الدراما الوطنية.. مطلب الجماهير والنقاد

دعوة إلى الاستفادة من نجاح «الاختيار»
03:48 صباحا
قراءة 4 دقائق
القاهرة: فاطمة علي

جذب مسلسل «الاختيار» الذي يوثق حياة الشهيد أحمد المنسي، شرائح كبيرة ومختلفة من الجمهور المصري والعربي، من مختلف الأعمار، ما يؤكد أن الفن أو «القوة الناعمة» لا يزال لها التأثير الأكبر في المجتمع. ومن المؤكد أن عرض المزيد من مثل هذه الأعمال الوطنية التي تؤرخ للملاحم والبطولات الوطنية، أمر بات في غاية الأهمية، ليس فقط لتتعرف الأجيال الجديدة إلى تاريخ أمتها المشرف، بل لتعزيز الشعور بالانتماء والوطنية.
هذه النوعية من الأعمال تم إهمالها بشكل كبير على مدار ربع القرن الأخير، سواء من الدولة، أو من شركات الإنتاج، رغم أن لدينا مئات الشخصيات التي تستحق الاحتفاء بها وتقديمها للأجيال الجديدة، وهو ما جعلنا نتوجه لبعض جهات الإنتاج بالسؤال حول غياب هذه النوعية عن خريطة الدراما المصرية.
يقول المنتج أحمد الجابري إنه متحمس جداً لتقديم أي عمل وطني، لأن هذا مهم للأجيال الجديدة، خاصة التي لا تقرأ، ويكون مرجعها الأساسي الآن وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الأعمال الوطنية تمر بعدة مشاكل إنتاجية، أهمها أنها تحتاج إلى موافقات من الجهات المعنية، وهذا يستغرق وقتاً طويلاً، ثانياً هذه الأعمال تقدم قصصاً حقيقية وليست من خيال المؤلف، وهذا يستلزم دقة شديدة في الأحداث، ويحتاج إلى مراجعات عديدة، لأنه ليس هناك شخص يستطيع أن يكتب عملاً وطنياً بعيداً عن البطولات التي حدثت على مدار سنوات طويلة. ومصر مليئة بقصص وبطولات وملاحم وطنية. ويشير الجابري إلى أن اللهجة المصرية باتت معروفة لكل الأقطار العربية، بل إن أغلب اللهجات العربية باتت معروفة للجميع، بعد انتشار الفضائيات، ولم يكن هناك عائق اللهجة مثلما كان في السابق، الآن المشاهد المصري يعرف جيداً اللهجة الخليجية ولهجة دول المغرب العربي.
ويضيف الجابري: من دون دعم الدولة لمثل هذه الأعمال، لن تخرج إلى النور، فمن المهم جداً أن يتوافر دعم الدولة، سواء في تسهيل الإجراءات أو تقديم وسائل مساعدة، لأن الفن كصناعة يحتاج إلى دعم وتسهيلات في صناعة أعمال ذات قيمة، ولا أقول نلغي دور الرقابة، لكن تكون هناك مساندة للصناعة.


الدعم مهم


الناقدة ماجدة موريس، ترى أنه لا يمكن أن تقوم أي شركة إنتاج بتقديم عمل وطني من مالها الخاص 100%، إلا إذا حصلت على دعم بتوفير الأسلحة والمعدات والملابس وأيضاً أماكن التصوير، ومن دون هذا الدعم من الصعب أن يتم إنتاج عمل حربي أو وطني.
وتضيف: بعد حرب أكتوبر 1973 كان هناك حماس من قبل المنتجين لتقديم أعمال وطنية، منهم الراحل رمسيس نجيب، والفنانة الراحلة ماجدة، وقدمت بعض التجارب، سواء اتفقنا أو اختلفنا على مستواها، لكن كانت هناك أعمال توقفت ولم يتم الإعلان عنها بسبب عدم وجود دعم لها، رغم أننا في حاجة لتقديم مزيد من الأعمال الوطنية، سواء الملاحم العسكرية، أو المخابراتية على طريقة «رأفت الهجان» أو «جمعة الشوان»، وغيرهما، فنحن لدينا مئات الشخصيات التي تستحق أن نستعرض بطولاتها، وتأثير هذه الأعمال المعنوي والقيمي ليس له حدود خاصة للأجيال الجديدة، فالبطولات الكبيرة تحتاج إلى دعم الدولة، بالتأكيد القنوات الفضائية لها دور مهم، لكن الأهم هو دور الدولة لأنها مكلفة جداً.
أما المخرج شادي علي، فيقول: أتمنى أن أقدم عملاً وطنياً، فهذا شرف لي ولأي مخرج، لأنني أقدم تاريخ شخصيات وطنية كان لها تأثير كبير في حروب وملاحم وطنية، ورغم أنني من داخل اللعبة، فإنني واحد من الناس الذين تأثروا جداً بمسلسل «الاختيار» وبشخصية الشهيد أحمد المنسي، وهذا جعلني متحمساً جداً لتقديم عمل وطني، ولدينا أبطال كثر شاركوا في الحروب، أبطال مدنيون وعسكريون.
ويضيف: في السابق كانت الحروب مواجهات مباشرة بين جيش وجيش آخر، أما الآن فإن الحرب في مواجهة عدو خفي، لا تراه، وهذا أصعب كثيراً، على طريقة حروب الشوارع، وهي أعنف وأصعب، والفن له تأثير مباشر على الشارع المصري، وحدث هذا وقت عرض فيلم «الممر» الذي كان له تأثير كبير أقوى من 100 برنامج ومقال، فالقوى الناعمة لها تأثير السحر، ولا بد من الالتفات لها بشكل أكبر ودعمها لتقوم بدورها.


نجاح «الاختيار» و«الممر»


يقول الناقد محمود قاسم: بعد نجاح فيلم «الممر» والحماس الذي قوبل به مسلسل «الاختيار»، أصبح الجمهور بحاجة إلى أن يعرف جذوره القوية، وأن لديه الكثير جداً من الأبطال الذين قدموا ملاحم وبطولات وطنية، ونحن بحاجة لأن نقدم أعمالاً تليق بهؤلاء الأبطال وما أكثرهم.
ويرى الناقد سمير الجمل أن التفاف الناس حول مسلسل «الاختيار» يعني أنهم ضاقوا بأعمال الهزل التي تقدم لهم، والتي تعمل على هدم قيم المجتمع، فالوطن يبنى من جديد، وهذا يحتاج إلى تقديم أعمال تليق به.
وأضاف: الجمهور لم ينظر لمسلسل «الاختيار» على اعتبار أنه مجرد عمل فني، لكن كعمل وطني قيمته الفنية والأخلاقية عالية، مشيراً إلى أننا بحاجة لتقديم أعمال تخص المجتمع المصري بعيداً عن أعمال العنف والبلطجة، نحتاج إلى أعمال تقدم نماذج للمرأة المصرية التي تكافح وتعول غيرها، فالبطولة ليست فقط لحامل السلاح، فهناك أعمال فنية قدمت بداخلها بطولات وطنية بشكل غير صريح، نحن بحاجة إلى عودتها، لأن الأجيال الجديدة ليس لديها قدرة على التحقيق والبحث، خاصة الجيل الجديد من الكتاب الذين يعتمدون على«الفورمات الأجنبية»، وتقديم نماذج تعيش داخل «كمبوند» أو فيلا، ليس لها علاقة بالشارع المصري، لذا على الدراما أن تصالح المجتمع وتكون معه لأن تأثيرها قوي، فهي عدلت قوانين ورفعت الظلم عن المرأة، الجمهور بحاجة لتقديم أعمال تعيد تشكيل وعيه المشوش، وعلى الدولة أن تقدم التسهيلات اللازمة والإجراءات التي تمكن صناع الدراما من الإبداع في هذا الاتجاه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"