تونس والجزائر والمستقبل

03:12 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

يستعد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لتأدية زيارة رسمية إلى تونس خلال أيام، يتم خلالها استكمال ما اتفق عليه مع نظيره التونسي قيس سعيد في الجزائر الشهر الماضي، بعد أن بدأت الأوضاع السياسية تستقر تدريجياً في البلدين، ولا سيما في تونس إثر منح الثقة للحكومة الجديدة برئاسة إلياس الفخفاخ.

لقاءات تبون وسعيد ستختبر وعود الرجلين اللذين تحدثا في مناسبات عدة عن علاقات خاصة جداً بين تونس والجزائر، وهي بالفعل كذلك تاريخياً واجتماعياً وجغرافياً، ولكنها في الأعوام الأخيرة عرفت بعض البرودة، لأسباب عدة، منها أن تونس كانت تعيش سنوات سياسية عاصفة في ظل تداعيات ثورة الإطاحة بنظامها السابق، فيما أمضت الجزائر الفترة نفسها في قلق اجتماعي وسياسي واسع انتهى بالحراك الشعبي وإنهاء حقبة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. والآن يمكن القول، إن البلدين أصبحا في مرحلة جديدة، وبحاجة للعمل معاً في انسجام بعد زوال أسباب الريبة والشك، دون إغفال أن التجربة الديمقراطية في كليهما مازالت في بداية الطريق ولن تكتمل سريعاً، وستتطلب كثيراً من التضحيات والصبر والقرارات الجريئة. وحسب المؤشرات، فإن المستقبل سيمضي باتجاه مزيد من الانفتاح والشفافية واسترجاع الثقة في كل شيء، بما فيها العلاقات الخارجية والتعامل مع الجوار وقضاياه.

يقول المسؤولون الجزائريون والتونسيون إن التحديات التي يواجهها البلدان مشتركة وتتطلب منهما توحيد الجهود وتحديد الأهداف. ولا شك أن الأزمات الاجتماعية المتشابهة والصعوبات الاقتصادية المتباينة بينهما، تفرض مقاربات متقدمة على الأساليب القديمة التي لم تتعامل كما يجب ولم تستطع الوصول إلى حلول جذرية. لقد عانت تونس والجزائر طويلاً الفساد، وأنهك اقتصادهما التهريب وشبكات الجريمة المنظمة. واليوم يفترض أن الوقت قد حان لإعادة تأسيس العلاقات ووضع لبنات جديدة للتعاون، وعلى أساسها يمكن أن يحدث تغيير يتجاوز البلدين إلى كل المنطقة المغاربية.

الأزمة الليبية المستمرة مازالت صداعاً مزمناً يأبى أن ينتهي. ولا شك أن اللقاءات الجزائرية التونسية لا تخلو من هذه القضية الملحة. فالحرب هناك قائمة منذ ثماني سنوات، والجهود الدولية لحل الأزمة سياسياً باءت بالفشل تقريباً، فكان البديل تفاقم الإرهاب وانتشار المرتزقة وتصادم الأجندات الدولية المتصارعة. وطالما بقي الوضع على حاله سيكون استنزافاً لتونس والجزائر ولمصر من الجهة الشرقية. وبعد أن عجز المبعوث الأممي السابق اللبناني غسان سلامة عن حل العقدة، ربما يكون الحظ مع خلفه الجزائري رمطان لعمامرة مدفوعاً بعزم بلاده ودول الجوار على إنهاء هذه الأزمة في أسرع وقت.

مستقبل تونس والجزائر يمكن أن يكون أفضل بالتأكيد إذا تضافرت جهود البلدين وترجما بصدق طموحات الأجيال السابقة في تمتين وشائج الجوار والقربى. وفي ظل التغيرات الإقليمية والدولية لم يعد مسموحاً للبلدين والمغرب العربي عموماً أن يظل على الهامش أو ساحة لصراعات الآخرين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"