محنة إدلب في الإرهابيين

02:59 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

لم ينجح اليوم الأول لتسيير الدوريات الروسية التركية المشتركة في إدلب، بعدما أقدمت تشكيلات إرهابية على قطع الطريق «إم 4» باستخدام مدنيين دروعاً بشرية، بما في ذلك النساء والأطفال، ما اضطر القوات الروسية إلى اختصار العملية ومنح وقت إضافي للجانب التركي كي يتخذ إجراءات خاصة بتحييد التنظيمات الإرهابية وضمان أمن الطريق.
كل المعطيات تقريباً تشير إلى أن هذه التفاهمات لا يمكن أن تنجح مطلقاً، وحتى إذا نجحت فلفترة محدودة، لأن محافظة إدلب تعج بآلاف المسلحين المدعومين من تركيا وغيرها من الأطراف الخارجية. وأغلب هذه الأطراف لا تريد للأزمة أن تنتهي، وتراهن على تغيرات مستقبلية ما، لاستخدام الخلايا الإرهابية المسلحة في إعادة الفوضى إلى عموم سوريا بعد أن تمكن جيشها من استرجاع معظم أراضيه واستطاع أن يحافظ على مؤسسات الدولة من الانهيار.
مشكلة إدلب لن تعرف الحل طالما بقيت الجماعات الإرهابية تتخذ مئات الآلاف من السكان رهائن لمشروعها التدميري، تشجعها على ذلك المواقف التركية غير النزيهة، وخصوصاً مع الجانب الروسي الذي كظم غيظه أكثر من مرة بسبب الخروقات «المدروسة». وربما تكون هذه الفرصة الأخيرة التي تمنحها موسكو لأنقرة وفصائلها. وفي حال الفشل سيكون الجيش السوري في حل من «التفاهمات» وسيعمل على استكمال فرض سيطرته على ما تبقى من المحافظة وتخليص عشرات المدن والقرى من براثن الإرهاب.
كل التوقعات لا تعطي نسبة كبيرة لنجاج التفاهم الروسي التركي الجديد الموقع في الخامس من الشهر الحالي. فحل المشكلة ليس بتسيير الدوريات المشتركة وإدامة الهدنة ووقف تقدم الجيش السوري، لأن ذلك سيساعد الجماعات المسلحة على التقاط أنفاسها وتنظيم صفوفها، بالتوازي مع مواصلة القوات التركية تعزيز انتشارها في الأراضي السورية، ما يوحي بالتحضير لعمل لاحق. ومازالت الأطراف الإرهابية تراهن على تدخل غربي لدعم تركيا، وتحاول في كل مرة خلق ذريعة، ومن ذلك ما كشفته القوات الروسية مؤخراً حول قيام إحدى الجماعات بالتحضير لمسرحية كيماوية يتم بموجها اتهام الجيش السوري بارتكابها، ومن ثم البدء في التباكي والاستعطاف وإثارة «النخوة» الغربية، ولكن الحيلة لم تنطل، ولم يعد لها معنى بعدما انكشفت كل المسرحيات الكاذبة السابقة وأشهرها «هجمات» دوما والغوطة وخان شيخون.
إنهاء محنة إدلب يتم عبر تمكين الجيش السوري من استعادة كافة أراضيه، وطرد الإرهابيين إلى الدول والأصقاع التي قدموا منها عبر شبكات التجنيد والمرتزقة. أما المراوحة بين التصعيد وخفضه فلن تؤدي إلا إلى إطالة الأزمة وإبقاء مئات الآلاف من السكان وسط الكارثة الإنسانية. ومسؤولية ذلك تتحملها الجماعات المسلحة ومن يرعاها من الذين لم يستوعبوا أنهم هزموا، وأن مشروع تدمير سوريا قد انحسر ولم تسقط الدولة، رغم السنوات التسع الدامية ومئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"