علي أبو الريش وكتابه «دبي.. أيقونة الحياة»

02:49 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم:عبدالغفار حسين


هذا العنوان الجميل الذي اختاره علي أبو الريش، الكاتب والمفكر والفيلسوف الإماراتي، لمدينة دبي، التي يعشقها كل من عاش فيها وجاء واتخذها مسكناً وموطناً.. ولم أجد حتى الآن من كره دبي أو امتعض من وجوده فيها، فهي مدينة خفيفة الظِل والدم، يأنس إليها الغريب قبل أهلها.
وعلي أبو الريش الذي ألّف هذا الكتاب، معروف بأنه يحمل قلماً يسكب على الورق عندما يكتب، مداداً ممزوجاً بعصير قصب السكر، من قلم يعرف الحب لأي شيء ينقشه على الورق، فكيف إذا كان هذا الشيء عن دبي، المكان الساحر الذي يحبه ويتفاعل معه في هذا الحب كل جوارحه ووجدانه؟ ولا يكتب أبو الريش مقدمة نثرية كما هو معتاد في مقدمات الكتب، التي يشرح فيها مؤلفوها عادة ما يريدون قوله في ثنايا الكتاب؛ بل يتحفنا أبو الريش بافتتاحية جميلة لكتابه، بقصيدة غاية في الروعة، مبنى ومعنى، تتراقص كلماتها كأنها صف من فتيات مغنيات يتمايلن طرباً وشوقاً إلى ما يجسد لهن أبو الريش الشاعر، من حفل بهيج للخاطر والأنظار.
وكلمات الحب والعشق والحنان التي يسكبها علي أبو الريش على السطور التي يحتويها كتابه «دبي أيقونة الحياة»، والتي تضمها صفحات الكتاب البالغة قرابة مئة وثلاثين صفحة، ويناجي بها دبي، هذه المدينة الأيقونة الرقيقة التي يهيم بها علي أبو الريش، هذه الكلمات من نثر وشعر وجُمل ومفردات لو استعرضناها لاحتجنا إلى كتاب ملحق آخر نُترجِم فيه هذه المشاعر الفياضة التي يسكبها أبو الريش بين أيدينا (1) عما في خاطره.. وعن دبي الأيقونة.. يقول أبو الريش: «هذه دبي، هذي منطقة في مُقل العشاق، هذه أشواق الأشواق، وأنساق الأنساق، هذه دبي، فكل الشعر وكل النثر وكل الحبر قبل دبي احتمال، وبعد
دبي سؤال يفيض بسؤال، وكل الأشياء قبل دبي نوايا، وبعد دبي شظايا.. كل الأشواق قبل دبي أضغاث، وبعد دبي سبب في حلم العشاق». و«هذه دبي وفي فمك بالأسحار السحرية والحروف السحرية، وقلبي؛ إذ يقرأ الأسماء وجد في معزة دبي طفلًا يتهجى الأبجدية ويكتب كلمات فطرية، ويكتب أسماء مثل الأسماك النهرية، ويكتب جملًا تهرب من بين أصابعه مثل حبال الرمل الذهبية». و«هذه دبي، هذه شوارع دبي محيطات مطوقة بأعشاب ربيعية، وغابات مَلأى بالغزلان والأشجان وابتسامات الورد وأحلام الطير، ووشوشة النخل للنخل، وصقيع البرد في الصيف». و«هذه دبي كنخلة صيف لؤلؤها عنقود وعطرها من عَبِق الرمان، هذه دبي قد زخرفت النبل بأصناف الأزهار، وأعطت للنجمة وهجاً، وأعطت للنخلة سرجاً، وأعطت للحب مداراً يستقصي النجباء».
ويختم أبو الريش حديثه عن أيقونته بهذه الأبيات الرائعة (2) التي غرفها حقاً من شغاف قلبه:
سماء دبي بها تستضيء
                 كأن المفكر جاء رسولا
له تستنيخ المطايا وتحني
                عقود المحبة نوخاً ذلولا
رعى الله شهماً به تستفيق
         نوايا الصحارى سهولاً سهولا
يقيني بأن دبي كتابٌ
              وأن المفكر كان الفصولا
فإن الجمال سؤالٌ عصيبٌ
              ويبقى الفطين بهذا جهولا
إذا ما تساوى النهارُ بليلٍ
           تكونين أنتِ الزمان الطويلا
فأنتِ الغموض وأنتَ النهوض
            صنعت التفوق والمستحيلا
وأسرجتِ خيلًا إلى الامتياز
               فنلت التميزَ والسلسبيلا
وعلى هذا المنوال، يأخذنا أبو الريش بأغانيه الحلوة التي ينشدها، وهو في حالة استغراق متناه يردد اسم دبي، ويناديها بأحلى ما يجد لها من أسماء لهذه الأيقونة، التي هي دبي، مدينة الحب، وما في الحب من جَمال.

(1) - كتاب «دبي أيقونة الحياة» ص 105
(2) - الغلاف الخلفي لكتاب «دبي أيقونة الحياة».
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"