مشكلات اللثة.. مرض شائع وتداعيات خطرة

01:44 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

تغطي اللثة عظام الفكين (العلوي والسفلي) التي تدعم الأسنان وتغلفها بإحكام؛ لتحد من فرصة نمو البكتيريا، وتتسم اللثة بأنها نسيج رخو وشفاف ورقيق، ما يجعلها عرضه للعديد من الآفات التي تؤثر في الصحة العامة للإنسان، وتهدد سلامة الأسنان، وتعد مشكلات اللثة من الأمراض الشائعة التي تستهدف معظم الأشخاص في جميع المراحل العمرية، ويعد الإهمال في نظافة الفم والأسنان أهم أسباب تعرضها للإصابات المختلفة؛ كالالتهاب والنزيف والانحسار وغيرها، وفي السطور القادمة يحدثنا أخصائيو الأسنان عن هذا الموضوع تفصيلاً، وطرق الوقاية والعلاج.
تقول الدكتورة ساندي سمير طبيبة الأسنان والتجميل، أن اللثة تلعب دوراً مهماً في حماية الأسنان، وهناك علاقة متبادلة بينهما؛ إذ إن اللثة تقوم بتثبيت السن لتتم عملية الإطباق بشكل سليم، ومن خلال القوة الإطباقية تنشط اللثة، ويبقى النسيج الداعم حياً، وفي حال تعرضها لمشكلة ما، فإن الجسم يقوم بإفراز مواد تعمل على تأكل العظم والأربطة التي تمسك الأسنان، وربما تكون آفات اللثة هي انعكاس لأمراض أخرى بالجسم، كالالتهابات الجرثومية في الفم، ونقص خلايا الصفائح الدموية، وفيتامين (C،K )، ومشكلات القلب والرئة والكلى، ومضاعفات داء السكري، ويصاحب سرطان الدم حدوث نزيف شديد وتضخم باللثة، إضافة إلى الآثار الجانبية لأدوية ارتفاع ضغط الدم أو الصرع، كما أشارت الأبحاث إلى دور التهابات اللثة المتقدمة في تصلب الشرايين وأمراض القلب التاجية مثل الذبحة الصدرية أو الجلطة.


فئة مستهدفة


تذكر د.ساندي أن أمراض اللثة لا ترتبط بمرحلة عمرية محددة؛ لكنها تستهدف على الأكثر الأشخاص الذين يعانون داء السكرى، أو من لديهم اختلال الجلوكوز الصومي، وسرطان الدم؛ حيث إن التهابات اللثة تعــــد من مظاهر الاضطرابات الدموية، وكذلك الأمراض الوراثية كمتلازمة داون، واضطراب نقـــص التصاق الكريات البيض، ومتلازمة بابيلون ليفيفر، والورم الحبيبي المزمن، وندرة المحببات الوراثية للأطفال، ومتلازمة كــــوهين، ومـــرض كــــرون وداء الأمعــاء الالتهــابي، ومــــتلازمة مــــــارفان إلخ.
وتضيف: يمكن أن تحدث حساسية ونزيف اللثة؛ نتيجة تفريش الأسنان بقوه أو بطريقه خاطئة، أو احتمالية عدم ملائمة الطقم لمقاس الأسنان بشكل صحيح، أو بسبب التغيرات الهرمونية أثناء فترة الحمل؛ ولذلك تفيد الزيارة الدورية لطبيب الأسنان في متابعة هذه المشكلات وعلاجها مبكراً، وتجدر الإشارة إلى ضرورة تجنب العلاج خلال تفاقم الأورام الخبيثة أو في المراحل النشطة من العلاج الكيماوي، وفي حال تناول مضادات الميكروبات؛ حيث إنها تخفض عدد كرات الدم البيضاء.


التهاب اللثة


تذكر الدكتورة مي توكل طبيبة الأسنان أن اللثة تمثل الجزء المحيط بجذور الأسنان، ويعد الالتهاب من المشكلات الشائعة التي تتسبب في تهيج واحمرار الأنسجة اللثوية، إضافة إلى بعض الأعراض الأخرى مثل:
* نزيف اللثة يعد من أهم الأعراض الأولية التي تدل على الإصابة بالالتهاب.
* رائحة الفم الكريهة أيضاً علامة مبكرة؛ حيث إن البكتيريا المرتبطة بالمرض تحلل جزيئات الطعام في الفم.
* تحول اللثة من لونها الوردي الطبيعي إلى الأحمر مع وجود انتفاخ وتورم.
* تراجع اللثة عندما تترك الجذر تحتها مكشوفاً، وربما يلاحظ المريض بأن الأسنان أطول من السابق، والشعور بشد في المنطقة؛ حيث التقاء اللثة بالسن.
* عدم الاهتمام بنظافة الفم.


مشكلات متعددة


تلفت د.مي إلى أن هناك بعض العوامل التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالتهابات اللثة كالأسنان المعوجة التي يكون من الصعب تنظيفها، المشكلات المرضية التي تسبب انخفاض مناعة الجسم، وأهمها ابيضاض الدم (اللوكيميا) أو نقص المناعة البشرية الإيدز أو علاجات الأورام الخبيثة، وجفاف الفم، كما يمكن أن يتطور التهاب اللثة غير المُعالج ليصبح مرضاً؛ حيث ينتشر بدوره في الأنسجة والعظم الواقعين تحت اللثة، ويطلق عليه التهاب دواعم السن، وهي حالة خطرة يمكنها أن تؤدي إلى فقدان الأسنان، وبعض العادات الخاطئة؛ مثل: التدخين أو مضغ التبغ، سوء التغذية، بما في ذلك نقص فيتامين ( C)، ومراحل العمر المتقدمة.
وتضيف: في حال ظهور أعراض التهاب اللثة يجب التواصل مع طبيب الأسنان بشكل مبكر، وتحديد موعد لإجراء الفحص وتقييم صحة الفم والأسنان، لوضع خطة العلاج المناسبة للحالة والتي تتمثل في تنظيف الأسنان وتجريف اللثة ووصف الأدوية.


انحسار اللثة


يشير الدكتور أحمد طلبة طبيب الأسنان إلى أن معظم الأشخاص يعانون مشكلات اللثة وخاصة عند إهمال نظافة الفم، ويعد انحسار اللثة من أبرز وأخطر هذه الآفات؛ حيث إنها حالة تتراجع فيها اللثة عن سطح الأسنان؛ لتكشف جزءاً من الجذور ذات الحساسية العالية، وفي بعض الحالات يكون الانحسار طبيعياً، وربما يكون دلالة على وجود مشكلة صحية أخرى، وتشمل الأعراض ألماً وتقلصاً بشكل ملحوظ في اللثة، إلى جانب حدوث نزف واحمرار وتورم، ورائحة كريهة في الفم، وخلخلة الأسنان وسقوطها، وظهور أجزاء من الجذور، ما يؤدي إلى حساسية مفرطة في الأسنان.


عوامل الإصابة


يؤكد د.أحمد أن أهم أسباب انحسار اللثة هو الإهمال في تنظيف الفم لفترات طويلة، ما ينجم عنه تراكم جير الأسنان، وبالتالي تبدأ اللثة بالابتعاد عن الأسنان، وتشكيل «جيوب» حولها، ما يسمح بتراكم كميات أكبر من بكتيريا البلاك، ومع مرور الوقت، يزيد عمق هذه الجيوب وتستمر اللثة في الانحسار وتصبح الأسنان رخوة ومتخلخلة، إضافة إلى التقدم في العمر وبعض العوامل الأخرى التي تزيد من انحسار اللثة مثل:
* عدم تساوي الأسنان أو في حال كانت ملتوية أو غير متسقة؛ لأنها تسبب ضغطاً على اللثة والعظام.
* تنظيف الأسنان بعنف باستخدام فرشاة أسنان قاسية أو فركها بقوة، ما يؤدي إلى تآكل مينا الأسنان وتراجع اللثة.
* تزداد فرص إصابة المدخنين؛ حيث يتسبب التبغ في تراكم اللويحات على الأسنان ويصعب إزالتها.
* الإصابة بآفات اللثة البكتيرية، التي تدمر الأنسجة الداعمة للأسنان، وكذلك بعض الأمراض المزمنة وعدم التحكم بها كداء السكري، ارتفاع ضغط الدم، أمراض القلب والشرايين، هشاشة العظام.


وقاية وعلاج


ينصح د.أحمد ببعض الإرشادات الصحية التي تساعد في الوقاية من انحسار اللثة، وأهمها غسيل الأسنان يومياً 3 مرات في المنزل، وتجنب الإفراط في فركها أو استخدام الفرشاة القاسية، وتنظيفها مرة كل 6 أشهر عند زيارة عيادة الأسنان، وتناول المضادات الحيوية، وغسول الفم المضاد للميكروبات بوصفة من طبيب الأسنان، لتوقيف انحسار اللثة.
ويضيف: أما الحالات المتقدمة، فيمكن أن يلجأ الطبيب للقيام بإجراء جراحي؛ لمنع المزيد من التضرر، وتعتمد الجراحة على رفع اللثة ثم إعادتها مرة أخرى بعد الانتهاء؛ حيث يقوم خلاله بتنظيف عميق للأنسجة وكشط الجذور والجيوب المتكونة بين الأسنان؛ وذلك للتخلص من البكتيريا والجير المتراكم داخل اللثة.


تصبغات اللثة

تتميز اللثة السليمة بلونها الوردي الفاتح، ويولد بعض الأشخاص بلثة داكنة؛ نتيجة ارتفاع إنتاج الخلايا الصبغية أو الميلانين لديهم، ولكن عند حدوث تغيير غير طبيعي، يكون إشارة على وجود مشكلة مرضية، كالإصابة بالتهابات اللثة، ومرض أديسون، ويعد التدخين من أبرز الأسباب، ويمكن علاج هذه الحالة جراحياً باستئصال الأنسجة الظاهرية التي تحتوي على الصبغة الداكنة، وانتشر في السنوات الأخيرة العلاج بتقنيات الليزر الحديثة في مجال الطب والأسنان، والتي تستهدف الأماكن الغنية بتركيز عالٍ من الصبغات، وتتسم بسهولة الإجراء؛ حيث إن توريد اللثة يحتاج إلى جلسة واحدة تستغرق من 20 إلى 45 دقيقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"