المصالحة الفلسطينية

06:16 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم
يترقب الشارع الفلسطيني تطور الأوضاع على الساحة الفلسطينية بعد إعلان حركة حماس حل لجنتها الإدارية والذهاب مع حركة فتح نحو خيار الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وسط مخاوف كثيرة من سيناريوهات الفشل السابقة التي كرست الانقسام الفلسطيني، وعمقته على مدى سنوات، وأسهمت في عرقلة العمل الوطني الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن جل المراقبين، يرون أن هذا التطور، إنما هو جزء من معادلة أو توازنات إقليمية، إلا أن أحداً لا يستطيع أن ينكر إيجابية هذه الخطوة، انطلاقاً من المثل القائل: أن تصل متأخراً خير من ألا تصل أبداً.
فإعلان حماس الذي يهدف حسب معلنيه إلى إنهاء انقسام بدأ منذ عشرة أعوام حين سيطرت حركة حماس على قطاع غزة، يعد رغم كل المخاوف من الفشل، خطوة في الاتجاه الصحيح، ربما تساعد أن استغلت جيداً في لملمة الأوضاع الفلسطينية، ولو بالحد الأدنى، بدلاً من استمرار التشرذم الذي أثبتت الأيام أن الكيان الصهيوني هو المستفيد الأول والأخير منه.
زد على ذلك أن حماس تحاول من خلال موقفها الجديد «الانتقال إلى مربع جديد، على ما يبدو، وأنه يمكن اعتبار هذا الموقف الجديد، تأكيداً على تلك الوثيقة التي أعلنت عنها حماس قبل شهور، والتي اعتبرت تطوراً مهماً في سياسة الحركة، وهي إعلان خروجها من مشروع الإخوان المسلمين وهو مشروع مشبوه، أوصل الأمور إلى الهاوية في العديد من الدول العربية، كونه يعمل لأجندات خارجية، ويرتهن بأوامر جهات أثبتت من خلال مؤامراتها مدى عدائها للمنطقة».
ولهذا يمكننا القول: إن إعلان حماس الأخير، حول حل إدارتها في غزة ودعوة حكومة الوفاق برئاسة رامي الحمد الله إلى ممارسة مهامها في القطاع، وهو القرار الذي رحب به رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، قد يسهم إذا ما تم تطويره، والاستفادة منه في تحسين الوضع السياسي الفلسطيني الرسمي، في الوقت الذي قد يساعد على تخفيف الأعباء التي يعاني منها أبناء الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة المحاصر من قبل الاحتلال.
بغض النظر عن الأسباب التي دعت الحكومة المصرية إلى إلقاء ثقلها بقوة في دفع حركة المصالحة الفلسطينية، فإنه من المفيد أن نشير هنا إلى أهمية الدور المصري، ليس في مسألة المصالحة الفلسطينية التي طال انتظارها وحسب، وإنما في أية تسوية سياسية محتملة، تقوم على ثوابت العملية السلمية، وهي انسحاب «إسرائيل» من الأراضي الفلسطينية التي احتلت عام 1967، أي إلى حدود الرابع من يونيو/ حزيران، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، وهي أهداف دخلت منظمة التحرير التسوية على أساسها، رغم مماطلة العدو الصهيوني وتنكره لكل الاتفاقيات السابقة، لانطلاق عملية التسوية على المسار الفلسطيني وما قبله. ويبدو من مجريات الأمور أن أطراف الاتفاق الثلاثة، مصر وحماس والسلطة الفلسطينية، كانوا بحاجة لهذا الاتفاق، كل لأسبابه، لوقف التدهور المستمر في المنطقة، وإنقاذ قطاع غزة من تلك الصعوبات الاقتصادية الجمة، التي لابد ان تولد انفجارا كبيراً فيما لو تم إغفالها طويلاً، وبالتالي إمكانية أن تطيح بكل ما تم تحقيقه على الصعيد السياسي، ناهيك عن أن هناك قوى خارجية كثيرة، تحاول الاستفادة من الشرذمة الفلسطينية واستمرار التجاذبات السياسية، والخلافات المعلنة والمستترة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد.
زد على ذلك أن استمرار الأزمة السياسية القائمة بين السلطة الفلسطينية و«اسرائيل»، يجعل من الضروري الشروع في حوار شامل ينتهي إلى وضع خطة لتنفيذ اتفاق القاهرة.
لكن علينا هنا كما هو الحال دائما بألا نغالي في التفاؤل نظراً للتجارب السابقة الفاشلة مع استمرار الدور «الإسرائيلي» الرامي إلى عرقلة أي جهد يعيد اللحمة إلى الشعب الفلسطيني، ما يعني أن خطوة حماس هذه لن تفي بالغرض ما لم تتبع بخطوات واسعة أخرى وجدية لطي ملف الخلافات السياسية إلى الأبد، وهذا يتطلب جدية وصدقاً في النوايا، وأن يكون هذا التوجه توجها استراتيجياً لا تكتيكا أملته ظروف سياسية محددة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"