العلاج بالطاقة (2-4)

02:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
د. عارف الشيخ

ذكرنا في المقال السابق أن أهل العلم انقسموا إلى أقسام إزاء الاستفادة مما خلقه الله تعالى لعباده متاعاً كان أو منفعة، وربما استعجل بعضهم فحرّم الشيء لمجرد أنه لم يقرأ عنه في الكتب أو لم يره من قبل، والمؤسف أن بعض العلماء نظرتهم ضيقة أيضاً في حين أنهم يقرؤون في القواعد الفقهية قاعدة: «لا تضيق ما كان واسعاً»، فيذهبون ويحرمون أنفسهم من الكثير مما خلقه الله تعالى.
ومن هذه المسائل المختلف فيها اليوم مسألة العلاج بالطاقة التي نسمع بها في هذه الأيام بقوة، ولم نكن نسمع فيما مضى من الزمن بكثير من المسائل التي نسمعها اليوم في أوساط المجتمع أو نقرأ عنها في الصحف والمجلات أو يتناولها المتحدثون في أحاديثهم عبر التلفاز والمذياع، لكن المثل يقول: «عش رجباً تر عجباً».
ومن هذه المسائل ما يتعلق بالعلاج بالطاقة، والعلاج بالطاقة لا تسمع به كثيراً في أوساط المتدينين الذين يأخذون بظاهر النصوص، ولا تسمع به في الأوساط الطبية لأنه ليس من الطب العضوي ولا الطب النفسي الخالص ولا الطب العشبي.
العلاج بالطاقة مسمى جديد عرف في العصر الحديث وقال بعض العلماء إنه يصنف ضمن مجموعة الدجل والشعوذة بعيداً عن تعاليم الكتب السماوية ،لأنه يتناقض مع الوحي، وينتمي إلى المدرسة العقلية البحتة.
وذكرت الدكتورة فوز كردي في كتاباتها وهي من أنصار هذا الرأي بأن هذا العلاج في نظر المؤمنين هو علاج نفسي بدني روحي مبني على فهم المؤثرات الغيبية على الإنسان.
ويقول مكتشفو هذه المؤثرات: هناك سارية في الكون اسمها «ريكي» أو «التشي» أو «البرانا» يمكن للإنسان استمدادها وتدفيقها في أجساده غير المرئية للوصول إلى السلامة من الأمراض البدنية المستعصية، والوقاية من الاضطرابات النفسية والاكتئاب.
ثم أوردوا تحت هذا النوع من العلاج العلاج بالريكي وهو عبارة عن تمارين يفتحون بها منافذ الاتصال بالطاقة الكونية، وهذا العلاج يختلط فيه ما هو حق وما هو دجل وشعوذة حسب قولها.
والنوع الثاني العلاج بالتشي كونغ الذي يعتبرونه وقاية من سائر الأمراض النفسية والبدنية والروحية.
والنوع الثالث هو «البرانا» وهو عبارة عن طاقة تمنحه القوة والسعادة والشعور بالنشوة والدخول في الاسترخاء، ولكي يجعلوه مقبولاً عند المسلمين قال بعضهم إن الله هو الطاقة وزجوا فيه أسماء الله الحسنى والعلاج بأشعة لا إله إلا الله.
ومثلما اقنعوا الناس بأن هذا العلاج يوفر لهم الطاقة الحيوية أقنعوهم أيضاً بأنهم به يفرغون الطاقة السلبية المسببة للأمراض العضوية والنفسية، ولقد حذر الشيخ محمد صالح المنجد من هذا النوع من العلاج، كما حذر من الاستماع للمعالج بالطاقة المدعو أحمد عمارة الذي يقول إن «بوذا» نبي من الأنبياء، وإن دخول الجنة يشترط له أن يعتقد الإنسان أن الله لا إله إلا هو، ثم لا يهم إذا كان الرجل يتبع أي ديانة، والقول إن الجنة لا يدخلها إلا مسلم قول فيه تعال وتكبر على سائر الخلق، هكذا يقول هو.

أقول: لا نختلف مع الشيخ الفاضل المنجد في خطورة ما قال أحمد عمارة عن بوذا، فهذا القول إن صح منه فإنه يكفي لأن يبعده عن دائرة الإسلام، لكن أود من شيخنا حفظه الله تعالى أن يفرق بين ما يتعلق بمسألة العلاج بالطاقة الروحية وهو في أصله ليس بحرام متى لم يستخدم فيه الحرام. وبين اليوجا كرياضة من الرياضات التي لم يعرفها الإسلام بالطبع، وهي كما عرّفوها تعني إبطال التقلبات النفسية الذهنية، والهدف منها الوصول إلى المشاعر الداخلية في أعماقنا، والوصول إلى التخلص من الضغوط النفسية والعصبية وزيادة نشاطنا، وهي تمر بمراحل تتعارض مع تعاليم الإسلام الذي قال: «ألا بذكر الله تطمئن القلوب»، والشريعة الإسلامية بمصدريها الكتاب والسنة غنية بالوسائل العلاجية، فما أتي به من خارج الإسلام ولم يكن مخالفاً لأصول ديننا قبلناه، وما كان منافياً نبذناه، وللمقال بقية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"