«ممالك النار».. عندما تكون الحقيقة مزعجة

عين على الفضائيات
04:11 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

هل يمكن لمسلسل أن «يهز» دولة ويغضب رجالها؟ هذا السؤال يتكرر كلما شاهدنا عملاً فنياً، أو كلما أنتجنا عملاً راقياً يكشف حقائق تاريخية «تزعج» أطرافاً؛ لأنها بكل بساطة تُسقِط أوراق التوت، تسرد قصصاً حصلت في التاريخ كفيلة بتحجيمهم، والإعلاء من شأننا.
بعد فيلم «الممر» الذي أزعج ««إسرائيل»» جداً، وتحدثت عنه صحفها، جاء مسلسل «ممالك النار»؛ كي يقدم للمشاهدين حقبة من تاريخ الدولة العثمانية، وحكم المماليك في مصر. وبمجرد الإعلان عنه، وقبل أن يرى النور ونشاهده على قناة «إم بي سي»، علت الأصوات آتية من تركيا، مستنكرة، وحكمت على العمل بالفشل، ساردة مجموعة انتقادات في غير محلها.
أصواتهم الرافضة لأي عمل يتناول الدولة العثمانية، أسعدت الجمهور العربي، الذي تأكد بذلك أن الفن لدينا يسير بخطوات أسرع نحو الهدف الأهم، فينبش صفحات من التاريخ يحكي فيها حقائق ووقائع عرفها وعاشها أجدادنا وآباؤنا، وهي خير سلاح نشهره في وجه المتجاوز، ونرد بها على افتراءاته ومحاولاته غسل أدمغة شعوبنا بأكاذيبهم المغلفة بسحر الدراما.
أزعجهم أن يكشف مسلسل عربي التاريخ التركي الدموي، فما شأن العرب بتركيا وتاريخها؟ إذا كان الأمر كذلك، فما شأننا و«قيامة أرطغرل»، المسلسل الذي اعتبروه ملحمة لا مثيل لها في تاريخ الإنتاج الدرامي، وتم تسويقه على أعلى المستويات؛ ليساعده العالم كله، بينما الأخطاء التاريخية والفنية فيه لا تحصى ولا تعد؟! أول نجاح يحققه «ممالك النار» وهو من إنتاج شركة إماراتية، وبلغت تكلفته نحو 40 مليون دولار، أنه استفز المسؤولين في تركيا، وأغضبهم لدرجة تلفيق الأكاذيب والادعاء بأن الحقيقة التي نراها في المسلسل «مفبركة»، ناسين أننا في زمن ما أسهل العودة فيه إلى الأرشيف، وقراءة التاريخ والأحداث كما هي لا كما يريدون للعالم أن يراها.
خطوة مهمة وجريئة أن تقدِم إحدى شركات الإنتاج العربية على إنتاج عمل فني ضخم من هذا النوع، مميزاته كثيرة سنتحدث عنها مفصلاً لاحقاً؛ وما أحوجنا لتكثيف مثل هذه النوعية من المسلسلات ذات الفائدة التاريخية والسياسية والاجتماعية والفنية، مثلها مثل الأفلام التاريخية أو الحربية أو المأخوذة عن ملفات المخابرات والأجهزة الأمنية.. وسائل نرد بها على كل من يشوه ماضينا وحاضرنا، ومن يزوّر الحقائق ليقدم بطولات مزيفة.
«ممالك النار» هو جزء من حكاية التاريخ العثماني الدموي، تأليف محمد سليمان عبد المالك، ويتولى إخراجه البريطاني المشهور بيتر ويبر، مخرج فيلمي «قيامة هنيبعل» و«الفتاة ذات أقراط اللؤلؤ»، ويتم عرضه حالياً وستتوالى مفاجآته المزعجة للمدعين المزيفين لحقائق التاريخ.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"