أحجية الانتخابات الفلسطينية

03:06 صباحا
قراءة 3 دقائق
حافظ البرغوثي

تنهمك الفصائل الفلسطينية حالياً في نقاش الدعوة للانتخابات التي أطلقها الرئيس الفلسطيني محمود عباس من على منبر الأمم المتحدة في شهر سبتمبر/ أيلول الماضي، وأعيد تفعيل لجنة الانتخابات المركزية التي تترأسها الشخصية الأكاديمية المحايدة الدكتور حنا ناصر. وحتى الآن وافقت الفصائل الثمانية في غزة مبدئياً على الانتخابات وفوضت إسماعيل هنية توقيع الموافقة للدكتور ناصر. ما زال الدكتور ناصر يقوم بجولات مكوكية بين غزة ورام الله لتذليل العقبات وخلق مناخ ملائم لإجرائها وإيجاد الآليات اللازمة، قبل صدور مرسوم رئاسي بتحديد موعدها. وتطالب حركة فتح الالتزام بقانون الانتخابات للعام 2007 الذي يستند إلى القائمة النسبية وكذلك اعتراف حركة حماس بمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني لأنها خاضت الانتحابات الماضية من دون اعتراف بها. موقف حماس هو إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني في آن بينما ترى السلطة الفلسطينية أن الأولوية لانتخابات تشريعية ثم رئاسية. وقد طلبت السلطة الفلسطينية من مصر أن تتوسط لدى سلطات الاحتلال للسماح بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية، وأن تتوسط لدى حماس لكي تسهل إجراء الانتخابات في غزة، لكن مصر قالت إن وساطتها لا تغني عن حوار فلسطيني - فلسطيني مباشر لبحث الموضوع.
إجراء انتخابات فلسطينية في ظل الانقسام القائم يبدو أمراً صعباً حيث التواصل بين حركتي حماس وفتح انقطع منذ فترة طويلة، فالعملية تبدو كإجراء عملية قلب مفتوح دون شق الصدر. فالقلوب ملأى ولم تتم مصالحة سياسية ومجتمعية شاملة لتصفية النفوس وإزالة المظالم، فكيف تجري انتخابات نزيهة تحت سلطتين مختلفتين ومتخالفتين!
مطالب حركة حماس الحالية تتمثل في أن يتم التشاور مسبقاً حول المرسوم الرئاسي بإجرائها وإطلاق حوار شامل حولها قبل المرسوم وهذا يعني أن سطرين في المرسوم قد يستغرق الحوار عليهما شهوراً، كما أن هناك مطالب مالية بأثر رجعي لموظفيها وأنصارها، يضاف إلى ذلك أن الحوار حول الآليات اللازمة لإنجاح الانتخابات قد يستغرق شهوراً.
يرى كثيرون أنه في غياب المصالحة لا يمكن التفاهم على انتخابات، فقد تضمنتها كل اتفاقات المصالحة السابقة، ولم يتم الوصول إلى تلك المرحلة.
وسبق أن كتب خالد مشعل نص اتفاق القاهرة بخط يده وعندما استدعت مصر وفداً من فتح لتوقيعه تراجعت حماس عنه في اليوم التالي. فحسابات حركة حماس الإقليمية تجعلها تربط أشرعتها مع هبوب الرياح في المنطقة. فعندما ترى أن الرياح تهب لصالح حلفائها الإقليميين غير العرب كإيران وتركيا فإنها تتصلب وعندما يكون العكس تناور لكسب الوقت لعل الظروف تتغير. فكيف يمكن إجراء انتخابات في ظل انقسام يحتاج إلى سنوات من العمل لإزالة آثاره وتبعاته ووجود تحالفات إقليمية لا تلتقي بالضرورة مع مصالح أغلبية الشعب الفلسطيني بل مع فصيل أو اثنين فقط.
لقد راهنت حماس على إبرام هدنة مع الاحتلال على مدى السنة الماضية لكنها لم تحصل إلا على أموال قطرية مآلها إلى توقف، لأن قطر بدأت تلمح إلى نهاية لهذا الدعم مع نهاية العام الجاري بعد أن ضخت مليار دولار لحماس في السنوات الماضية وفقاً لأقوال قائدها يحيى السنوار، كما أن صفقة القرن التي ظنت حركة حماس أنه سيكون لها فيها حصة كبديل جاهز للدولة الفلسطينية في غزة وفقاً للرؤية الاقتصادية لإنعاش غزة هي الأخرى تلاشى الحديث عنها أمريكياً و«إسرائيلياً» إلا من تصريح كل شهر من المبعوث الأمريكي المستقيل غرينبلات. يضاف إلى ذلك أن أي حكومة «إسرائيلية» مقبلة ستضم بالتأكيد مجموعة من الجنرالات الذين يقودون حزب الوسط وهؤلاء أعلنوا مسبقاً أن اللعبة التي يتداولها نتنياهو مع حماس انتهت، وأن جيش الاحتلال سيتعامل معها بطرق أخرى. كل هذه المؤشرات تلعب دوراً في القبول المبدئي من قبل حماس بإجراء الانتخابات التي تحولت إلى أحجية.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"