برنامج فولبرايت الصيني

00:26 صباحا
قراءة 3 دقائق

هانا كورن *

في الصيف الماضي، أنهى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برنامج فولبرايت الصيني الذي يقدم منحاً لطلاب الدراسات العليا الصينيين المؤهلين للدراسة على مستوى الدراسات العليا في الولايات المتحدة وذلك باستخدام بند مخفي في أمر تنفيذي يتعلق بهونج كونج. وأدى قرار الرئيس ترامب الأحادي بإلغاء برنامج فولبرايت الصيني في سياق التوترات المتصاعدة بين الولايات المتحدة والصين إلى القضاء على أداة حاسمة لدبلوماسية القوة الناعمة والتبادل بين الثقافات.

 وبصفتي حاصلة على منحة فولبرايت للأبحاث الصينية، أمضيت 14 شهراً بين عامي 2018 و2019 في دراسة الحراك الاجتماعي للعاملات المهاجرات في سوق العمل المتحضر في الصين. وكنت شاهدة على التبادل الفكري الذي أتاحه برنامج فولبرايت. وبإنهاء البرنامج، فقدت الولايات المتحدة وسيلة قيّمة بشكل فريد للمواطنين الأمريكيين والصينيين للتعرف على بعضهم البعض، متحررين من الهستيريا الإعلامية.

 وقد أدى إلغاء برنامج فولبرايت الصيني، إلى جانب الحرب الإيديولوجية اللاذعة التي تهدف إلى تأكيد هيمنة الولايات المتحدة، إلى التشكيك في دوافع الأكاديميين والباحثين والعلماء.

 كانت هذه الخطوة خطيرة ومشحونة سياسياً. ويعمل برنامج فولبرايت في 160 دولة، وكل برامج فولبرايت الأخرى في آسيا والمحيط الهادئ من المقرر أن تعمل في عام 2021 وما بعده. والحقيقة أنه لم يكن قرار إدارة ترامب استراتيجياً ولا مصحوباً بسياسات أمريكية فعالة لتحدي نفوذ الصين المتزايد، بل إنه خنق فرص التبادل الثقافي غير السياسي.

 هذا القرار جعل وصول الأمريكيين إلى البيانات والإحصاءات لأغراض التعاون الأكاديمي سياسياً للغاية. وكان من الواضح أن العقليات ووجهات النظر كانت تتغير. وإن الانقسام والتشكيك الذي تم حياكته في نسيج العلاقات الأمريكية الصينية من قبل إدارة ترامب قد انتشر إلى الأوساط الأكاديمية، والتي من أجل النزاهة التحليلية، يجب أن تظل غير مسيسة.

 وكشف قرار إنهاء هذا البرنامج عن عدم وجود تحليل مسؤول في الخطاب السياسي والأكاديمي في ما يتعلق بالعلاقات الأمريكية الصينية. وقد عكس ذلك تصوراً أمريكياً نموذجياً خاطئاً وهو الخلط بين الحزب الشيوعي الصيني والشعب الصيني. وعلى الرغم من أن تداعيات الحرب التجارية أدت إلى توتر كبير خلال إقامتي في الصين، فقد اعتبر زملائي الصينيون الصراع مع الولايات المتحدة أمراً مؤقتاً. وكانوا أكثر اهتماماً بالحفاظ على علاقة أقوى بين الولايات المتحدة والصين ورأوا أمريكا كشريك قيم. لكن وقف برنامج فولبرايت لمدة عام واحد فقط من شأنه أن يقوض فهم الأمريكيين للصين، بالنظر إلى السرعة التي تتغير بها الصين.

 ويعكس الخطاب الحالي من قبل كل من الجمهوريين والديمقراطيين هذا الخوف. وفي المناظرة الرئاسية الأخيرة، وعد الرئيس المنتخب جو بايدن بأنه إذا تم انتخابه فإنه سيضمن أن تلتزم الصين بالقواعد الدولية، مهما كانت تلك القواعد. وتعكس السياسة الخارجية للولايات المتحدة تجاه الصين باستمرار الحاجة إلى اتخاذ موقف ضد النفوذ الصيني المتنامي بإلحاح متشدد، ووقف برنامج فولبرايت الصيني فعلًا يغذي هذه الرواية.

 وتحتاج الولايات المتحدة أكثر من أي وقت مضى إلى برنامج يروّج للتجارب الغامرة في الصين. ومن أجل البدء في فهم شي جين بينغ أي الرئيس السابع لجمهورية الصين الشعبية، يجب أن نسعى إلى فهم الأعمال الداخلية للمجتمع الصيني وشعبه. وعندما تكون المعلومات المضللة هي التبادل الطبيعي الجديد عبر الثقافات ويصبح التبادل والمنح الدراسية مستحيلة، فإن هذا يترك الولايات المتحدة في موقف خطير وضعيف.

 وعند توليه منصبه في كانون الثاني /يناير، سيواجه الرئيس المنتخب جو بايدن المهمة الصعبة المتمثلة في إدارة العلاقات بين الولايات المتحدة والصين وضمان عدم اندفاع البلدين نحو الصراع. وفي حين أن هذا سيتطلب عملاً غير عادي، فإن إعادة برنامج فولبرايت الصيني يعد مكاناً جيداً للبدء.

* أكملت جائزة فولبرايت للأبحاث في 2018-2019 في بكين وشيان (الصين)، وتخرجت في جامعة جورج واشنطن عام 2018 (ريسونسيبل ستيتكرافت)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

أكملت جائزة فولبرايت للأبحاث في 2018-2019 في بكين وشيان (الصين)، وتخرجت في جامعة جورج واشنطن عام 2018 (ريسونسيبل ستيتكرافت)

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"