إدلب سلماً أو حرباً

03:43 صباحا
قراءة دقيقتين
مفتاح شعيب

معركة إدلب المؤجلة، باتت مؤكدة على الأرجح في شمال غربي سوريا، بفعل التطورات المتلاحقة والتصعيد الميداني الذي يتجه إلى حرب فعلية، بينما بدأت أطراف داعمة للجماعات المسلحة، وأخرى لديها مآرب شتى، تتباكى وتحذر من تدمير «آخر معقل للمعارضة السورية»، على الرغم من أن المحافظة تحتلها جماعات متطرفة، أبرزها جبهة «النصرة» التي تحولت بموجب منظومة «غسيل الإرهاب» إلى «هيئة تحرير الشام».
ما يجري في إدلب، لا يمكن فصله عن تعثر جولات «أستانا» السياسية، والأطماع التركية في بعض الأراضي السورية، سواء عبر الحديث عن «المنطقة الآمنة»، أوالتصعيد مع الأكراد، كما لا يمكن فصله عن التجاذب بين واشنطن وأنقرة حول قضايا ثنائية أو متعلقة بسوريا. ومن المهم أيضاً عدم تجاهل القوى الغربية التي تشعر بالهزيمة في سوريا، وتريد أن تثأر لسمعتها بأي شيء، ولذلك كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أول المعربين عن «القلق البالغ»، ربما متأثراً بتقارير «المرصد» عن «البراميل المتفجرة»، والوفيات بين المدنيين، وقصف المستشفيات، وهي الأسطوانة التي دارت طويلاً في السنوات الماضية، وقد تكون هذه هي دورتها الأخيرة.
قبل أيام قليلة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه لا يستبعد شن عملية عسكرية شاملة على محافظة إدلب، دون أن يحسم بموعد محدد، وترك الباب مفتوحاً للمسؤولين العسكريين كي يُقَيِّموا الموقف. ومن دمشق يأتي تأكيد المسؤولين السوريين أن صبرهم على التجاوزات والانتهاكات التي ترتكبها العناصر المتطرفة قد نفد. وبالمقابل، لا تألو تلك الجماعات جهداً لاستفزاز خصومها، سواء بمحاولة التقدم خارج مناطق «خفض التصعيد»، أو السعي لضرب قاعدة حميميم الروسية، وكأن هذه الجماعات ترغب في المواجهة العسكرية وتطلبها، ربما رهاناً منها على دعم يأتي من شتات «أصدقاء المعارضة»، أو باستجلاب قوى كبرى إلى المعركة.
قبل هذا التصعيد، حذرت موسكو ودمشق، من أن جماعات متطرفة، بالتعاون مع ما يسمى «الخوذ البيضاء»، بدأت في التحضير ل «مسرحيات كيماوية»، لاستدرار عطف بعض القوى الكبرى للتهديد بالتدخل، والضغط لوقف أي عملية عسكرية، تستهدف «المعارضة»، في استعادة لسيناريوهات سابقة، مثل القصف الأمريكي لمطار الشعيرات بمحافظة حمص بعشرات الصواريخ، أغلبها منزوع الذخيرة، لاعتبارات سياسية، واندماجاً مع صفقات دونالد ترامب المعلنة والخفية. وبعد افتضاح الأمر، لن يكون للرهان على مثل هذا التدخل جدوى. أما المناورات التركية مع الجماعات التي اصطنعتها، فقد فات وقتها، ولن تستطيع أنقرة الفكاك من الضغوط الروسية أو مقاومتها. ولذلك تبدو هذه الأيام حاسمة في إدلب، فإما نجاح الضغوط في استعادة المحافظة سلماً إلى السلطة المركزية بدمشق، وإلا فإنها الحرب لا محالة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"