القيم الديمقراطية ميزة تنافسية

00:12 صباحا
قراءة 3 دقائق

لورا روزنبيرجر *

بفوزه بالرئاسة، وعد جو بايدن بأن يقود البلاد والعالم «ليس بمثال قوتنا، ولكن بقوة نموذجنا». هذا التعهد مهم؛ لأن المنافسة اليوم بين الديمقراطيات والسلطات غير الديموقراطية هي أكثر من مجرد صراع على السلطة: فالقيم تكمن في صميمها. ولكي تنجح الديمقراطيات، لا تحتاج فقط إلى التعامل وفقاً لقيمها، ولكن تحتاج أيضاً لفهم أن تلك القيم هي ميزتها التنافسية الرئيسية، وأن استخدامها هو مصدر قوتها.

 والصراع الحالي بين الديمقراطيات والأنظمة غير الديموقراطية ليس تنافساً عسكرياً في الأساس. بدلاً من ذلك، يحدث ذلك في المجالات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية والمعلوماتية؛ حيث يسيطر المنافسون - وخاصة الصين وروسيا - على زمام المبادرة. ولقد عززت هذه الدول إمكاناتها الداخلية الخاصة، بينما تزعزعت التحالفات في الخارج. وفي جميع أنحاء العالم، يبدو أن القيادة والقيم الديمقراطية في تراجع.

 ولحسن الحظ، تتمتع الديمقراطيات التي تعمل بشكل جيد بمزايا أساسية في كل مجال من مجالات المنافسة. فهي أكثر استجابة من الأنظمة غير الديموقراطية سياسياً؛ لأنها تلتزم بسيادة القانون، ولأن المجتمعات المدنية تساعد الحكومات في الحفاظ على موافقة شعوبها. 

 ومن الناحية الاقتصادية، تميل الحكومات الديمقراطية ذات الأسواق المحكومة بشكل صحيح إلى تعزيز المنافسة الصحية، وتوجيه الموارد بكفاءة وإنصاف. 

 هذه الديناميكية الاقتصادية، إلى جانب الحريات الشخصية، تجذب المواهب العالمية، مما يحفز الابتكار في مجال التكنولوجيا، كما أن تنافس الأفكار يعزز المناقشات العامة الإبداعية والمثمرة في مجال المعلومات. والديمقراطيات التي تُحكم بشكل صحيح ومدروس حول كيفية الاستفادة من هذه الأصول سوف تجد لها قيمة استراتيجية دائمة.

 وحتى الآن، كانت الديمقراطيات بطيئة في الاستجابة للمنافسة في المجالات غير العسكرية، وسمحت للمشاكل غير المعالجة في الداخل بتقويض مزاياها. وانتهز غير الديموقراطيين اللحظة، وتحركوا بسرعة لتحديد شروط المنافسة والاستفادة من انفتاح الأنظمة الليبرالية. وإذا أرادوا استعادة الأرض المفقودة، فستحتاج الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى إلى إعادة الاستثمار في المصادر الأساسية لقوتهم، مع الكشف أيضاً عن نقاط ضعف منافسيهم غير الديموقراطيين. وبعد كل شيء، تدور المنافسة في النهاية حول السعي وراء المزايا واستخدامها: فيستغل المنافسون الناجحون نقاط قوتهم، بينما يديرون نقاط ضعفهم، ويمنعون خصومهم من فعل الشيء نفسه.

 ومن خلال تبني استراتيجية لموازنة التطورات الأخيرة لغير الديموقراطيين، يمكن للديمقراطيات أن تستعيد اليد العليا. وتقاوم استراتيجية التعويض قوة الخصم في منطقة واحدة من خلال استهداف نقاط ضعفها في مناطق أخرى. ولقد اتبعت الولايات المتحدة هذا النوع من النهج غير المتماثل في الماضي: كالتفوق العددي لحلف وارسو في خمسينات القرن الماضي، والتكافؤ الاستراتيجي للاتحاد السوفييتي في السبعينات، والابتكارات العسكرية التكنولوجية الأخيرة للصين. وركزت استراتيجيات التعويض هذه على استعادة المزايا العسكرية الأمريكية. 

 ومع حدوث الكثير من المنافسة اليوم خارج ساحة المعركة، تحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية تعويض مصممة للمجالات غير العسكرية.

 والقيم المشتركة هي أعظم ميزة للديمقراطيات في منافسة اليوم. وفي أواخر أكتوبر/ تشرين الأول، صدرت النتائج التي توصلت إليها فرقة عمل مؤلفة من الحزبين بتكليف من التحالف من أجل ضمان الديمقراطية. ومع ذلك، فقد توحدنا في الاعتقاد بأن الولايات المتحدة والديمقراطيات الأخرى بحاجة إلى الاستفادة بشكل أفضل من النفوذ الذي توفره لها القيم الديمقراطية. والقيام بذلك يعني ربط هذه القيم باستراتيجيات التنافس مع الدول الأخرى.

 وعلى المدى الطويل، ستعزز هذه الممارسة الأمن القومي للولايات المتحدة، من خلال تعزيز الديمقراطية في الداخل، مع الحد من انتشار وشرعنة الاستبداد في الخارج.

 وتحتاج الديمقراطيات إلى أن تكون مرنة في مواجهة التلاعب بالمعلومات واستغلال البيانات، لكن لا يمكنها المساومة على حرية التعبير أو التدفق المفتوح للمعلومات عبر الإنترنت. لتحقيق هذا التوازن، يجب على الديمقراطيات أن تضاعف من الصدق والشفافية. ولذا يجب أن تعزز في الوقت نفسه الالتزام الأمريكي بالشفافية والانفتاح والمساءلة.

* مديرة التحالف من أجل ضمان الديمقراطية وزميل أول في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة. (فورين أفيرز)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مديرة التحالف من أجل ضمان الديمقراطية وزميل أول في صندوق مارشال الألماني للولايات المتحدة

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"