سؤال الفلسفة إلـى الـواجـهـة

03:10 صباحا
قراءة دقيقتين
عثمان حسن

طرحت جائحة كورونا أسئلة كثيرة ما زالت معلقة حول دور الثقافة، والاقتصاد، والسياسة، والفلسفة، والعلوم التطبيقية، وعلوم الاجتماع، وقد تحول العالم إلى دائرة محكومة بشرائع وقوانين جديدة من زمن كورونا، مثلما عبرت عنه الشاعرة الإيطالية «ماريانجيلا جوالتيري» في قصيدتها «التاسع والعشرون» التي قالت فيها: جراء ما يحدث في هذه اللحظة، دعنا نفترض / أن الأرض ليست التي تدور / وأن القوانين ليست التي تحكم الكون كله / نتساءل، حول ما يحدث الآن / أليس هو تعبير محكم عن القانون / الذي يحكمنا أيضاً.

حولت الجائحة الأفعال والسلوكات البسيطة في حياتنا العادية واليومية، إلى آليات متدرجة صعوداً وهبوطاً، إيجاباً وسلباً، من الفعل التلقائي البسيط الذي برمج الفعل الثقافي والسياسي والاجتماعي والفني والموسيقي من خلال منصة مسيرة بالإلكترون، إلى الأسئلة الكبرى الأكثر إلحاحاً حول «خفوت» البديهيات والنظريات، إلى أسئلة أخرى غامضة حول الطب، ودور العلوم، إلى أسئلة شائكة حول الأمراض والفيروسات والجراثيم، وما هو مأمول ومتوقع من عودة الفلسفة، وعلوم الطبيعة، ورؤية العالم من وراء كمامة.

لا شك أن مفاعيل الثقافة، في زمن كورونا، قد بدأت تعيد حساباتها بالنسبة لكثير من المثقفين العرب، الذين اقترحت عليهم العزلة قراءة المزيد من الكتب، وحفزتهم على خيارات بعينها، وكان طابعها في الغالب الأعم يتجه نحو العلوم التطبيقية، التي تبحث في ضرورة تغيير وتحسين ظروف الحياة، وأيضاً كتب الفلسفة، التي تسعى لترسيخ أسمى المبادئ كحرية الفرد والتنوع والعدالة وصولاً إلى السعادة البشرية.

بعض المثقفين العرب، طرحوا سؤال الثقافة في المستقبل بالمعنى الأنثروبولوجي للثقافة، في إشارة إلى تحجيم بعض العادات والتقاليد والشعائر والسلوكات البشرية، وبدوره فقد برز علم الاجتماع إلى الواجهة في إشارة إلى كثير من الظواهر الاجتماعية الثقافية التي نجح فيروس كورونا في إعاقتها أو تجميدها.

أسئلة كثيرة نجحت الجائحة في إثارتها، وباتت تلح على المثقف العربي أن يستشف إجابات حولها، إجابات تقلل من خسائر تأثيراتها الاجتماعية والسلوكية والنفسية، خشية أن يتحول العالم إلى قرية معزولة مفككة، وخشية أن ينسحب الجميع إلى كهفه متصدعاً، ووحيداً ومعزولاً. لقد أعاد كورونا سؤال الفلسفة إلى الواجهة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتب وشاعر وصحفي أردني، عمل في الصحافة الأردنية / في القسم الثقافي بجريدة الدستور ، ويعمل اليوم محررا في جريدة الخليج الإماراتية / القسم الثقافي، صدرت له عدة كتب في الشعر بينها: "ظلال" ، وردة الهذيان / ، وكبرياء الصفة / ، كما صدر له كتاب في الإمارات بعنوان "محطات حوارية مع وجوه ثقافية إماراتية" .
له كتاب مترجم غير منشور/ قصائد عن الإنجليزية، نشرت بعض هذه القصائد في "ثقافة الدستور" وفي مواقع إلكترونية محكمة مثل موقع "جهة الشعر.
شارك في أماسي وملتقيات شعرية عربية كثيرة، وقد قدمت حول نتاجاته الأدبية الكثير من القراءات النقدية.
عضو رابطة الكتاب الأردنيين ، وعضو نقابة الصحفيين الأردنيين.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"