مشكلات النظر.. تعـوق تناغـم الرؤيـة عــند الأطـفال

00:53 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يقوم طبيب الأطفال حديثي الولادة بفحص جميع أعضاء المولود بعد الولادة مباشرة، وأهم الفحوص تجرى للعينين؛ حيث إن الكشف المبكر؛ يتيح فرصة السيطرة على الإصابات، والحد من تفاقمها، وزيادة نسبة نجاح العلاج والشفاء، ويمكن أن تظهر هذه المشكلات خلال أول عامين بعد الولادة مثل الحول والعين الكسولة، أو في مرحلة الطفولة إلى البلوغ، ومنها على سبيل المثال مد البصر، وقصر النظر، وفي هذا التحقيق يتحدث الأطباء عن بعض أمراض العيون، التي تؤثر في جودة الرؤية عند الأطفال، وكيفية الوقاية والعلاج.
تقول الدكتورة داراكشاندا خورام استشاري طب عيون الأطفال: إن طول النظر هو عيب انكساري شائع في العين، تكون فيه رؤية الأجسام البعيدة أفضل من القريبة، ويمكن أن يطلق عليه مصطلح مدّ البصر، وتنتج هذه الحالة عن كون مقلة العين أصغر من المتوسط، ما يؤدي إلى تركيز الصور خلف الشبكية، ويجعل الأشياء القريبة تبدو غير واضحة، وتشمل الأعراض الرؤية الضبابية، وهن البصر، الغمش (العين الكسولة)، الحول، الصداع، وفي الحالات المعتدلة تكون علامات طول النظر مبهمة وعرضية كحسور العين، التحديق عند القراءة، وصعوبة في نقل تركيز البصر من القريب إلى البعيد، إعياء، إلى جانب عينين دامعتين متعبتين، الترمش المفرط.


وسائل التشخيص


توضح د. داراكشاندا أن تشخيص بعد النظر يتم بواسطة الأخصائي عن طريق إجراء فحص شامل؛ لقياس قوة البصر؛ لتقييم مدى الإصابة وتحديد درجاتها، وتتم توسعة بؤبؤ الصغار والبالغين بواسطة قطرات قبل إجراء الفحص الانكساري؛ لأن درجات بعد النظر المتدنية، يصعب رصدها بفعل زيادة القوة الانكسارية لعدسة العين، وتدعى هذه الحالة «طول النظر المحتجب»، وتجدر الإشارة إلى أن مفعول تلك القطرات، يمكن أن يدوم بضع ساعات؛ لذا من المستحسن الامتناع عن القيادة أو استخدام الآلات؛ لتجنب إضرار الشخص بنفسه أو بالغير.


عدسات تصحيحية


تؤكد د.داراكشاندا أن علاج بعد النظر يتوقف على عدة عوامل؛ مثل: عمر المصاب، مهنته، وطبيعة الأنشطة التي يقوم بها، ولا يحتاج معظم المصابين إلى علاج، ولكن يعد ارتداء النظارات أو العدسات اللاصقة الأفضل للحالات الأخرى؛ حيث إن العدسات التصحيحية تعمل على إعادة تركيز الضوء على سطح الشبكية، من دون أن تغير البصر، إضافة إلى أنها قادرة على السيطرة على الأعراض المرافقة، كما أن الجراحة بالليزك تستخدم في تصحيح بعض أنواع طول النظر.


قصر النظر


يذكر الدكتور نمير كافل استشاري طب عيون الأطفال، أن قصر النظر من العيوب الانكسارية التي تصيب العين، وتتسبب في رؤية الأشياء القريبة بوضوح، وتكون الأجسام البعيدة مبهمة، وتحدث هذه الحالة عندما تركّز القرنية والعدسة الضوء أمام الشبكية، عوضاً عن تركيزها مباشرة على سطحها؛ لأن العين تكون أكبر بقليل مما يجب، وهناك عدة عوامل تسهم في حدوث قصر النظر، كالعوامل الوراثية والبيئية، ويظهر هذا في أي عمر وخلال مرحلة البلوغ عادة، وهناك اعتقاد خاطئ شائع بأن قصر النظر يزول من تلقاء نفسه مع التقدم بالعمر، وعلى الرغم من أن المرضى الذين يعانون درجة منخفضة من قصر النظر يمكنهم القراءة من دون نظارات طوال حياتهم، فإن رؤيتهم للأشياء البعيدة تظل ضعيفة.


علامات الإصابة


يبين د.نمير أن أعراض قصر النظر تظهر من خلال إغماض العين بشكل جزئي في أحيان كثيرة، والتحديق المستمر، وتقريب الكتب أو الأشياء الأخرى إلى العينين، وصعوبة في القيادة وخاصة في الليل، وعدم التمكن من قراءة الكتابات والرموز على اليافطات أو على شاشة التلفاز، وفي بعض الأحيان يشعر المصابون بقصر النظر بألم في الرأس أو بحسور في العين (إجهاد) على أثر الجهد في محاولة تركيز نظرهم لرؤية الأشياء، ويسمى التعديل البؤري.


أنواع متعددة


يلفت د.نمير إلى أن قصر النظر يقسم إلى ثلاثة أنواع:
* قصر النظر بدرجة معتدلة إلى شديدة؛ حيث إن المصابين لا يمكنهم رؤية الأشياء التي تبعد عن عينيهم بضعة إنشات من دون استخدام عدسات تصحيحية.
* قصر النظر الانحلالي؛ وهي حالة نادرة الحدوث، تستمر من خلالها العين بالاستطالة متجاوزة الحدود الطبيعية، ما يعرضها إلى مضاعفات خطرة ومنها تمدد العين وترقق الصلبة (بطانة العين الخارجية)، انفصال الشبكية، التحلل البقعي، وتضاعف احتمال الإصابة بعتامه العدسة وحتى بداء الزرق.


قياس قوة البصر


يؤكد د.نمير أن تشخيص قصر النظر يتم عن طريق إجراء فحص شامل؛ لقياس قوة البصر؛ لتقييم مدى الإصابة وتحديد درجاتها؛ حيث يجب على المصاب قراءة مختلف الحروف على لوحة بصرية، كما يساعد احتساب معامل انكسار الضوء بواسطة منظار الشبكية أو جهاز انكسار الذاتي، في تحديد درجة الإصابة، ويعد وصف النظارات أو العدسات اللاصقة الملائمة خير علاج لقصر النظر؛ حيث إنها تعوّض عن الشكل الطويل للعين، ما يسمح للضوء بالتركيز بشكل صحيح وسقوطه على شبكية العين، وتعد جراحة تصحيح عيوب النظر الانكسارية مثل الليزك وتقنية بي آر كي وغيرها، من الخيارات العلاجية الناجحة.


أسباب الحوَل


تقول الدكتورة لويزا ساستري أخصائية طب العيون وعلاج الشبكية: إن الحوَل هو مصطلح يوصف عدم الاتساق بين اتجاهي العينين، وفي بعض الحالات يولد الطفل، وهو يعاني الحوَل، وربما يُصاب به مع التقدم في العمر بشكل مفاجئ أو تدريجي بطيء، ويمكن أن يكون دائماً أو متقطعاً فقط، ويلعب الكشف المبكر دوراً مهماً في العلاج، وخاصة أن هذه المشكلة لا تتحسن من تلقاء نفسها، وتنقسم أنواع الحول كالآتي:
* الحوَل الدائم؛ حيث يكون اتجاه العين منحرفاً بشكل دائم عن اتجاه العين الأخرى.
* الحوَل المخفي وهو النوع الأكثر شيوعاً، ويظهر عند تغطية العين أو الإرهاق أو عند وقت النوم.
* الحوَل المتبادل الذي يحدث بالتناوب في العينين اليمنى واليسرى في نفس الوقت.
* الحول الكاذب الناتج عن تطور ملامح الوجه عند الرضّع، خاصة عندما يكون جسر الأنف عريضاً بين العينين.
* الحوَل الشلَلي الذي يصيب كبار السن أكثر من غيرهم، وخاصةً من يعانون ارتفاع ضغط الدم أو مرض السكري أو السكتة الدماغية.


الرؤية التجسيمية


تنبه د.لويزا إلى أن الحوَل يؤدي إلى عدم تناغم العينين في العمل معاً، ويمكن أن يؤثر في إدراك العمق أو الرؤية الطبيعية «ثلاثية الأبعاد»، وفي حالات الإصابة المبكرة؛ يتمثل الهدف الرئيسي للتدخل المبكر في تحقيق اتساق العينين؛ لإعطاء أفضل فرصة ممكنة لتطوير قدرة العينين على العمل مع بعضهما بشكل متناغم، وعلى الرغم من عدم إمكانية المرضى الذين لا يمتلكون هذه القدرة على الرؤية ثلاثية الأبعاد أو الرؤية التجسيمية، فإن هذه المشكلة لا تحدث لمن يعانون من حوَل الطفولة؛ حيث يتكيّف دماغهم مع هذا الوضع، ويتعلمون استخدام الإشارات الموجودة في بيئتهم؛ لمساعدتهم في إدراك العمق.


فحوص متنوعة


تبين د.لويزا أنه في حال الاشتباه في الحوَل، يجب إجراء فحص شامل لعيون الطفل من قبل أخصائي تقويم البصر؛ لتأكيد نوع الحوَل ودرجته، وتحديد العلاج الأفضل لكل حالة، ويبدأ الفحص بإجراء مقابلة طبية مفصلة، ثم التحقق من حدّة البصر، وفي حالة وجود خلل في الرؤية أو الحوَل، يتم وضع قطرات في العين؛ لتوسيع الحدقة وإرخاء العضلات الهدبية، ولا يمكن فحص شبكية العين بالكامل إلا بهذه الطريقة، وكذلك تشخيص العيب الانكساري ودرجته، إن وجد.


خيارات علاجية


تشير د.لويزا إلى أن بعض حالات الحوَل ثابتة، ويمكن ملاحظتها عندما يكون الطفل متعباً أو مريضاً أو في ضوء الشمس الساطع، ولذلك يجب مراقبة قدرته على التحكم بعينيه وإبقائهما بشكل مستقيم، وفي حال تفاقم الحالة فهناك عدة خيارات للعلاج، نذكر منها:
* يرتبط الحوَل بعيوب الانكسار، ما يجعل هناك حاجة دائمة لارتداء النظارة الطبية، وفي الأغلب تكون على شكل درجة معتدلة من مدّ البصر، وربما تقوم بتصحيح الحوَل بالكامل عند بعض الأطفال.
- في حالة الحول المبكر الذي يصيب الطفل من الولادة، يعتمد العلاج على العملية الجراحية؛ لتقوية أو إضعاف أو تغيير موضع العضلات المرتبطة بالعين، لكي يصبح الوضع أكثر اتساقاً، وإعطاء المريض أفضل فرصة ممكنة لتطوير وظائف العينين، ومن الخيارات الحديثة توجد حقن البوتوكس في عضلات العين.


الغمَش


تظهر مشكلة الغمَش أو «العين الكسولة» خلال مرحلة الطفولة، وينجم عنها عدم تطور رؤية الطفل بالطريقة الطبيعية، وفي حال وجود حوَل في إحدى العينين، فإن الدماغ يتجاهل الصورة القادمة من تلك العين؛ لتجنب ازدواج الرؤية، وفي هذه الحالة، يعتمد الدماغ بشكل أكبر على العين الأخرى، وبالتالي لا يتم تحفيز المسار البصري في العين المصابة بالحول بما فيه الكفاية ويحدث الغمَش، ويجب علاج هذه الحالة قبل أن يبلغ الطفل سن الثامنة حتى تكون النتيجة ناجحة وفعّالة، ويعد ارتداء النظارات الطبية هو الأفضل، إضافة إلى تمارين النظر لتحفيز العين المصابة على العمل، ويمكن اللجوء إلى جراحة الساد أو تصحيح الجفون المتساقطة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"