عادي
تثقل كاهل أولياء الأمور بعد تحولها إلى «أون لاين»

الامتحانات في زمن «كورونا».. تكدير للطالب وإرهاق للمعلمين

23:24 مساء
قراءة 7 دقائق

تحقيق: ميرفت الخطيب
تمثل الامتحانات المدرسية صعوبات مضاعفة تثقل كاهل أولياء الأمور والطلاب وترهق المعلمين، خاصة بعد تحولها إلى أون لاين في زمن كورونا، ويزيد من الإرهاق لجوء بعض المدارس لعقد امتحانين وثلاثة في اليوم الواحد، ودون وجود أي فرصة لراحة الطلاب أو استعدادهم الجيد للتحصيل وحصد الدرجات، ما يلقي بالمزيد من الضغوط النفسية على الطلبة وأسرهم، وعبر عدد من أولياء الأمور والمعلمين والمعنيين بالتقييم التربوي عن أن الاختبارات تقيس مهارات وقدرات الطلبة،لكن إساءة استخدامها وتوظيفها، جعلها مقلقة ومخيفة بشكل مبالغ فيه يرهق الجميع.

وداد أم لطفلين في المرحلة الابتدائية، أكدت لنا أن الضغط كبير، والجهد الأكبر يقع على كاهل ولي الأمر المثقل بالمشاريع والواجبات والتقارير والامتحانات مع التضارب الكبير بينها، وتضيف أن التعليم عن بعد فرض علينا آلية واجبات وأنشطة جديدة، ولا يمكن ترك الأطفال ينجزونها وحدهم، ولم تعد عبارة عن دفتر وقلم، بل آيباد ولاب توب، ومواقع قد تفتح وقد تتعطل، وقد وقعنا أكثر من مرة في ورطة عدم تسليم الامتحان لعطل تقني، لتحل لنا المسؤولة التقنية بالمدرسة المشكلة، بعد أن تحترق أعصابنا وقد نضطر لإعادة الامتحان في بعض المرات.

وتضيف وداد موضحة: حتى الأنشطة المطلوبة منا معقدة ولا يمكن للطالب إنجازها وحده، وأنا كأم لطفلة صغيرة وموظفة ولدي عمل في المنزل، أشعر بضغط كبير ومضطرة لتدريب ابني مثلاً على التحدث عن البيئة وتصويره فيديو وإرسال الفيديو عبر موقع تحدده المعلمة، ويجب أن يكون في مدة معينة وإلا لن يتم تحميله، الصراحة نحن نعيش ظروفاً نفسية صعبة بسبب الجائحة، والمدرسة ومتطلباتها الغريبة تزيد الضغوط علينا بشكل كبير.

وشاركتها أمل محمد الرأي، وقالت: كل يوم تنتهي دروسنا في الساعة الواحدة، لنتفاجأ بكم من الواجبات عبر البوابة وبعضها يتطلب الكتابة والرسم والتصوير، إضافة للامتحانات شبه اليومية التي تكون في الساعة الثالثة أو الرابعة عصراً، أي إن اليوم كاملا ضاع مع الدروس، والامتحانات والواجبات، وكأن الأم لا شغل لها سوى هذا!

وتقول: لدي ثلاثة أطفال في المدرسة، وأجلس في مساء كل يوم بعد أن يناموا بهدوء، لأصور كل ما قاموا بحله وإرساله للمعلمات «على التيمز أو الواتس آب أو البوابة الذكية» حسب رغبة كل معلمة، وبالطبع أخلط بين الواجبات والأرقام والأسماء، وأضطر لعمل جدول ينظم الأمر كي لا أنسى أو أخطئ في أحد الواجبات، فهل هذا وضع طبيعي؟!

مسألة صعبة

تشير الدكتورة بشرى العكايشي، رئيسة قسم التربية بكلية الآداب، جامعة الشارقة، أن إجراء امتحانين مسألة صعبة على الطالب، خاصة في عملية المراجعة مقابل مراجعته لمادة واحدة، خاصة وأن بعض المواد تشكل صعوبة للطالب مثلا في مجتمعاتنا، كالمواد العلمية مثل الرياضيات الفيزياء والكيمياء فهي صعبة عليهم وتعد تحديا لهم، وهذا الجانب يجعلنا كمدرسين أمام نقطتين ضروريتين لا نستطيع اغفالهما وهما، هل الامتحانات هي غاية أم وسيلة؟ فإذا أصبحت الامتحانات غاية وليست وسيلة فسنكتشف آفاق فردية في الإدراك والمقدرات المعرفية، فإذا وضعت الامتحانات في يوم واحد ستشكل ضغطاً إضافياً على الطلاب وخاصة ذوي القدرات المحدودة أو المتوسطة وستؤثر مادة في حساب مادة أخرى.

وتشير إلى أن عملية الاختبار واستخدامها بشكل سيئ يجعل مادة الامتحان مادة مخيفة ومقلقة للطلبة، وبدلاً من خدمة أهداف تعليمية ستعود بأثر سلبي، لأن الإثراء المعرفي الذي سنخرج به لن يكون جيداً لتطوير الجانب المعرفي للطالب ولن نحصل عليه، وبالتالي لن نصل للتطوير الذي نأمل في الحصول أو الوصول إليه.

لست معها ولا أؤيدها

الدكتورة عائشة السيار، أول وكيل مساعد في وزارة التربية، وصاحبة مدرسة الشارقة الأمريكية، قالت: أود أولاً أن أحيي المتابعة المستمرة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لقضايا التعليم ودعمه العظيم لكل مفرداتها ومسيرتها وكيف لا والعلم والثقافة هما ركائز مشروع سموه الحضاري.

وتقول السيار، بالنسبة لمشكلة كثرة الامتحانات وتعددها خلال اليوم الواحد، والتي يعانيها الطلبة في بعض المدارس، فإنني لست معها ولا أؤيدها كونها تؤدي إلى عكس المستهدف منها، حقيقة أن التقويم جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية ولكن حسن توظيفها، والتصميم الجيد لأساليبها هو أساس نجاحها في تحقيق الهدف منها وليس كثرة تكرارها والضغط بها على الطلبة لحثهم على المذاكرة والبحث.

وتضيف السيار، رغم ظروف الجائحة يتوجب على إدارات المدارس اتباع سياسات حكيمة توفر بيئة تعليمة يسودها التعاون والسكينة لتهدأ نفوس الطلبة وذويهم وتوفر أساليب حافزة على التعلم والنجاح.

وفي ظل الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد 19 وتأثر العملية التعليمية بها، أصبحت كل أطراف العملية التعليمية من طلبة، ومعلمين، أولياء أمور، وإدارات تعليمية تعاني الكثير من الضغوط وسط معادلة صعبة نحرص فيها على مستقبل أولادنا، وألا نفوت عليهم سنوات دراسية وفي نفس الوقت أن يستوعبوا مناهجهم الدراسية ليتمكنوا من استكمال رحلتهم التعليمية بمستوى عال من الفهم والاستيعاب ولتحقيق النجاح في التعامل مع تلك الظروف يحاول المدرسون تنفيذ أساليب تعليمية جديدة فيها الكثير من الابتكار والتقنيات الحديثة لشد انتباه الطلبة واندماجهم في مسار حصصهم التعليمية بمشاركة فاعلة ومفيدة وتنفيذ بعض الأنشطة التعليمية لتقويم مدى استيعابهم للمعلومات والمهارات المطلوبة

قضية الحد الفاصل

إبراهيم بركة مدير عام مؤسسة الشعلة التربوية الخاصة، أكد ضرورة أن يلم المسؤولون التربويون بقضية الحد الفاصل بين الإرهاق وتخفيف الأعباء، فنحن كمدارس خاصة، نخضع للرقابة والتقييم من قبل جهات الاختصاص وهي هيئة الشارقة للتعليم الخاص، وفي السابق كانت وزارة التربية والتعليم، والهيئة لديها فرق متابعة مؤلفة من خبراء تربويين، تم تكليفهم العام الماضي وتعيينهم هذا العام بشكل رسمي، لتقييم عملية التعليم عن بعد في المدارس الخاصة مع جائحة كوفيد 19، وهذا التقييم فيه عدة أدوات للقياس وعددها 13، منها 9 تعنى بمجالات خاصة بالحصة الدراسية ونوعية التعليم، و4 مختصة بجودة حياة الطلبة، أي معرفة اذا ما كانت المدارس تهتم بنفسية الطالب مثلا ومدة الحصة والاستراحات والواجبات وعددها ومهلة حل الواجبات، بالإضافة لمعرفة الأنشطة المقدمة للطلبة ومن ثم يتم تقييم الامتحانات سواء من ناحية مدتها وتوقيتها وعددها إلخ.. كل هذه الأمور تؤخذ بعين الاعتبار، لمساعدة الأساتذة للسيطرة على الوضع والتعامل مع التحديات التي يواجهونها.

ويضيف بركة، إن أولياء الأمور ليسوا جميعا بنفس الاجتهاد أو الرأي فيما يتعلق بالامتحانات، نحن ضد الإفراط والتفريط بل يكمن دور المدرسة في عمل توازن، مثلا وضع ضوابط للواجبات المنزلية والأخذ بعين الاعتبار الاختلاف ما بين الصفوف الصغرى والصفوف الكبرى.

وعلى صعيد آخر من المهم جدا إجراء دراسات ميدانية وتقييم للمدارس بمتطور ومتطور جزئيا وغير متطور والعمل على التعامل مع كل فئة بحسب درجتها أو تقييمها.

حق أولياء الأمور

يرى مهند أبو الهدى، مدير مدرسة الدوحة الخاصة بالشارقة، أنه من حق أولياء الأمور أن يتضايقوا من كثافة الامتحانات خاصة وأن المطلوب منهم تحمل الجزء الأكبر في العملية التدريسية بسبب الظروف التي فرضتها جائحة كوفيد 19، وهذا ما سبب عبئا كبيرا خاصة إن كان لديهم عدة أولاد في المدرسة، وكثرة الواجبات ومتابعتها أصبحت من مهامهم بعدما كانت تتم بشكل انسيابي في المدرسة النظامية، هذا في الأيام العادية للدرس، فما بالنا إذا بمواعيد الامتحانات الفصلية أو الأسبوعية أو حتى اليومية في بعض المدارس، ووجود مادتين للاختبار في يوم الامتحان هو بلا شك سبب لاستيائهم وهو سبب وجيه من وجهة نظري، كون الضغوط ستكون على الطالب والأهل، وهنا أيضا على المعلم، الذي يكون ملزما بإنهاء المنهج في وقت محدد.

وأضاف، كل ما سبق سيجعل من المدرسة والتعليم بيئة طاردة للطالب وأهله، بسبب ضيق الوقت وعدم إعطاء الوقت الكافي لمراجعة الدروس والاستعداد لها بشكل جيد. ناهيك عن المشاكل التقنية التي لم تكن بالحسبان مع التحول للدراسة عن بعد، وعدم إلمام الأهالي بكيفية حلها.

واحد في اليوم

أكد علي الحوسني مدير هيئة الشارقة للتعليم الخاص في الشارقة، ضرورة إجراء اختبار واحد في اليوم ، خاصة بعد توجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، لحل مشكلة ولية الأمر التي اشتكت من صعوبة إجراء امتحانين في يوم واحد، وقال: قمنا بمتابعة المدارس ومطالبتها بعدم ازدواجية الاختبارات، ولكن المشكلة تكمن في تشعب الأنظمة التي تتبعها المدارس، بين الأمريكي والبريطاني والأسترالي والهندي والفرنسي، فكل واحد وله نظامه الخاص، والهيئة تنظم العملية بحيث لا يكون هناك ضغط على الطالب أثناء الامتحانات النهائية، ولكن ما يحصل أنه أثناء وضع الاختبارات تكون هناك مادة بسيطة ولا تستلزم وقتا فتضطر المدرسة لوضع امتحان ثان معها، ولكننا سنقوم بمتابعة الشكاوى التي ترد من أولياء الأمور.

وأضاف، أنه خلال جائحة كوفيد19 تم وضع دليل إرشادي لوضع الاختبارات والتقويم، وتم توزيعه لإدارات المدارس، فتم عمل دورات تدريبية من قبل الهيئة لشرح آلية تلك الاختبارات، وفي حال وضعت إدارة المدرسة للطالب اختبارين في اليوم العلمي نفسه، يتم توجيه إدارة المدرسة بتغيير جدول الامتحانات، وأن الهيئة تقف إلى جانب الطلبة، وتطالب كل إدارات المدارس بمراعاة ظروف الطلبة وأسرهم، خلال تلك الجائحة، كما أن عليها العمل بالدليل الإرشادي المقر من قبل الهيئة.

تقييم مستمر لإدارات المدارس

قال علي الحوسني مدير هيئة الشارقة للتعليم الخاص في الشارقة أن هناك تقييماً مستمراً من إدارات المدارس للطلبة، وأن المدرسة مسؤولة عن وضع الاختبارات وتطوير مهارات الطلبة وتحصيلهم العلمي، وهناك تقييم مستمر وتقييم نهائي، واختبارات نهائية، نهاية الفصل الأول والثاني والفصل الأخير، التقييم المستمر خلال الحصة الدراسية في سؤال أو سؤالين لقياس مهارات الطالب، ومن ثم يجمع المعلم الدرجات وأخذ أفضل درجة تحصل عليها الطالب، أما بالنسبة للاختبارات النهائية فتنظمها إدارة المدرسة، وأنها ملزمة بذلك، بحيث لا يُعطى أكثر من اختبار واحد في اليوم الواحد.

وعقب بالقول، لو كان الأمر بيدي لكنت طلبت بأن يكون بين الامتحان والامتحان مدة يومين أو ثلاثة، لضمان أن يذاكر الطالب دروسه براحة. وعلى المدرسة مراعاة وضع الطالب في هذه الأزمة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"