الأنباء مبشرة

03:27 صباحا
قراءة دقيقتين
شيماء المرزوقي

ليس جديداً على البشرية بأسرها أن تمر بها أوبئة وأمراض فتاكة، فقد عانى الإنسان منذ فجر تاريخه وسجلت المنحوتات والكتب الكثير من الأمراض الفتاكة.
على سبيل المثال، في عام 165م كتب المؤرخ الروماني كاسيوس ديو «أن الوباء الانطوائي، بعض العلماء يقولون هو الجدري، سبّب وفيات يومية تقدر بألفي شخص، واستمر في حصد الضحايا حتى عام 180م».
كما أن آباءنا وأجدادنا عانوا ظهور البعض من الفيروسات الفتاكة، وكتب التاريخ تضم بين جنباتها الكثير من القصص عن فيروسات ذهب ضحيتها الملايين، منها ما عرف بالطاعون الأسود الذي اجتاح أوروبا عام 1348م وقدر عدد الوفيات بسببه بنحو عشرين مليون إنسان.
ولا يمكن تجاوز ما عرف بالإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت في العالم عام 1918م وقدر عدد الضحايا من 40 إلى 50 مليون إنسان. وفي العصر الراهن، وقبل انتشار كورونا مر بنا عدد من الأوبئة، مثل إنفلونزا الخنازير الذي أعلنت منظمة الصحة العالمية في 2010 أنه راح ضحيتها نحو 18 ألف إنسان. ولا ننسى فيروس «إيبولا» الذي ظهر عام 2013 وتوفي بسببه نحو ستة آلاف إنسان.
وبصفة عامة، فإن مسيرة الإنسان مع الفيروسات والأمراض والأوبئة قديمة قدم التاريخ، والجديد في هذا المجال هو العلم بهذه الفيروسات، وهو مجال علمي جاء متأخراً حيث بدأ تاريخه الفعلي في أواخر القرن التاسع عشر الماضي، بينما انتظرت البشرية حتى منتصف القرن العشرين لاكتشاف نحو 2000 نوع معترف به من الفيروسات. وهذا الكشف يعتبر فترة ذهبية في عصر دراسة الفيروسات وساهم في هذا الإنجاز اكتشاف المجهر الإلكتروني، فقد دفع نحو تطور في الأبحاث في هذا المجال التي نجحت في إيجاد الأمصال والأدوية للعلاج والوقاية، وفهم سبب انتشار العدوى وطريقة انتقالها للإنسان.
في هذه المراجعة التاريخية الموجزة في عالم الفيروسات، أتوقف عند ملاحظة وهي أن فيروس الجدري الذي يعتبر الأكثر فتكاً في تاريخ البشرية والذي ظهر في المجتمعات الزراعية منذ 11000 عام، انتقل إلى الإنسان من القوارض التي كانت تحمل هذا الفيروس. وإن أمعنا النظر فإن ما يتردد اليوم عن فيروس كورونا وبأنه انتقل من الحشرات أو الحيوانات، وهو ما يعني تكرار نفس الخطأ. ويبقى الشيء المؤكد أننا قادرون على التغلب على هذا الفيروس، ولله الحمد، الأنباء في هذا السياق مبشرة وتدعو للتفاؤل.

[email protected]
www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلفة وكاتبة وناشرة، قدمت لمكتبة الطفل عدة قصص، وفي أدب الكبار أنجزت عدة روايات وقصص قصيرة، ونصوص نثرية. حازت على عدة جوائز أدبية.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"