«الجفاف».. غياب الدموع يؤذي سطح العين

00:32 صباحا
قراءة 5 دقائق
تحقيق: راندا جرجس

ينتشر جفاف العين بنسبة تتراوح من 15إلى 30٪ بين سكان العالم ويعد الأكثر شيوعاً في دول الشرق الأوسط، ويعتبر من الأمراض التي تظهر كثيراً في مرحلة الشيخوخة بمعدل 75% لمن هم فوق الـ65 عاماً، نتيجة عدم إنتاج الكمية الكافية من الدموع الطبيعية، ما يؤثر في ترطيب وتليين سطح العين، ومع تفاقم الحالة يمكن أن يتعرض المريض للعديد من المضاعفات أبرزها تلف سطح العين، والالتهاب المزمن غير المستجيب للأدوية، وفي حالات الجفاف الشديدة يمكن أن يؤدي إلى قرحة وتضخم الأوعية وتآكل سطح القرنية وانخفاض الرؤية.
إن التشخيص الدقيق يعتبر أولى خطوات العلاج وخاصة أن علامات جفاف العين تتشارك مع أعراض بعض المشكلات المرضية الأخرى، وفي السطور القادمة يتحدث الخبراء والأخصائيون عن هذا الموضوع تفصيلاً وطرق الوقاية والعلاج.
يقول الدكتور أحمد شبانة أخصائي طب وجراحة العيون إن جفاف العين هو عدم القدرة على إفراز الكمية أو النوعية المناسبة من الدموع لترطيب سطح العين، ما يؤدي إلى قلة الترطيب والجفاف، ويؤثر في جودة الرؤية، ويعتبر من الأمراض الأكثر شيوعاً بين الأشخاص بنسبة 15% كما أكدت بعض الدراسات، ويمكن أن يزيد هذا المعدل لـ50% لمن يرتدون العدسات اللاصقة.


فئة مستهدفة


يوضح د.أحمد أن هناك العديد من الأعراض التي تظهر عند الإصابة بجفاف العين، ويعتبر أبرزها الإحساس بخشونة في العين، ويرافقه وخز وحرقان والشعور بعدم الرؤية بوضوح وخاصة أثناء القيادة ليلاً، ويعتبر الأشخاص فوق 50 عاماً الأكثر إصابة من غيرهم، والسيدات أكثر من الرجال، وكذلك من يستخدمون العدسات اللاصقة، والمدخنون، والمصابون بالأمراض المناعية مثل الروماتويد.


أسباب الإصابة


يوضح الدكتور سومان سوكوماران أخصائي طب وجراحة العيون أن أسباب الإصابة بجفاف العين تشمل العوامل البيئية المختلفة في عدم كفاية حجم الدموع على سطح العين، التعرض لتكييف الهواء المفرط، الشيخوخة، وبعض الحالات الطبية مثل داء السكري ومتلازمة سجوجرينز، أو نتيجة إجراء جراحة العيون بالليزر، أما السبب الأكثر شيوعاً فهو جفاف العين التبخيري، وعدم كفاية الترطيب، وتتمثل الأعراض في الشعور بإرهاق وإجهاد واحتقان العين، انخفاض جودة الصورة.


وسائل التشخيص


يشير د.سومان إلى أن هناك العديد من أمراض العيون التي تشبه أعراض الإصابة بالجفاف، ولذلك يجب أن يكون التشخيص صحيحاً من أجل الحصول على العلاج المناسب، وتشمل الاختبارات فحص العين الكامل، والرؤية لاستبعاد الخطأ الانكساري، وقياس ضغط العين لاستبعاد الجلوكوما، وتقييم سطح العين لتحديد شدة المرض، بالإضافة إلى قياس إفراز الدموع باستخدام شرائط شيرمر، ويمكن أيضاً إجراء تلوين القرنية وتقييم الجهاز الدمعي.


مضاعفات ومخاطر


يؤكد د.سومان أن جفاف العين غير المعالج يؤدي إلى نوبات متكررة من التهاب العين، ما يسبب احمراراً مزمناً ووجعاً وحساسية، بالإضافة إلى حدوث التهابات نتيجة فقد الغشاء الدمعي الواقي فوق سطح العين، وفى الحالات المزمنة من الجفاف ينجم عنه انسداد قنوات الجفن، ويؤدي إلى تكرار التهاب الجفن وجحوظة، بالإضافة إلى عدم وجود الفيلم المسيل للدموع المناسب إلى اضطرابات بصرية خاصة أثناء القيادة واستخدام الكمبيوتر.


إرشادات وقائية


يلفت د. سومان إلى أنه في حال استمرار أعراض جفاف العين، يمكن استخدام القطرات التي تعتبر بدائل للدموع الطبيعية، بشرط أن تكون تحت إشراف الطبيب المعالج، حيث إن بعض الأنواع يمكن أن تضر العين عند استعمالها لفترة طويلة، وخاصة التي تحتوي على مواد حافظة أو إضافات غير ضرورية مثل مبيضات العين، ويجب الالتزام بالإرشادات الوقائية التالية لحماية العين من الإصابة بالجفاف:-
- تجنب إطالة استخدام شاشات الكمبيوتر، حتى لا يؤدي إلى انخفاض معدل الوميض، ويزيد من تبخر الدموع الطبيعية، حيث إن فترات الراحة الدورية من الأجهزة الحديثة وومض العين بفاعلية عدة مرات، يضمن التوزيع المنتظم للدموع.
- الابتعاد عن الفتحات التي يهب الهواء البارد منها مباشرة على الوجه من المكيفات، وخاصة أثناء القيادة.
- ارتداء النظارات المضادة للانعكاس، لتعزيز راحة العين، والحد من تبخر الدموع، منع استعمال العدسات اللاصقة في حال كان الشخص عرضة للإصابة بالجفاف.
- الإقلاع عن التدخين حيث إنه يعد من أبرز الأسباب في تفاقم أعراض جفاف العين.
- اتباع نظام غذائي غني بفيتامين (أ) وأحماض أوميجا 3 الدهنية، وتناول كمية كافية من الماء والسوائل بحسب حاجة الجسم، لمنع الجفاف بسبب البيئة الجافة.


مشكلات مرضية


تشير الدكتور سيفا كامي أخصائية طب وجراحة العيون والشبكية والجسم الزجاجي إلى أن الإصابة بمتلازمة جفاف العين تنتشر بنسبة تصل إلى 100% بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 70 عاماً وفيما فوق، وعند النساء بعد انقطاع الطمث وانخفاض هرمون الأندروجين عند الرجال، ويمكن أن تحدث نتيجة بعض العوامل البيئية كزيادة التعرض لأشعة الشمس، الاستخدام المستمر للأجهزة الإلكترونية، التعرض لمكيفات الهواء والمبردات، قلة النوم، انخفاض الرطوبة، التدفئة، والحساسية الموسمية، تلوث الهواء بسبب الطقس الترابي (العاصفة الرملية) وارتداء العدسات اللاصقة، بالإضافة إلى ضعف وظيفة الجفن أو المشكلات المرضية مثل:-
- حالات النقص المائي مثل نقص الإفراز مجهول السبب، وقلة الإفراز الشللي ومتلازمة سجوجرينز إلخ.
- داء السكرى، أمراض المناعة، التهاب المفاصل وهشاشة العظام.
- تلف الخلايا الكروية، نقص فيتامين (أ)، التراخوما، الحروق الكيميائية والإشعاع، شبيه الفقاع العيني.
- تناول بعض الأدوية كخافضات ضغط الدم، مضادات الهيستامين، والاكتئاب والأندروجين والكولين، واستخدام قطرات العين التي تحتوي على مواد حافظة.


طرق علاجية


تؤكد د.سيفا أن علاج حالات جفاف العين يعتمد على درجة ومرحلة الإصابة، وفى الحالات الخفيفة يجب الحفاظ على استخدام العلاجات الليلية كالمرهم أو أجهزة إزالة الرطوبة، والتدفئة الجسدية وعدم التعرض المباشر للمكيفات، واستعمال قطرات العين، والحد من ساعات العمل على الكمبيوتر واختيار الشاشات المضادة للوهج لتقليل الوميض، أما الذين يرتدون العدسات اللاصقة فيجب ترطيب العين بالضمادات اللينة، وفى المراحل المزمنة يمكن اللجوء للأساليب الجراحية مثل ترقيع الغشاء الأمنيوسي، وزرع الخلايا الجذعية الحوفية، بالإضافة إلى تناول كمية جيدة من الماء والسوائل الأخرى، واتباع نظام غذائي متوازن، والنوم الكافي، وتجنب التعرض المباشر للهواء الذي ينفث في العين.


الضوء النبضي المكثف


تعتبر تقنية نبضات الضوء المكثف أو الوميض الضوئي من التقنيات الحديثة المتقدمة والمتطورة في طب العيون، وهى تستخدم في علاج التهابات الجفون التي تلعب دوراً هاماً في الإصابة بجفاف سطح العين، ويعد هذا العلاج بديلاً عن قطرات العين والدموع الاصطناعية، حيث يحتاج المريض إلى حوالى 4 أو 6 جلسات معالجات ضوئية مكثفة على فترات متراوحة يمكن أن تصل إلى شهر بين الجلسة والأخرى، وتتميز هذه التقنية بالدقة حيث إن الجهاز يستهدف المنطقة المحددة بتركيز، دون أن يؤثر في أجزاء الجلد المحيطة أو يسبب أي ضرر، وتجدر الإشارة إلى الوميض الضوئي يستخدم أيضاً في مجال الطب التجميلي لعلاج حالات اصطباغ وتلف الجلد الناتج عن التعرض المستمر لأشعة الشمس، والسيطرة على مضاعفات بعض الأمراض الجلدية مثل حب الشباب والنمش والوحمات الداكنة والخطوط الدقيقة والتجاعيد.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"