بدائل ترامب للاتفاق الإيراني

04:23 صباحا
قراءة 3 دقائق
عاصم عبد الخالق

الرافضون والمؤيدون للاتفاق النووي مع إيران يشغلهم سؤال واحد حالياً هو: ما هي الخطوة التالية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إذا قرر في الأسبوع المقبل الانسحاب من الاتفاق؟ الفريقان كلاهما يشعر بالقلق. الداعمون للاتفاق يخشون أن تكون تلك بداية مغامرة عسكرية جديدة لا يعرف أحد مداها أو عواقبها. المعسكر الآخر يتوجس خيفة من خضوع الرئيس لضغوط الحلفاء الأوروبيين المتمسكين بالاتفاق، ومن ثم يكتفي بقرارات لا يعتبرونها صارمة بما يكفي لردع إيران ومعاقبتها.
النقاش المحموم حول القضية يكاد لا يتوقف في الأروقة السياسية والإعلامية في واشنطن. وتزداد وتيرته سخونة وتوتراً كلما اقترب تاريخ الثاني عشر من مايو/أيار الجاري وهو موعد تجديد رفع العقوبات أو إعادة فرضها وبالتالي الإخلال بالالتزام الأمريكي وفقاً للاتفاق.
وعندما يطرح المعارضون والمؤيدون سؤالهم الصعب عن الخطوة التالية لترامب إذا انسحب من الاتفاق، فإنهم يتفقون ضمنياً على أن الإدارة لم تطرح حتى الآن استراتيجية بديلة للتعامل مع المسألة الإيرانية بما يحقق أهداف واشنطن ويلبي مطالبها. لم تقل إدارة ترامب ماذا ستفعل لمواجهة غضب الشركاء الموقعين على الاتفاق وهم روسيا والصين فضلاً عن حلفائها الأوروبيين، ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.
قرار الانسحاب وحده كما يتفق على ذلك المؤيدون والمعارضون مجرد إجراء وليس استراتيجية، وبالتالي فهو يطرح من التساؤلات أكثر بكثير مما يقدم من إجابات. ولأن الإدارة لم تتحدث صراحة عن توجهاتها ولم تطرح بعد سياسات بديلة، فقد تبارى السياسيون والخبراء في تقديم اجتهاداتهم حول ما يجب أو ما يمكن أن تفعله. الإلمام بكل الآراء المطروحة مستحيل في هذه المساحة، غير أن بين أيدينا ما يمكن وصفه بخلاصة الاجتهادات الذي يقدم أربع استراتيجيات بديلة يمكن لترامب الأخذ بإحداها، ولكل منها متحمسون داخل وخارج إدارته.
الطرح الذي نتحدث عنه قدمه الباحث الأمريكي الشهير روبرت ستالوف الخبير في قضايا الشرق الأوسط والمدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى.
الخيار الأول: التفاوض على اتفاق أفضل يعالج عيوب الحالي ويتضمن قيوداً أشد صرامة على تخصيب اليورانيوم وحظر تطوير الصواريخ الباليستية مع تفتيش أكثر تشدداً للمنشآت. ولكي تضمن واشنطن إرغام إيران على الرضوخ عليها فرض مزيد من العقوبات.
الخيار الثاني: التفاوض حول اتفاق أوسع نطاقاً لا يتلافى عيوب الحالي فقط ولكن يشمل أيضاً قضايا أخرى مثل تقليص نفوذ إيران في المنطقة بما في ذلك وجودها العسكري في سوريا والعراق، ودعمها للمنظمات التي تعتبرها واشنطن إرهابية.
الخيار الثالث: تطبيق سياسة واضحة لتغيير نظام الحكم في إيران، وعلى أساس قناعة راسخة لدى اليمين الأمريكي خاصة، بأن هذا النظام أسوأ من أن يتم إبرام اتفاقيات معه، وهي لن تجدي نفعاً في النهاية.
الخيار الرابع: تبني واشنطن استراتيجية جديدة تماماً تقضي بالابتعاد عن الشرق الأوسط ومشاكله المزمنة والخطرة. وهنا يكون الانسحاب من الاتفاق الإيراني جزءاً من الخروج من مستنقع المنطقة على حد وصف الكاتب. وكما يقول فإن لسان حال ترامب سيكون «لماذا نتحمل عبء اتفاق مع إيران لسنوات.. لنكن أحراراً في اختيار متى وأين نتصرف». غير أن الخروج من المنطقة لا يعنى السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية فلا بد أن تستعمل أمريكا القوة عند الضرورة.
وفقاً لما يقول ستالوف يمكن لترامب تبني واحدة من تلك الاستراتيجيات إذا اختار الانسحاب من الاتفاق. أما ما لم يقله فقد تحدث عنه كثيرون وهو أنه ليس من الضروري أن يعلن ترامب صراحة الانسحاب من الاتفاق يوم السبت المقبل، يمكنه اختيار طريق وسط بين تنفيذ رغبته في ذلك وعدم إغضاب شركائه.
بمعنى آخر «لا ينسحب ولا يستمر». أي يعيد فرض العقوبات على إيران دون أن يعلن إلغاء الاتفاق معها. لن يطول انتظارنا لنعرف القرار.. أليس السبت بقريب؟

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"