الانفجار المنتظر في الضفة

04:20 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

تواصل أوساط أمنية واستخبارية وحزبية «إسرائيلية» التحذير من انفجار الوضع في الضفة الغربية، بسبب احتجاز سلطات الاحتلال للمستحقات الضريبية الفلسطينية للشهر الرابع على التوالي، ما أسفر عن أزمة اقتصادية طالت كل القطاعات الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، وأضيف إليها عاملان مهمان أكثر حساسية، وهما احتمال طرح الصفقة الأمريكية المشؤومة بعد شهر رمضان، واحتمال إعلان نتنياهو عن ضم الضفة الغربية.
وتعتقد أوساط أمنية احتلالية، أن السلطة الفلسطينية ستجد صعوبة في مواصلة السيطرة على مناطقها، وتتوقع أن تندلع مواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال «الإسرائيلية» بقوة مع خروج أجهزة الأمن الفلسطينية من التنسيق الأمني مع الاحتلال، لتتحول إلى العدو الرئيسي له في أية مواجهة، كما حدث في الانتفاضة الثانية.
وطالبت أوساط «إسرائيلية» أن يقوم الكيان «الإسرائيلي» ودول أخرى بجهود تمنع الانهيار الاقتصادي، وقد لبت قطر الدعوة «الإسرائيلية» وأعلنت أنها ستحول 480 مليون دولار للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، أغلبها قرض للسلطة بفائدة بنسبة ثلاثة بالمئة. ولكن الحديث يدور عن حل مؤقت، وهناك حاجة إلى ما هو أكبر.
ومع توتر العلاقات بين سلطة الاحتلال والسلطة الفلسطينية، بسبب خصم الضرائب، إلا أن ما يزيد الوضع توتراً هو أنه بينما تحافظ السلطة على التنسيق الأمني مع الاحتلال الذي يحاول محاصرتها مالياً بدعم أمريكي، تجد حركة حماس والجهاد اللتان تقاتلان الاحتلال وتتبادلان معه القصف، تحصلان في نهاية كل جولة قصف على تسهيلات وأموال وتحسن في اقتصاد القطاع، بينما أدت الأزمة الاقتصادية في الضفة إلى أن أكثر من 90 في المئة من أهل الضفة يجدون صعوبة في تسديد القروض التي تبلغ قرابة ثلاثة مليارات دولار، وأكثر من 160 ألف موظف في الضفة وغزة يتقاضون نصف راتب. وكان البنك الدولي نشر الشهر الماضي تقريراً عن الاقتصاد الفلسطيني، حيث أشار إلى أن نسبة البطالة في الضفة ارتفعت إلى 31 في المئة، والخلاف حول أموال الضرائب يمكنه أن يزيد ديون السلطة من 400 مليون دولار إلى مليار دولار. إضافة إلى ذلك، فإن حوالي نصف المحال التجارية في الضفة تحدثت عن انخفاض في المبيعات قبل رمضان، وتراجعت أسعار الأسهم في البورصة الفلسطينية. وقد حاولت دول أوروبية حل إشكالية احتجاز الأموال الفلسطينية دون جدوى. ويتوقع رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد اشتية استمرار الأزمة المالية لثلاثة أشهر أخرى، ما يعني أن احتمالات التوتر على الأرض لها فرصة في الانفجار لأسباب اقتصادية ومالية.
والتقى وزير المالية الاحتلالي مع الفلسطينيين أكثر من مرة، دون جدوى، لحثهم على القبول بخصم مخصصات الأسرى والشهداء، لأن قرار احتجازها جاء بقانون من الكنيست، ولا يلغى القانون إلا من قبل الكنيست، وهناك صعوبة في إقناع أحزاب اليمين بإلغائه. ولا يمكن عقد جلسة للكنيست إلا بعد تشكيل الحكومة الجديدة، بل هناك من الأحزاب اليمينية من يطالب بخصم أموال المحامين التي تدفعها السلطة للدفاع عن الأسرى في السجون، بمعنى آخر، فإن الملف المالي لن يغلق بسهولة، خاصة أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لن يتراجع عن قراره بعدم تسلم الأموال منقوصة، فهو في معارضته للتسوية الأمريكية، وتمسكه بصرف رواتب الأسرى والشهداء يريد أن يسجل موقفاً تاريخياً ينهي به حياته السياسية. وقد حاول الرئيس الفلسطيني ورئيس الوزراء الجديد إيجاد منفذ بالمطالبة بمدقق حسابات دولي لتدقيق الحسابات المالية بين السلطة والاحتلال، لكن «إسرائيل» ترفض ذلك دائماً. فالطرفان على الشجرة ولا يجدان سبيلاً للنزول عنها، ويقترح الأوروبيون إعادة النظر في قانون صرف رواتب للأسرى وفقاً لنظام الرتب العسكرية، حيث يتلقى الأسير ترقيات وفقاً للقانون العسكري وعدد سنوات سجنه، وهذا القانون سنه الدكتور سلام فياض، كعرفان بنضالات الأسرى، لكن الاحتلال والولايات المتحدة تعارضان ذلك، بينما يرى الفلسطينيون أن رعاية أسر الشهداء والأسرى تقليد ثوري وضعه أبو عمار في نهاية الستينات ولن يتم التخلي عنه، وهناك من يقول إن الأوروبيين يحاولون إعادة ترتيب الأمر، بحيث توجه المساعدات المالية إلى عائلات الأسرى دون تخصيص رواتب للأسرى للالتفاف على الإجراء «الإسرائيلي»، وإلى أن يتم ذلك قد تكون الأوضاع على الأرض تفاقمت أكثر وباتت مهيأة للانفجار بقوة. أو كما حذر رئيس الموساد الأسبق داني ياتوم من أن ضم الضفة سيفجر الأوضاع، وكان ياتوم استقال من الكنيست قبل عقد من الزمن، لكنه أعلن قبل أيام أنه بصدد الترشح في نهاية السنة لزعامة حزب العمل وإعادة «إسرائيل» إلى طبيعتها، لأنها تسير حالياً نحو الهاوية، حسب قوله.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"