داء السكرى.. يُفقد الخلايا مقاومتها للإنسولين

01:24 صباحا
قراءة 6 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

يعتبر عدم إفراز الإنسولين من البنكرياس أهم أسباب الإصابة بداء السكرى من النمط الأول، وعلى الرغم من اكتشاف العلاج بالإنسولين منذ 100 عام تقريباً إلا أن أعداد المصابين في ازدياد ملحوظ، وأشارت إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى معاناة أكثر من 420 مليون شخص حول العالم من داء السكرى بأنواعه، وتتوقع أن يحتل هذا المرض المرتبة السابعة للوفاة مع حلول عام 2030، بالإضافة إلى أنه يتسبب في مجموعة من الأمراض المزمنة مثل النوبات القلبية، فقدان البصر، السكتة الدماغية، الفشل الكلوي، وبتر الأطراف السفلية، ويرجع ذلك للعديد من الأسباب يناقشها في السطور القادمة مجموعة من الخبراء.

يقول الدكتور فاتح الخطيب استشاري السكري والغدد الصماء إن معظم إصابات الصغار بداء السكرى تكون من النوع الأول المعتمد على الإنسولين، ويرجع السبب إلى وجود تاريخ مرضي في العائلة، ولكن هناك أنواعاً وراثية نادرة جداً تسبب الإصابة في أول سنة من عمر الطفل، أما النوع الثاني غير المعتمد على الإنسولين فهو يحدث خلال السنوات المتأخرة من الطفولة أو في فترة المراهقة، ويستهدف - على الأكثر- الذين يعانون مشـكلات البدانة وقلة الحركة، وتناول الأغـــــذية المشبعة بالنشـــــويات مـــــثل المشـــــروبات الغازية والحلويات والأرز والخبز، وكذلك انشغال الأطفال بالحلويات واللعب على الأجهزة الإلكترونية الحديثة، ووسائل الاتصال الاجتماعية بشكل مفرط، ما يشغلهم عن الأنشطة الصحية.
رعاية الأطفال
يشير د.فاتح إلى أن السنوات الأخيرة شهدت تقدماً ملحوظاً في المجال الطبي والعلاجات الحديثة لمجموعة كبيرة من الأمراض، أما بالنسبة لداء السكري فهناك جيل جديد من الأجهزة القادرة على قراءة تركيز السكر في الدم دون الضرورة لوخز الأصبع لأخذ عينة دم، وكذلك أجهزة تستطيع أصدار إنذار صوتي للأهل في حال هبوط مستوى السكر لمستوى دون الطبيعي بسبب جرعة زائدة مثلاً من الإنسولين.


مضخة الإنسولين


يلفت د.فاتح إلى أن مضخة الإنسولين هي أجهزة تكنولوجية حديثة ظهرت في آخر 5 سنوات، وهى قادرة على حقن الإنسولين للطفل دون الحاجة لوخز نفسه، ويمكن أن توفر للمصاب كمية مختلفة من الإنسولين بحسب أوقات اليوم المختلفة، وبعض الأجهزة لها خاصية قراءة السكر، وتستطيع أن تعدل الجرعة بشكل ذاتي لتضمن إبقاء السكر ضمن المستوى الطبيعي، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأجهزة ما زالت تخضع لإشراف الأهل والطبيب، كما يجب أن يقرر المريض جرعة الإنسولين التي يحتاج إليها قبل كل وجبة.
تأثير السمنة
يذكر الدكتور كارل ميلر استشاري الجراحة العامة والسمنة أن الوزن الزائد يمكن أن يؤثر في الصحة من عدة نواحٍ، ويُعد مرض السكري من النوع الثاني من أخطر المشكلات المصاحبة للبدانة، كما تساهم الدهون الزائدة في الجسم، وخاصة ما يطلق عليها الدهون الحشوية الموجودة في البطن، في جعل الأشخاص أكثر عرضة للإصابة، حيث تصبح الخلايا أقل حساسية إلى مقاومتها للإنسولين الذي يفرزه البنكرياس، وبالتالي تكون نسبة الإنسولين أعلى من مستوى السكر في الدم، وهذا يعني عدم فاعليته في خفض مستويات السكر في الجسم.


فئة مستهدفة


يؤكد د.كارل أن داء السكري من النمط الثاني يستهدف غالباً الأشخاص الذين يعانون السمنة المفرطة بثلاثة أضعاف وفقاً لمؤشر كتلة الجسم، ومقارنة بأصحاب الوزن الطبيعي، كما تزيد البدانة بشكل كبير من خطر الإصابة بأمراض القلب، وأنواع محددة من مرض السرطان، وانقطاع التنفس أثناء النوم أو التوقف وإعادة التنفس بشكل متكرر، وهشاشة العظام، والعديد من الأمراض المصاحبة الأخرى، والجدير بالذكر أن واحداً من كل مصابين اثنين بمرض السكري من النوع الثاني لا يتم تشخيصهما مبكراً.


ضغط الدم


يوضــــح د.كارل أن الإصــــابة بداء السكري يمكن أن تـــؤثر فـــــي كافة أعضاء الجـــــسم، إذ يؤدي ضعف التحكم في سكر الدم إلــــى مجموعــــــة من المشاكل الصحية مع مرور الــــــوقت، وكلما طال وجود المرض، زاد خطــــر حدوث مضاعفات، ويجب الانتبـــــاه إلى أن معظـــم المصابيــــن بالنوع الثاني يعانون ارتفاع ضغط الدم، ولــــذلك من الضــــــــروري مراقـــــــبة قـــــــياس الضغط بشكل منتظم، وفي حال عدم العلاج، يحــــتمل ازدياد خطر الإصابة بالنوبــــات القلبية والسكتة الدماغية وحصول مشاكل الرؤية وأمراض الكلى، كما يمكن أن يسبب ضغــــط الدم غير المنضبط تلفاً في الشرايين مع مرور الوقت، ومن المـــرجح أن يسبب مرض السكري أيضاً رفع مستويات الدهون الثـــلاثية والكولسترول.


وزن صحي


يوصى د.كارل يوصي بتناول مجموعة من الأدوية واتباع نمط حياة صحي لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، كما أن ممارسة الرياضة تجعل خلايا المصابين أقل مقاومة للإنسولين، حيث إن العضلات تعتمد خلال التمارين الرياضية على السكر الاحتياطي الموجود في الدم، ولا ينتج الجسم الإنسولين ولا يتم إعادة توجيه السكر إلى الخلايا الدهنية الزائدة، وتجدر الإشارة إلى أن خفض الوزن باستخدام الاستراتيجيات والعلاجات المعتدلة لمن يعانون من داء السكري السمنة الزائدة يعد أمراً صعباً.
ويضيف: أصبحت جراحة التمثيل الغذائي، وخصوصاً تحويل مسار المعدة بديلاً علاجياً ناجحاً، للمرضى الذين يعانون داء السكري من النوع الثاني المرافق للسمنة، وبحسب الجمعية الأمريكية للسكري فإن مؤشر كتلة الجسم الذي يزيد على 35 كجم/م² أو المرض من النوع الثاني غير المنضبط مع بلوغ مؤشر كتلة الجسم ما يزيد على 30، يُنصح لهم بإجراء جراحة للتخلص من الوزن الزائد.


أنماط الإصابة


يشير الدكتور عمر حابو طبيب الصحة العامة إلى أن أعداد المصابين بداء السكري تجاوزت 422 مليون مصاب طبقاً للإحصائيات العالمية الأخيرة، وفى عام 2016 تسبب السكري في وفاة مليون وستمئة ألف حالة بشكل مباشر، ويوجد حوالي 8.5 % مصابون ممن هم فوق 18 عاماً، وهناك زيادة بنسبة 5 % في الوفاة المبكرة بسبب هذا المرض، وتصنف أنماط داء السكري المعروفة حتى الآن كالآتي:
} النمط الأول يعتمد المريض فيه على حقن الإنسولين بشكل تام، حيث إنه يتسبب في عدم إفراز الإنسولين نهائياً من البنكرياس، وغالباً ما يصيب الأشخاص في عمر مبكر، وتظهر أعراضه بشكل مفاجئ مثل العطش، زيادة التبول، التعب، الإرهاق، تغير في مستوى الرؤية، والجوع المستمر مع نزول الوزن دون مبرر.
} النمط الثاني لا يعتمد على حقن الإنسولين بشكل كبير في علاجه، ويصيب في الغالب الأشخاص البالغين وكبار السن، ويرجع سبب الإصابة إلى عدم استطاعة الجسم بالاستفادة بشكل سليم من هرمون الإنسولين، ويتميز مرضى النوع الثاني من السكري بزيادة في الوزن وقلة في النشاط البدني أو الحركي، وتشبه الأعراض إلى حد كبير النوع الأول ولكنها أقل حدة، ما يؤدي إلى اكتشافه في مرحلة متأخرة.


سكري الحمل


يلفت د.عمر إلى أن سكري الحمل يصنف بأنه النوع الثالث من أنماط السكري، وهي حالة مرضية مؤقتة تصيب النساء خلال فترة الحمل، ويتم اكتشافه غالباً في تحاليل المتابعة، وينجم عنه العديد من المضاعفات والتأثيرات الجانبية وتشكل خطراً على الأم والطفل، ولذلك تحتاج إلى هذه الحالة إلى متابعة دقيقة مع الطبيب ونظام غذائي صحي، ويجب الانتباه إلى أن هناك نسبة كبيرة من هؤلاء السيدات يصبن بالنوع الثاني من السكري بعد مرحلة الولادة.
ويختتم: يمكن الوقاية بشكل عام من داء السكري عن طريق ضبط الوزن، وتقليل السعرات الحرارية، وممارسة الرياضة بشكل دوري، والحد من التدخين أو الإقلاع عنه بقدر المستطاع، واتباع العادات الغذائية السليمة مثل تجنب الدهون المشبعة في الأكل، وتقليل السكر في الأطعمة والمشروبات.

أشارت الجمعية الأمريكية للسكري إلى الاهتمام بالفحوص الدورية لاكتشاف داء السكري مبكراً، حيث إن الأشخاص المصابين به يعتبرون أكثر عرضة للعديد من المشكلات، منها السكتة الدماغية بنسبة مرة ونصف المرة عن غيرهم، إذ إن هذه الحالة المرضية تحدث نتيجة انسداد جلطة دموية أحد الأوعية الدموية في الدماغ، كما يتسبب داء السكري في تلف الأوعية الدموية الدقيقة في العين، ويصاب المريض باعتلال الشبكية السكري، ومع مرور الوقت يمكن أن تؤدي المستويات المرتفعة من السكر في الدم إلى إضعاف قدرة الكليتين على تصفية الدم وتنقيته مسببة الفشل الكلوي، ويزداد معدل خطورة الإصابة بتلف الأعصاب، وينتج عنه الاعتلال العصبي السكري، بالإضافة إلى تقرحات القدم، والاكتئاب والخرف.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"