هيروشيما.. أجواء الجحيم تلتهم البشر والحجر

أزمات مرت
03:46 صباحا
قراءة دقيقتين
الشارقة: مها عادل

في ال8:15 بتوقيت اليابان يوم 6 أغسطس/آب عام 1945، عاشت مدينة هيروشيما اليابانية أجواء الجحيم خلال

الحرب العالمية الثانية.

تلقت المدينة القنبلة النووية الأولى التي كانت تُسمى «ليتل بوي» أسقطتها طائرة أمريكية، لتنفجر على ارتفاع 600 متر من سطح الأرض وفي أقل من دقيقة واحدة، قتلت نحو 80 ألف شخص، وأصابت 90 ألفاً، وتم تدمير كل كائن حي في دائرة قطرها نحو ميل من موقع الانفجار النووي، وتصاعدت في سماء المدينة سحابة كثيفة من النيران والانبعاثات الحرارية والإشعاعات الذرية المهلكة.

انفجار هيروشيما كان أفظع تجربة عرفها البشر في أي وقت. لدرجة أن المسؤولين الحكوميين في العاصمة طوكيو استغرقوا ساعات حتى يدركوا ما حدث ويستوعبوه، فكل ما عرفوه وقت التفجير هو أن كل الاتصالات الهاتفية واللاسلكية والإذاعية في منطقة هيروشيما قد قطعت.

ثم حاولت القواعد العسكرية مراراً الاتصال بمحطة مراقبة الجيش بمدينة هيروشيما. ولكن لا شيء، صمت مطبق، وأدهش ذلك الصمت التام للمدينة الرجال في المقر، فهم يعلمون أنه لا يوجد أي غارات من قبل العدو، ولا يوجد أي مخزون من المتفجرات في مدينة هيروشيما آنذاك. وصدرت الأوامر إلى طيار شاب كي يغادر فوراً إلى هيروشيما، ثم يعود إلى طوكيو ومعه معلومات موثوق بها. فقد كان الشعور العام في هيئة الأركان اليابانية بأنه لم يحدث أي شيء خطر، وأن الانفجار لا يتعد كونه شائعة سخيفة. استغرقت رحلة الطائرة نحو 3 ساعات، وقبل الوصول إلى هيروشيما بنحو 100 ميل رأى الطيار ومساعده سحابة كبيرة من الدخان. وسرعان ما وصلت طائرتهم إلى المدينة، وأخذوا يطوفون فوقها في حالة من عدم التصديق. فقد كان هناك قطعة كبيرة من الأرض لا تزال مشتعلة، تغطيها سحابة كثيفة من الدخان تكاد تخفي معالمها وتحجبها عن الرؤية تماماً كما لو كانت الأرض اختفت من الوجود. وكان ذلك كل ما تبقى من المدينة المنكوبة. هبطت الطائرة جنوب المدينة، وقام الطيار على الفور بتنظيم وسائل الإغاثة، بعد أن أبلغ طوكيو بما شاهد.. لقد اختفت مدينة كاملة بسكانها من الوجود.

مأساة هيروشيما تكررت بحذافيرها بعد ثلاثة أيام بإسقاط القنبلة الذرية الثانية على مدينة ناجازاكي. لتنهار مقاومة اليابان وتوقع على وثيقة الاستسلام في الحرب. وأشارت التقارير حينها إلى تزايد عدد القتلي في المدينتين لمئات الآلاف.

ومن رحم المأساة ولدت نهضة اليابان الحديثة، في غضون سنوات قليلة نجح هذا الشعب في تجاوز آلامه وإعادة بناء ما دمرته الحرب. وبعد عقود أصبحت اليابان عملاقاً اقتصادياً يحقق الانتصارات في ميادين السلام، ويحاول أن ينسى هزائم الحرب والموت والدمار التي أصبحت ذكرى.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"