هناك قاعدة قديمة، لا تزال تثبت جدارتها، وهي أن ممثل المسرح يمتلك مواهب كبيرة في الأداء، والتشخيص، فضلاً عن الإنجاز والقدرة على تقديم دور مقنع، والصدق في تقديم الشخصية، وحفظ تفاصيلها بشكل أسرع من غيره.
هذا ما يظهر عندما ينتقل ممثل المسرح إلى الدراما ليصبح مختلفاً عن الآخرين، فقد أشاد الكثيرون بالممثلين الذين يطلق عليهم «ممثلو المسرح»، وأصبحوا النجوم الحقيقيين للمسلسلات بالرغم من عدم حصولهم على البطولة. وفي دراما رمضان الماضي، أبهر الكثير من الممثلين الجميع بأدائهم، جاؤوا من المسرح، ومنهم الشباب، وجيل الوسط، وجيل الكبار.
الفنان شريف منير كان مميزاً، من خلال دوره في مسلسل «ونحب تاني ليه»، وهو خريج المعهد العالي للفنون المسرحية، والأمر نفسه بالنسبة إلى خالد النبوي، الذي شارك في مسلسل «لما كنا صغيرين». وهبة مجدي التي قدمت أداء أشاد به النقاد والمتابعين في مسلسل «فرصة تانية»، درست النقد المسرحي. ويرى البعض أنها تفوقت بأدائها على أداء ياسمين صبري بطلة العمل، وشاركت من قبل في مسرحية «الملك لير»، وهناك أيضاً بيومي فؤاد، الذي يقدم الكثير من الأدوار كل عام، وقدم مؤخراً «رجالة البيت»، و«خيانة عهد»، بجانب ثنائي مسلسل«البرنس» أحمد زاهر، وروجينا، فهم من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية أيضاً. ومن جيل الكبار سيدة المسرح سميحة أيوب، التي قدمت هذا العام مسلسل «سكّر زيادة»، وسلوى محمد علي، التي شاركت في مسلسل «ب 100 وش»، وسوسن بدر التي شاركت في مسلسل «ونحب تاني ليه»، وهناك نجوم آخرون جاؤوا من المسرح، منهم حسن الرداد، ومحمد فراج، وفتحي عبد الوهاب، وماجد الكدواني، وداليا مصطفى، وشريف سلامة، وأسماء أبو اليزيد.
إشادات
الوجوه التي تعرفنا إليها هذا العام وحصدت إشادات وجدنا شريف الدسوقي، الذي قدم شخصية «سباعي» في مسلسل «ب 100 وش»، مع نيللي كريم، وآسر ياسين، وهو ممثل، وكاتب، ومخرج مسرحي، وعابد عناني الذي شارك في مسلسل «الاختيار»، وتلقى إشادات كثيرة من الكثيرين، يعمل في المسرح، وشارك في مسرحية «ليلة من ألف ليلة» مع يحيى الفخراني، وغيرها من المسرحيات. أيضاً هناك أحمد الرافعي، الذي جسد دور عمر الرفاعي مفتي «الجماعة»، في مسلسل «الاختيار»، خريج المعهد العالي للفنون المسرحية قسم التمثيل والإخراج، وحاصل على العديد من الجوائز، وأيضاً الممثل ياسر عزت، الذي شارك أيضاً في مسلسل «الاختيار»، وحصل على جائزة أفضل ممثل في المهرجان القومي للمسرح في 2015.
زيادة قدرات
من فناني المسرح الذين يتواجدون بكثافة في الدراما حالياً الممثل سيد رجب، الذي يقول: المسرح أفضل مكان لولادة أي فنان حقيقي، فمواجهة الجمهور على المسرح تمنح الممثل ثقة أمام الكاميرا عندما ينتقل للتمثيل في الدراما، فالمسرح يزيد من قدرات الممثل، وإمكاناته، وثقته بنفسه، ولذلك اعتبره مركزاً تدريبياً للفنانين، كما أن ممثل المسرح لا يبحث عن نجومية، أو بطولة، ولكنه يبحث عن النص الجيد، ولذلك عندما يتحدثون عن نجوميتي المتأخرة أقول لهم إني لا أركز على فكرة النجومية من الأساس، ولكني أبحث عن تقديم أعمال جيدة لكي أكون عند حسن ظن الجمهور، فهذا ما تعلمته من المسرح.ويشير الفنان بيومي فؤاد إلى أن المسرح يجعل الممثل يكتسب خبرة تفيده في تقديم كل الشخصيات الفنية المختلفة، وهذا هو السبب في الاختلاف الذي يظهر به في كل شخصية يقدمها. ويضيف: تعلمت كيفية الدخول في الشخصية، وأصدقها، وأعيش داخلها حتى يصدقني الجمهور، كما أن المسرح جعلني ممثلاً شاملاً أستطيع تقديم الكوميديا، والتراجيديا.
الفنانة داليا مصطفى ابنة المسرح، تقول: ألحقتني والدتي بالمعهد العالي للفنون المسرحية لإيمانها بموهبتي، وقد استفدت الكثير من المسرح، الذي شاركت فيه بالعديد من الأعمال، واشتقت إليه جداً، وأتمنى أن أشارك في عمل مسرحي جيد، وتعلمت من المسرح القدرة على تنفيذ أي دور، وأن أنتقي أدواري بعناية، فأبحث عن إرضاء الجمهور دائماً.
طاقة مستمرة
المخرج المسرحي خالد جلال، تخرج من تحت يديه الكثير من النجوم، وهو ما يشير إليه قائلاً: ما نقوم به في المسرح هو أننا نطلق عنان الممثل، لكي يخرج من أسر الجاهز، والمعتاد، ويبدع في تمثيل الشخصيات حسب ما يراه، وحسب ثقافته، وهذا ما يميز الممثل المسرحي الجيد عن غيره.
وفي رأيها تقول الناقدة ماجدة خير الله: المسرح يعطي الممثل طاقة مستمرة، ويجعله في لياقته التمثيلية، ولكن النص الضعيف يعرقل الفنان، فالممثل تعلم كيفية تجسيد أي دور بجدارة، لأنه يتلقى ردود الفعل من الجمهور في اللحظة نفسها، ولذلك يجب أن يكون متمكناً من أدواته، ومن نفسه، ومن قدرته على التجسيد، وعندما ينتقل إلى الدراما نجده يلمع وسط بقية الفنانين، ولذلك يجب الاهتمام بالمسرح، وفنانيه.
