مصر واستضافة مؤتمر الأطراف الـ 27 للمنـاخ

19:08 مساء
قراءة 4 دقائق

د. محمد الصياد *

مصر ترغب في استضافة مؤتمر الأطراف ال 27 لتغير المناخ الذي سيعقد في نوفمبر من عام 2022. هذا ما نقله أحد الإصدارات المتخصصة في قضايا المناخ، عن أحد كبار المسؤولين المصريين. حتى الآن، وكما يشير أحد المواقع الإخبارية التابعة للأمم المتحدة، والخاص بأهداف التنمية المستدامة، فإن الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف (COP27) في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (UNFCCC)، ستُعقد خلال الفترة من 7 إلى 18 نوفمبر 2022، وإن مكان الانعقاد سيتحدد لاحقاً. علماً بأن التوزيع الجغرافي لإقامة هذا الحدث الذي يستقطب سنوياً أكبر تجمع لقادة العالم على الإطلاق، هو من حصة القارة الإفريقية بالنسبة للدورة التي ستعقب مؤتمر الأطراف ال 26 الذي ستستضيفه مدينة جلاسجو الاسكتلندية نهاية هذا العام (بين 1 و12 نوفمبر 2021). بالمقابل، فإنه لم يصدر حتى الآن من القاهرة ما يؤكد رسمياً رغبتها في استضافة

COP-27. وهذا مفهوم، لأن الأمر يتطلب تمهيداً يشمل قيام الخارجية المصرية بشن حملة دبلوماسية عالمية، خصوصاً في القارة الإفريقية للحصول على دعم الدول الأعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، للطلب المصري في الاستضافة.

ونعتقد أن مصر تستحق الفوز بفرصة استضافة مؤتمر الأطراف ال 27. وإنه قد حان الوقت لكي تتبوأ موقعها الذي تستحقه في الورشة العالمية الضخمة لتغير المناخ. وإن الطريق إلى ذلك أصبح سالكاً، بعد أن سحبت مصر مرشحها لمنصب مدير عام منظمة التجارة العالمية، خبير المنظمة المعروف (بعد إنشاء المنظمة في أول يناير 1995، كان مسؤولاً عن ثاني أهم ملف المفاوضات بعد ملف التجارة في السلع، وهو ملف التجارة في الخدمات)، ومستشار رئاسة مجموعة العشرين لشؤون التجارة العالمية، عبد الحميد ممدوح، لصالح المرشحة النيجيرية السيدة نغوزي أوكونجو ايويالا التي أصبحت أول امرأة من القارة السمراء تتبوأ هذا المنصب الرفيع بين كبريات المنظمات الاقتصادية والمالية العالمية. ومن بين الدول العربية، وجميعها أعضاء في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، فقد سبق لكل من المغرب، الذي استضافت مدينته مراكش دورتين من دورات انعقاد المؤتمر (الدورة السابعة في أكتوبر 2001، والدورة الثانية والعشرون في نوفمبر 2016)؛ وقطر (الدورة الثامنة عشرة في نوفمبر 2012)، أن استضافتا هذا المؤتمر. ومن القارة السمراء، هنالك أيضاً دولتان فقط سبق أن استضافتا المؤتمر، وهما كينيا التي استضافت عاصمتها نيروبي الدورة الثانية عشرة في نوفمبر 2006، وجمهورية جنوب إفريقيا التي استضافت مدينتها دوربان الدورة السابعة عشرة للمؤتمر في ديسمبر 2011.

سوف يتعين على مصر، خصوصاً وزارة الخارجية، التحرك بسرعة وسلاسة لحسم هذا الموضوع داخل مجموعة المفاوضين الأفارقة الخاصة بتغير المناخ؛ وهي مجموعة تفاوضية تأسست في مؤتمر الأطراف الأول في برلين عام 1995، كتحالف للدول الإفريقية يمثل مصالح دول القارة السمراء بصوت موحد ومشترك في مفاوضات المناخ. وأن تكون بداية التحرك تجاه جمهورية الغابون التي ترأس المجموعة حالياً، وذلك لتفادي إحراجات الترشيحات المتقابلة التي قد تتقدم بها بعض البلدان الإفريقية الأخرى. ذلك أن الحصول على دعم هذه المجموعة مهم للغاية قبل التوجه إلى مؤتمر الأطراف ال 26 في جلاسجو الذي سيتقرر فيه اسم الدولة التي ستستضيف قمة المناخ التالية (COP-27). وقبل ذلك بالتأكيد، لابد من إحاطة المجموعة العربية لمفاوضات المناخ بالأمر للحصول على مباركتها ودعمها البالغ الأهمية لناحية التحشيد.

غنيٌ عن القول إن استضافة إحدى قمم الأمم المتحدة السنوية للمناخ، لهو حدث بالغ الأهمية بالنسبة للدولة المضيفة. ولذا، فإنه يتعين عليها أن تُظهِر وتثبت امتلاكها للوسائل اللوجستية والتقنية والمالية والأمنية (إذ عادةً ما يحضر هذه القمم قادة العالم) اللازمة لتنظيم هذا الحدث العالمي الكبير، والذي سيحظى بطبيعة الحال ببعض الدعم المالي والفني والإداري من جانب دوائر الأمم المتحدة المختصة بقضايا المناخ. وبما أن العالم يجتاز مرحلة استثنائية للعام الثاني على التوالي بسبب جائحة كورونا، فإن من غير المرجح أن تعقد القمة القادمة في جلاسجو بالحضور الشخصي (حوالي 30,000 مشارك في المتوسط من جميع أنحاء العالم). وتدرس الأمم المتحدة خيار الجمع بين الحضور الشخصي التمثيلي الرمزي وبين المشاركة عن بعد. ولما كان العالم تعلم كيف يتعايش مع خطر الإصابة بعدوى كوفيد-19، فقد تحتاج الدولة الإفريقية المضيفة لمؤتمر الأطراف ال 27 (مصر في هذه الحالة)، إلى وضع بضعة خيارات لعقد المؤتمر، من بينها المزاوجة بين الحضور الشخصي التمثيلي، والاجتماعات الافتراضية المعززة. ولعل مصر، أكثر دولة إفريقية مؤهلة للتعامل مع كلا الاحتمالين. خصوصاً إذا ما فرض خيار المؤتمر الافتراضي نفسه، حيث تتميز مصر بين البلدان الإفريقية بتوفرها على شبكة اتصالات متطورة للغاية. كما أن لدى مصر تجربة سابقة في استضافة قادة العالم الذين شاركوا في حفل تدشين مشروع توسعة قناة السويس في عام 2015. 

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"