كتاب «حياة الشرق» لمحمد لطفي جمعة المحامي

03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
بقلم:عبدالغفار حسين

هذا الكتاب المفيد «حياة الشرق» الذي ألفه صاحبه في الثلاثينات من القرن الماضي، أي قبل ما يقارب تسعين عاماً مضت عن يومنا هذا، هو من أحسن الكتب التي تناولت بعض شؤون منطقة الخليج في مئة وخمسين عاماً تقريباً. وأهم ما في هذا الكتاب هي أضواء من عُمان يلقيها المؤلف على هذا البلد العريق، ويخبرنا عن أحواله، وما كان فيه من المَجد في تلك الأيام، التي لم يكن هناك بلد عربي مستقل ويدير نفسه كما كانت عليه عُمان.
ويقول كتاب «حياة الشرق» عن البحرية العُمانية (1): «إن في شرق الجزيرة العربية وعند الخليج إمارات وسلطنات ودويلات صغيرة شأنها شأن الجزيرة العربية، من حيث كونها إسلامية شرقية، ولكن إنجلترا بسطت عليها نفوذها من زمن طويل، لا لأنها أغنى بلاد العالم بجواهرها ولآلئها ودراريها، ولكن لقربها من الهند وخطورة مركزها السياسي. وهي تفوق من تلك الناحية جنوب الجزيرة الغربي، حيث توجد عدن وغيرها من الإمارات والسلطنات الصغيرة الواقعة هي أيضاً تحت النفوذ البريطاني، ومن تلك الولايات العربية: إمارة عُمان، فإن لها تاريخاً يهم كل عربي؛ لأنها رفعت علم الناطقين بالضاد إلى أوج السماء في القرن العاشر الهجري، فقال بعض المؤرخين: «إنه لم تقم لهم قائمة منذ خرجوا من الأندلس بغير عُمان»، التي دامت نهضتها من سنة 1000 إلى 1250 هجرية، فنشأ بها فطاحل عظماء كوّنوا دولة عربية قائمة على أساس العدل، واستولت على بعض ثغور البحر الأحمر ثم على المحيط الهندي و«الخليج الفارسي» فإفريقيا الشرقية إلى رأس الرجاء الصالح، وفي بضعة أجيال صار أهل عُمان سادة على هذه البحار الثلاثة العظمي، وصار لهم أسطول ضخم هاجم الأسطول البرتغالي ومزقة إرباً، وشتت شمل البرتغاليين وأجلاهم عن جميع الثغور الهندية والفارسية والإفريقية، وكان الأسطول العُماني مؤلفاً من ثلاثمئة قطعة، بين بارجة وفرقاطة ونسافة وحراقة، وقد وصفه سرهنك باشا في كتابه «دول البحار»، وذكره كثيرون من مؤرخي الشرق وذكروا أسماء السفن الكبرى، التي كانت تشبه المدرعات والدردنوط والطرادات الأوروبية، وهو الأسطول الإسلامي الرابع والخامس، الذي ظهر في البحار بعد أسطول صلاح الدين الأيوبي، وقبل أساطيل الدولة العثمانية والأسطول المصري، الذي تألبت عليه الدول وقضت عليه في موقعة «نافارينو» ومن أسماء تلك السفائن الحربية العُمانية «الفلك» و«الملك» و«الناصري» و«كعب رأس» والرحماني والإمامي واليعربي وعُمان ونزوي والفتح والنصر ويعرب وقحطان. كما يسمى الإنجليز مراكبهم «الملكة إليزابيث» و «فيكتوريا» و«نلسون» وغيرها..
ومن البديهي أن الإنجليز لم يصبروا على هذه الدولة البحرية الشرقية، التي كانت تهددهم في أملاكهم في آسيا وإفريقيا، وقد يستقر نفوذها في الهند وإندونيسيا والهند الصينية شرقاً، وإلى شرق إفريقيا والسودان وجنوب إفريقيا غرباً، بعد أن امتد ذلك النفوذ إلى تلك النواحي فعلاً، فعملت في مدى ثمانين عاماً على إضعاف تلك الدولة، والقضاء على أسطولها، ثم الاستيلاء على بلادها وقهرها شيئاً فشيئاً. وما زالت بريطانيا تعمل على انحلال تلك الدولة العُمانية البحرية إلى وقتنا هذا، وهذه السلطنة يحكمها الآن السلطان تيمور».
وقد ذكر عن البحرية العُمانية وقوتها ودور عُمان في الخليج وبحر عُمان والمحيط الهندي الكثيرون من المؤلفين بتفاصيل كاملة، خاصة في كتاب «حاضر العالم الإسلامي» الذي شارك في تأليفه شكيب أرسلان، وهو من الشخصيات العربية التي عاشت في أواخر القرن التاسع عشر والربع الأول من القرن العشرين.

(1)كتاب «حياة الشرق» ص 85:84
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"