د. سهيل البستكي: خدمة الوطن تكليف

شكراً خط دفاعنا الأول
03:29 صباحا
قراءة 4 دقائق
حوار: يمامة بدوان

عندما تحل الأزمات والكوارث في بلد ما، فإنها تكشف المعادن والحقائق وتبين الغث من السمين، فالعمل لأجل الوطن وبذل أقصى الطاقات في الظروف غير الاعتيادية، يأتي بثماره تجاه المجتمع بكل أطيافه وفئاته، وفي ظل جائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19)، لمع في سماء الوطن العديد من أبنائه في خط الدفاع الأول، والذين آثروا على أنفسهم كي يقدموا الخدمات لمجتمعهم، متحدّين الصعاب، وخطورة إصابتهم بالعدوى ومعرضين محبيهم للمخاطر نتيجة اختلاطهم بهم. ومن جنود الوطن الذين يقفون في خط الدفاع الأول، هم مسؤولو منافذ بيع تجارة التجزئة، الذين سعوا على وجه السرعة إلى توفير مخزون إستراتيجي من المنتجات الغذائية وغير الغذائية، يلبي حاجة المستهلكين، ولمختلف الجنسيات والثقافات.
يوجد د.سهيل البستكي، مدير إدارة السعادة والتسويق في تعاونية الاتحاد بدبي، على رأس عمله بشكل يومي ولمدة تزيد على 16 ساعة طوال أيام الأسبوع، معتبراً أن خدمة المجتمع في أوقات الطوارئ هو تكليف وليس تشريف، غير آبه للوباء الذي حل بالعالم، من أجل تذليل الصعوبات أمام المستهلكين، وتقديم النصح والإرشاد لهم، والتأكيد على أهمية التسوق بحسب الاحتياجات فقط.
وأوضح أنه منذ بداية الأزمة، عمدت تعاونية الاتحاد إلى القيام بحزمة من الإجراءات الاحترازية، كخطوة استباقية، من خلال تعقيم عربات التسوق وغسلها بالماء والصابون بشكل دوري، إلى جانب تعقيم الفروع كافة يومياً، وتوفير الكمامات والقفازات والمعقمات على مداخل فروع التعاونية، إضا فة إلى الأكياس الصديقة للبيئة لتغطية مقابض عربات التسوق تستخدم لمرة واحدة، كما ألزمت التعاونية مرتاديها ارتداء الكمامات والقفازات كشرط لدخول صالات العرض.
وأكد أن تعاونية الاتحاد تعمل بشكل كبير وبالتوازن مع الجهات المعنية، لتوفير مخزون سلعي بشكل كبير، حيث إنها تعمل مع أكثر من 50 دولة لاستيراد السلع، إلى جانب امتلاكها أحد أكبر مستودعات السلع الغذائية وغير الغذائية في العالم، انطلاقاً من حرص القيادة الرشيدة على توفير احتياجات أفراد المجتمع، وتأكيداً على مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة «لا تشلون همّ» وأن «الغذاء والدواء خط أحمر»، التي أسهمت في خلق حالة كبيرة من الطمأنينة والارتياح، ما كان انعكاساً إيجابياً على ثقافة وفكر المستهلك.


جهود مضاعفة


شدد د.سهيل البستكي على أن قطاع البيع بالتجزئة يعد خطاً من خطوط دفاعنا الأول، حيث إن قطاع الغذاء أساسي ومهم جداً، مما حدا بالمسؤولين فيه إلى أن يبذل جهوداً استثنائيةً جبارة ومضاعفة، لتوفير السلع والمنتجات لأفراد المجتمع، حيث إن خط الدفاع الأول في تعاونية الاتحاد يتمثل في المحصلين ومساعديهم وموصلي الطلبات وغيرهم، الذين يعملون دون كلل وملل، لتقديم أفضل الخدمات للمستهلكين، مع الحفاظ على الابتسامة وروح التفاني رغم الضغط الشديد بالعمل، كما أن قطاع العمليات والشؤون الإدارية والإدارة التنفيذية تعمل على توفير السلع والتنسيق مع الدول والموردين بشكل مستمر رغم اختلاف التوقيت، حيث إنه يتوجب عليهم العمل على مدار 24 ساعة، أما موظفو المتجر الإلكتروني وتوصيل الطلبات، فإنهم خلال الفترة الماضية تضاعف معدل عملهم ما يقارب 600% مقارنة مع الفترة السابقة، وما زالوا يعملون بكل تفانٍ لتوفير كل ما يحتاج إليه المجتمع من مواد ومنتجات.


ما بعد العمل


قال د.سهيل البستكي إنه بعد ساعات العمل غير المحددة يومياً، والتي تستمر أحياناً إلى ما بعد منتصف الليل، فإنه مثل كل رب أسرة، يعود إلى بيته ليجد أبناءه ينتظرونه على أحر من الجمر، لكنه وبحكم اختلاطه مع العديد من أفراد المجتمع ومن مختلف الجنسيات، خلال تنقله من فرع لآخر من فروع التعاونية، تزداد لديه المخاوف والتدابير أيضاً، فمنذ بداية الجائحة، عمد إلى العمل وفق التدابير الاحترازية التي تصدرها منظمة الصحة العالمية والجهات المختصة بالدولة، للحد من انتشار العدوى، سعياً منه للحفاظ على صحته وسلامة عائلته، إلا أن ابتسامة أبنائه كفيلة بإزاحة مشقة العمل ومخاطره عن كاهله.
وتابع: إنه بعد الانتهاء من العمل الرسمي، يقوم بعملية تعقيم شاملة، تبدأ من السيارة
وتنتهي بالهاتف المتنقل، حفاظاً منه على سلامة أفراد عائلته وأبنائه، الذين ينتظرونه كي يساعدهم في متابعة دراستهم اليومية عن بُعد، والاستماع إلى ملاحظاتهم «الطفولية» عن شعورهم وهم يلتقون بزملائهم يومياً عبر شاشة «الآي باد» و«اللابتوب»، كذلك تمضية بعض الوقت معهم، بعيداً عن الدروس، من أجل كسر روتين الحياة اليومي، حيث أطلق تحدياً بينهم لقراءة مجموعة كتب تناسب أعمارهم، وعمل امتحان بسيط لهم، ومن ثم تقديم جوائز عينة ومادية لهم، كنوع من التحفيز، ولرفد مخزونهم المعرفي بمعلومات جديدة وقيمة، تسهم في بناء شخصياتهم.


حوافز أسرية


أوضح البستكي أن بعض أبنائه يبادرون بشكل دائم إلى الاتصال به هاتفياً، حينما يكون على رأس عمله، راجين إياه بتوخي الحيطة والحذر، بل إن ابنته «نورة» والبالغة 13 عاماً تؤكد وبشكل يومي تعقيم يديه وأهمية ترك مسافة آمنة بينه وبين الآخرين، تخوفاً من إصابته، حيث تقول له وبأسلوبها البريء: «ارجعلنا سالم»، حتى باتت هاتان الكلمتان تشكلان حافزاً له كي يحافظ على صحته من أجل أبنائه الذين ينتظرون عودته سالماً، أما «حمدان» ذو ال 6 سنوات فكثيراً ما يتساءل ببراءة: «انت ليش مب ويانا في البيت؟» فيأتي الرد من زوجته «أم سلطان» قائلة: «كثيرون هم من يعملون لكي نبقى في البيوت آمنين». وأضاف: زوجتي لها دور كبير في توعية أبنائي بأهمية البقاء بالبيت، كما يساعدني ابني البكر «سلطان» في كثير من الأمور، فهو يدرس الهندسة الكهربائية في جامعة دبي، وله دور كبير في هذه الفترة، من خلال متابعته إخوته، وحرصه على أن ينوب عني في مراجعة دروسهم أثناء وجودي خارج المنزل، أما «حمدة» فلا تزال صغيرة ولم تكمل عامها الثاني، إلا أنه من الصعب إيقافها عند دخولي المنزل، حيث أحزن كثيراً لأنني لا أستطيع معانقتها إلا بعد التعقيم وتبديل ملابسي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"