تراثية غير تراثية!

05:00 صباحا
قراءة دقيقتين
إبراهيم الهاشمي

كلما زرت منطقة من المناطق التي يطلق عليها اسم: تراثية، أشعر بالحزن الممزوج بالغضب، فإن لم تكن كلها، فجلها لا يمت للتراث الإماراتي سوى في الشكل العام، أما المحتوى أوالمضمون فهو بعيد كل البعد عن تراثنا الأصيل؛ إذ غالبية ما تعرضه الدكاكين أو الأكشاك أو المحال التي تدبج لافتاتها بمسمى التراث لا نجد فيه ما يتصل بتراثنا من قريب أو بعيد، فهي إما من الهند أو الصين أو أفغانستان أو إيران، وتعرض للسياح والزوار على أنها من المشغولات الإماراتية ومن تراثها الأصيل.
تراثنا ليس فقيراً وفيه الكثير مما يمكن أن يعرض للسياح ويهواه المقتنون، فالفخاريات الإماراتية مثلاً معروفة لكن ما يعرض بعيد كل البعد عن النمط الفني لدينا، والصناعات اليدوية بمختلف أشكالها سواء الخشبية أو ما يتعلق بالنخيل أو الحلي أو السيوف والخناجر أو المشغولات البحرية والملابس بديعة وذات تصاميم وأشكال مميزة نفخر بها، لكن جل محال التراث تلك بعيدة كل البعد عن عرض ما يمثلنا، وغالبيتها تعرض كوكتيلاً شرق آسيوي، والأدهى والأمر أنها تسوّق له على أنه من تراثنا أمام السياح.
هذا من جهة، أما من جهة الجهات المسؤولة كالدوائر الاقتصادية أو الجهات التي تؤجر تلك المرافق والمناطق فلا تبحث فيما تعرضه تلك المحال ما دامت تحصل الرسوم والإيجارات.
هناك وسائل كثيرة لتقديم تراثنا وما يتعلق ببلادنا ولا يحتاج إلا إلى تقنين وتخطيط، ويمثلنا خير تمثيل، فمثلا ما الضير من وجود محال متخصصة في بيع الطوابع الإماراتية، أو المشغولات اليدوية من دلال القهوة أو أدواتها، أو منتجات ومشغولات النخيل المختلفة، أو المشغولات المتعلقة بالحلي، أو الأدوات الحربية كالسيوف والخناجر والبنادق، أو محال لبيع المجسمات التي تمثل المباني والنمط المعماري الإماراتي، أو تبيع الملابس الإماراتية الرجالية والنسائية؟ بينما تباع تلك المنتجات الآسيوية في محال أخرى غير المناطق التراثية الإماراتية، فترك الباب هكذا مفتوحا لمن هب ودب لبيع «ليلام» لا يمت لنا بصلة ويشوه تراثنا ويقدم للسياح صورة غير صادقة عنا وعن تراثنا، فهو أمر يحتاج إلى إعادة نظر.
ولا ننس ضرورة مراقبة الأسعار، إذ تعرضت شخصياً للصدمة حين زرت أحد الصروح المهمة في الدولة واستفسرت عن أسعار بعض القطع الذهبية التي تمثل التاريخ والتراث الإماراتي، ففوجئت بالسعر المبالغ فيه، وحين سألت البائعة هناك عن سرعة بيعها قالت إنها لم تبع إلا قطعة واحدة فقط، ومع ذلك يصر أصحابها على هذا السعر المرتفع.
الجهات المختصة لا بد أن تعمل بشكل صادق وممنهج ودقيق لتطوير المناطق التراثية، لا أن تترك الأمر بهذه العشوائية التي تضرب في صميم التراث وتشوهه.
لن أذكر أسماء مناطق بعينها، فالمناطق تشي بسوء حالها وتشكو مر الشكوى لما تتعرض له من انتهاك لخصوصيتها وأصالتها.
الشكل المعماري التراثي الإماراتي لا يكفي لنسمي تلك المنطقة بالتراثية، لأن ما بداخلها لا يمثلنا بتاتاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"