العصمة للأنبياء

02:05 صباحا
قراءة 3 دقائق
العصمة ملكة إلهية تمنع من فعل المعصية والميل إليها مع القدرة عليه، والعصمة رباط الزوجية يحله الزوج متى شاء، وللمرأة حلّه إذا اشترطت ذلك في العقد .
والعصمة وردت في مادة عصم بمعنى المنع والوقاية، قال الله تعالى: "قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم" (الآية 43 من سورة هود) .
والعصمة خاصة بالأنبياء وحدهم، ولا ينازعهم فيها أحد، لأنها إحدى اللوازم التي لا تنفك عن النبوة، وعصمة الأنبياء تعني الوقاية من الخطأ في تلقي الوحي وتبليغه .
وعصمة الأنبياء من الوقوع في الخطأ من البديهيات التي يجب أن نؤمن بها قبل الإيمان بهم، إذ لا يمكن أن يؤمّنوا على الوحي والتبليغ، لو كانت حالهم حال أي بشر عادي .
فالله تعالى عندما يتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، يصفه بأنه بشر رسول، ولو قال عنه إنه بشر فقط لما تميّز، ولكن عندما قال إنه بشر رسول، أفاد ذلك أنه مرسل من الله تعالى، فلا بد إذاً أن تكون من صفاته الفطنة والأمانة والصدق والعصمة والشجاعة، لأنه يبلّغ عن الله تعالى مباشرة .
نعم، هم ليسوا معصومين من الخطأ في الأمور الدنيوية، لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة المنورة، ورأى أن أهل المدينة يؤبرون نخلهم قال: "لو تركتموها من غير تأبير"، ففعلوا فشيصت النخل في ذلك العام، فقال: "إذاً أنتم أعلم بشؤون دنياكم" .
إن الأنبياء معصومون من الوقوع في المعصية، لأنهم أرسلوا لإصلاح البشرية وإنقاذها من الضياع، فكيف يصلحون المجتمع، لو كانوا هم أنفسهم فاسدين - لا سمح الله؟
والعصمة من الوقوع في المعصية قوة باطنية يضعها الله تعالى فيمن يختصهم لرسالته وحمل أمانته، وهي ليست كسبية حتى يدعيها فلان أو علان، لأنه لو لم يؤهله الله تعالى لما استطاع أن يكتسبها .
بل وأكثر من ذلك فإن الأنبياء منزهون من الأمراض المنفرة، وغاية في الجمال الخَلقي والخُلقي، وقد ورد في الحديث: "ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه، حسن الصوت، وإن نبيكم أحسنهم وجهاً، وأحسنهم صوتاً" (رواه الترمذي)، وفي حديث آخر: "أعطي نبي الله يوسف شطر الحسن، وأنا أعطيت الحسن كله" (رواه الألباني) .
نعم، وليس بصحيح ما قال من أن نبي الله أيوب عليه السلام عندما ابتلاه الله تعالى كان يخرج منه الدود، كما أنه ليس بصحيح ما يقال عن أن نبي الله موسى عليه السلام كان ألثغ، وكلامه غير مفهوم، لذلك قال: "واحلل عقدة من لساني" .
يقول الإمام السبكي في تفسيره: "أجمعت الأمة على عصمة الأنبياء فيما يتعلق بالتبليغ، وفي غير ذلك من الكبائر، ومن الصغائر الرذيلة التي تحط مرتبتهم، ومن المداومة على الصغائر، وهذه الأربعة مجمع عليها" (انظر الخصائص الكبرى للسيطوي ج2 ص256) .
وما قيل عن نبي الله إبراهيم، ونبي الله يوسف، ونبي الله لوط، ونبي الله داوود، ونبي الله سليمان، أو ما قيل عن آدم عليهم السلام جميعاً، ليس بصحيح على الإطلاق .
فالأنبياء كلهم معصومون ومنزهون، لكن كما قال تعالى: "تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض" (الآية 253 من سورة البقرة)، أي إنهم متفاوتون في الفضل، فأفضل الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم نوح عليهم السلام جميعاً .

د . عارف الشيخ

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"