بيع تأشيرة الدخول (الفيزا)

01:19 صباحا
قراءة دقيقتين
ليس بصحيح أن البيع كل البيع حلال دائماً، وليس بصحيح أيضاً أن كل ما يتم بالتراضي فهو حلال، وليس بصحيح أن الكسب مطلقاً حلال والدين دعا إليه، فلو جاز ذلك على إطلاقه، لتعطل نصف الدين إن لم نقل كله .
- ألا ترى أن الخمور والخنزير تباع وفق عقود وصفقات متفق عليها من الطرفين، ومع ذلك فإن الدين يعدها حراماً، لأن الفقهاء اشترطوا لصحة البيع أن تتوافر في المبيع شروط هي: طهارة العين، وجواز الانتفاع بها، وملكية العاقد لها، والقدرة على تسليمها، والعلم بها، وكونها مقبوضة .
- ولا يقال أيضاً بأن تراضي الطرفين يبيح العقد، فلو قلنا ذلك لأبحنا الزنا وأبحنا الربا وغيرهما .
- ولا يقال إن الكسب مطلقاً حلال، فلو قلنا ذلك فإنه لم يبق حرام وحتى مهنة السارق كانت حلالاً .
- إذاً فإن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدوداً فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان، وإن بيع تأشيرات الدخول المعروفة اليوم (بالفيز)، هو من البيوع المحرمة من غير شك، لأنه يخالف أصلاً ما هو منصوص عليه في الدين، ألا وهو الكفالة .
- والكفالة في الدين الإسلامي من عقود الإحسان التي يعملها المسلم، ويبتغي بها وجه الله تعالى، فمن أكل من وراء التأشيرات، أكل أموال الناس بالباطل، والتكسب ببيع التأشيرات عمل محرم شرعاً وقانوناً .
- ومن فتاوى لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي بتاريخ 29/8/1431 من الهجرة تحت الرقم 14: ما حكم المتاجرة بالتأشيرات؟
فأجابت اللجنة بأن تأشيرات دخول العمال أو غيرهم، تشتمل على عدد من المحاذير .
1- هذا العمل يعد من عقود الكفالة والضمان في الشريعة الإسلامية، وأجمع العلماء على تحريم أخذ الأجرة على الضمان، لأن الكفالة من عقود التبرعات التي تكون من غير عوض .
2- بيع التأشيرات من أكل أموال الناس بالباطل، لأن التأشيرة ليست مالاً متقوماً، ومن ثم لا تصح أن تكون مبيعاً .
3- فيه ظلم يقع على العامل، فهو يدفع وإن كان غير قادر عليه .
4- مخالف لقانون الدولة، والله تعالى يقول: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" (سورة النساء: الآية 59) .
5- هذا النوع من البيوع يفتح الشر على المجتمع، لأنه يؤدي إلى دخول من يصلح ومن لا يصلح، فيدخل من يتجر في المخدرات والدعارة وغيرهما .
- أقول: إن الدولة تعاني اليوم هذا النوع من البشر الذين استغلوا قوانين الدولة لمصالحهم الشخصية، وعلى المجتمع أن يقف ضد هذا النوع من الفساد، فمن تعود على الكسب الحرام، باع دينه وعرضه من غير حرج .
- نعم . . قد يقال بأن الكفيل يقوم بأعمال ويكون مسؤولاً أمام الدوائر الرسمية، فما يأخذه هو مقابل تحمله لبعض المسؤوليات، وهذا التبرير وأن كان صحيحاً، فإنه كلمة حق أريد بها الباطل .
بدليل أن الدولة تقبض على أفواج من الفئات المختلفة، دخلوا الدولة ثم تركوا، فعاثوا في البلاد فساداً: إما عملوا في السرقة والاختلاس، وإما في المخدرات، وإما في أشياء منافية للأخلاق، فقامت الدولة بتسفيرهم، وكان الأولى أن تسفر من أتى بهم وتركهم .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"