقد لاقت الأسر الكثير من التحديات المتعلقة بالوقت والمنهجية، وطريقة التدريس، والصراع على التقييم الدوري بالنسبة للمدارس الخاصة بالتحديد، والتي أثبت بعضها عدم كفاءة أثر سلباً في الطلبة، وربما احتجنا هنا إلى وقفة نتأمل فيها آلية تنظيم هذا القطاع التعليمي بطريقة أكثر شفافية وحزماً مع هذه المدارس.
نعم، عند البعض عادت الحياة إلى طبيعتها، وفقاً لتصوراتهم ومواقفهم منها، وعند آخرين «لم يتم عبور النهر مرتين»، ولم تعد يومياتهم كما كانت قبل الجائحة التي ذكرتهم بإنسانيتهم وضعفهم وحاجتهم إلى التأمل ملياً في حساباتهم وعلاقاتهم بذواتهم وبالآخرين، حتى إن علاقة البشر بالأماكن تغيرت تماماً، وحل محلها ذلك التوثب الذي يشعر به المرء عندما لا يكون متيقناً مما حوله، إلا أن ذلك هو ديدن الحياة عموماً «عدم اليقين» الذي يجب أن يقابله «الاستعداد والاجتهاد».
يقال «النضج مؤلم والتغيير مؤلم، لكن لا شيء مؤلم كالبقاء عالقاً في مكان لا تنتمي إليه»، إن سؤال الانتماء هو أصعب الأسئلة في هذه المرحلة الحرجة، فما الذي ننتمي إليه حقاً؟ أماكن عملنا؟ تخصصاتنا العلمية؟ أساليب تعليمنا وعملنا؟ أم فلسفتنا المفسرة لظاهرة الحياة؟
إن هذه الأزمة - وبشكل استثنائي - هي طريقة للنضج سيتحتم على البشرية أن تمر من عنقها حتى تصل إلى الأمان، أما الإياب المأمول، فملؤه العزم على أن نحيا بكامل ما أوتينا من طاقة وإلهام، وهذا قرار ليس فردياً وحسب، بل هو قيادي بالدرجة الأولى، بالنسبة للفرد والمؤسسة والمجتمع، حتى نتمكن من قيادة زمام أمورنا وأمور الآخرين الذين نتحمل معهم مسؤولية العمل للنهوض بمشاريع وطنية ومهنية واجتماعية وشخصية.
أخيراً، لا أتمنى أن تكون الطبيعة التي نريد العودة إليها هي استهلاكيتنا وتذمرنا وتحاملنا على الظروف والبشر، بل أتمنى أن نستبدل ذلك بالتوازن والقناعة والإقبال على التجربة القادمة بكل أدواتنا المعرفية والإدراكية والعاطفية، وحينها فقط يمكن أن نقول: إننا عدنا وإن الحياة عادت إلى طبيعتها التي يجب أن تكون، من أجل غد أفضل لنا ولأبنائنا ولأوطاننا وللبشرية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"