نتنياهو والتهويل بالحرب

03:18 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

هل يلجأ نتنياهو إلى الحرب للنجاة بنفسه. التصعيد «الإسرائيلي» الأخير سواء على الجبهة اللبنانية، فيما يتعلق بالخروقات المتكررة لأجواء لبنان، أو بناء جدار على حدود فلسطين المحتلة يقضم أجزاء من الأراضي اللبنانية، أو محاولات سرقة الثروة الغازية للبنان، أو على الجبهة الفلسطينية في قطاع غزة، أو على الجبهة السورية، وحتى داخل الأراضي الفلسطينية، ليس تصعيداً عابراً فرضته أحداث المنطقة الساخنة، كما هو الحال دائماً، من خلال التدخل «الإسرائيلي» المباشر أو غير المباشر في هذه الأحداث، وإنما يقف وراءه على الأغلب هذه المرة، أسباب داخلية، تبرر سعي القيادة «الإسرائيلية» إلى الهروب من أزماتها، عبر تصديرها إلى الخارج، كما عودنا قادة «إسرائيل» دائماً.
حيث إن الكثير من الخبراء والمحللين «الإسرائيليين» يعتقدون أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لن ينجو هذه المرة من ملفات الفساد الكثيرة التي يتم الحقيق بها معه، هؤلاء يعتقدون أن نتنياهو ربما سيحاول كسب المزيد من الوقت، وذلك من خلال اختلاق أزمات كبرى للتغطية على قضايا الفساد المتهم بها، وربما يدفعه ذلك إلى حد الذهاب إلى حرب جديدة سواء في غزة أو لبنان أو سوريا.
وعلى الرغم من أن الغارات «الإسرائيلية» الأخيرة على سوريا، والتي جرى خلالها إسقاط طائرة «إف 16» التي تعتبر درة التاج في سلاح الجو «الإسرائيلي»، جرى العمل على احتوائها، عبر تحركات دولية، وإقليمية سريعة، لم يعلن عن بعضها، فإن الوقائع على الأرض تشير كلها إلى استعداد «إسرائيل» لحرب مع غزة باعتبارها الحلقة الأضعف من وجهة النظر «الإسرائيلية».
فعلى الرغم من انزعاج «إسرائيل» من الاتفاق الأخير حول المناطق الآمنة الذي تم بين الولايات المتحدة وروسيا في مناطق جنوب وشرق سوريا، فإن كل المؤشرات تشير إلى أن التصعيد سيكون على جبهة غزة، ويتمثل ذلك في قيام جيش الاحتلال بإجراء مناورات في الجنوب تشابه عملية اجتياح لغزة وتخليص رهائن وأمور أخرى مرتبطة أساساً بالوضع وتجربة الحرب هناك. وكذلك إنشاء الجدار فوق الأرض وتحتها على طول الحدود مع غزة.
وإذا ما أخذنا بعين الاعتبار المحاولات المستميتة التي يبذلها نتنياهو لتمرير قانون يمكنه من اتخاذ قرار بالحرب دون أخذ موافقة أغلبية وزراء الحكومة، فإن هذا يخوله أن يقرر إعلان الحرب متى يشاء.
وقد يرى نتنياهو الوضع في غزة من أكثر العوامل المشجعة للذهاب إلى الحرب، وذلك لأسباب كثيرة أبرزها الأوضاع المأساوية التي يعيشها القطاع الذي يبدو في كل لحظة على وشك الانفجار.
ومع أن كل التقديرات الأمنية والعسكرية «الإسرائيلية» ترجح أن حرباً جديدة على غزة لن تكون نزهة ل «إسرائيل»، وأنها ستكون أكثر ضراوة من سابقتها، وقد تكون الخسائر البشرية في كلا الطرفين كبيرة لدرجة لا يقدر المستوى السياسي في «إسرائيل» على تحملها، إلا أن نتنياهو الغارق في ملفات فساده قد يندفع نحو هذه المغامرة هرباً من أزماته الداخلية المستعصية.
وعليه فإن الكثير من المصادر الغربية تبدي تخوفها من تصعيد خطر في الأوضاع على جبهة قطاع غزة أو على الحدود مع لبنان في ظل التحقيقات التي تجريها الشرطة «الإسرائيلية» ضد رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو. وترجح هذه المصادر أن نتنياهو سيحاول الهروب من التحقيقات الحالية التي تجريها شرطة الاحتلال والتي تتهمه وزوجته بالفساد وخيانة الأمانة، ما سيؤدي حتماً إلى الإطاحة به وزجه في السجن في ظل تجند الإعلام «الإسرائيلي» ضده والمظاهرات التي يجريها اليسار «الإسرائيلي» للمطالبة بتسريع إجراءات محاكمته، محذرة من توجهات خطيرة لنتنياهو قد تؤدي عملياً إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة عبر التصعيد العسكري. وأشارت المصادر إلى أن السبيل الوحيد لمنع إسقاط نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة ومنع إجراء انتخابات جديدة يكمن في قدرته على توجيه بوصلة الحدث السياسي «الإسرائيلي» صوب التصعيد وإعادة مخاوف «الإسرائيليين» من التهديد الخارجي.
مما تقدم، يمكن القول إن احتمال هروب نتنياهو من أزماته الداخلية إلى ساحة الحرب، أمر وارد جداً في ظل السياسة البراجماتية التي يتصف بها قادة «إسرائيل» عامة، وحكومة اليمين المتطرف التي يقودها نتنياهو حالياً خاصة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"