مؤتمر الأطراف الـ 28 فــي الإمـــارات

00:44 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد الصياد *

في 23 مايو/ أيار 2021، قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة، رسمياً، عرضها؛ لاستضافة مؤتمر الأطراف ال28؛ (COP-28) المقرر عقده في عام 2023. على أن يكون محور هذا المؤتمر، التركيز على الحالة الاقتصادية للعمل المناخي الشامل. وبهذه المناسبة، قال سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي: «إن التحدي المناخي مروع؛ لكنه بالمقابل يطرح فرصاً هائلة؛ لدفع النمو الاقتصادي؛ وخلق فرص العمل. وبصفتنا دولة تقع في قلب صناعة الهيدروكربونات، ووظفت استثمارات ضخمة في تنويع الطاقة محلياً وفي جميع أنحاء العالم؛ فقد لمسنا عن قرب وجود حالة هي عبارة عن ورشة أعمال غير مسبوقة؛ تستجيب لأعلى مستويات الطموح المناخي، خصوصاً حين تعمل على تعزيز المساواة بين الجنسين، وتمكين الشباب؛ لذا، فإن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، سيشكل لحظة محورية للاستفادة من هذه الفرصة؛ ورؤيتنا هي العمل مع جميع البلدان؛ لتحقيق الفوائد الاقتصادية الصافية من العمل المتسارع».

جدير بالذكر، أن استضافة هذا المؤتمر السنوي الأكثر حضوراً وتمثيلاً بين مختلف المؤتمرات العالمية؛ تتم بموجب التوزيع الجغرافي الذي اعتمدته الأمم المتحدة؛ حيث تتناوب على استضافة، وترتيباً رئاسة المؤتمر، خمس مجموعات إقليمية؛ هي على النحو التالي: الدول الإفريقية؛ آسيا والمحيط الهادئ؛ دول أوروبا الشرقية؛ دول أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي؛ أوروبا الغربية ودول أخرى. وبالتالي فإن طلب الإمارات يندرج ضمن حصة مجموعة آسيا والمحيط الهادئ. وقبل ذلك، كانت أنباء قد ترددت، لم تؤكدها المصادر الرسمية المصرية، أن مصر ترغب في استضافة مؤتمر الأطراف السابع والعشرين ضمن حصة الدول الإفريقية. وإذا ما صدقت تلك الأنباء، فإن هذا سيعد حدثاً استثنائياً في العالم العربي؛ حيث ستنظم أكبر فعالية عالمية مناخية؛ إذ تستضيفها دولتان عربيتان في سنتين متتاليتين.

خطوة الإمارات هي تتويج طبيعي للنقلة النوعية التي حققتها، منذ أن قرأت حكومتها مبكراً الاتجاهات والمسارات التي ستؤول إليها قضية تغير المناخ، باعتبارها حدثاً استثنائياً عالمياً، يطاول أهم مناحي الحياة، البيئية والاقتصادية والاجتماعية. وبهذا الصدد، أتذكر كيف كانت دولة الإمارات تتميز بوفودها المشاركة في أعمال اجتماعات دول مجلس التعاون واجتماعات منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول «أوابك» ومؤتمرات الأطراف، الخاصة بقضايا الطاقة والمناخ؛ وزيارة الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي، لمملكة البحرين في يونيو/ حزيران 2009، وتوقيعه مذكرة تفاهم مع الهيئة الوطنية للنفط والغاز، والتي تلتها زيارة قمنا بها إلى شركة مصدر ومنشآتها، قبل أن يقوم فريق فني من شركة مصدر بزيارة البحرين أكثر من مرة؛ لتصميم وتنفيذ مشاريع التنمية النظيفة (Clean Development Mechanism – CDM)، التي اعتمدها بروتوكول كيوتو كإحدى الآليات الثلاث لخفض الانبعاثات؛ وذلك لمصلحة شركة نفط البحرين «بابكو»، ومملكة البحرين عموماً.

ومن يومها، قطعت دولة الإمارات شوطاً طويلاً في عملية التحويل الاقتصادي النوعي لقطاع الطاقة وقطاعها الاقتصادي عموماً، ووضع اللبنات المؤسسية الأولى لقطاع جديد بأكمله؛ هو قطاع الطاقات المتجددة، منذ إعلان مشروع «مدينة مصدر»، في عام 2006، وافتتاح منشآتها في عام 2010، كمحطة عالمية لمشاريع التكنولوجيا النظيفة، والنجاح في الفوز باستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «إرينا» (IRENA) في عام 2009، كمنظمة عالمية قرينة بمنظمة «أوبك»، إنما في مجال مصادر الطاقات المتجددة. فضلاً عن فتح خطوط إنتاج جديدة في اقتصادها الوطني؛ شملت قطاعات تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الوسائط الإعلامية وأفرع قطاع الطاقة الجديدة (New energy)؛ متمثلة في الطاقة النووية التي تم تشغيل أولى وحداتها في محطة براكة للطاقة النووية السلمية في أغسطس/آب 2020، ليتبعها لاحقاً تشغيل ثلاثة مفاعلات أخرى لتنتج طاقه كهربائية إجمالية تعادل 5600 ميجاوات؛ وكذلك الطاقات المتجددة التي أصبحت الإمارات ريادية فيها في منطقة الشرق الأوسط.

وإلى جدية وطموح التحول الاقتصادي والطاقوي الإماراتي، بما في ذلك الشق المتعلق بتغير المناخ، نضيف البناء المؤسسي المتقدم لهذا القطاع. فهنالك وزير للتغير المناخي والبيئة هو الدكتور عبد الله بلحيف النعيمي، وهناك مبعوث خاص لدولة الإمارات للتغير المناخي هو الدكتور سلطان أحمد الجابر وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة؛ وهناك خطة وطنية للتغير المناخي 2017 – 2050؛ والى جانبها يوجد برنامج وطني للتكيف؛ كما يتم العمل على الانتهاء من مشروع القانون الاتحادي للتغير المناخي.

بهذا المعنى، فإن طلب دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة مؤتمر الأطراف ال 28؛ (COP-28)، لا يتوج فقط كل تلك الجهود والمبادرات الاستباقية المتميزة، وإنما يجعل من الإمارات نموذجاً لكافة بلداننا الخليجية والعربية، والبلدان النامية المؤتلفة في مجموعة 

ال77+الصين في مفاوضات المناخ، يتوجب الاحتذاء به؛ لذا يتعين على كافة بلداننا العربية العمل على تأمين الدعم الآسيوي لطلب الإمارات الرسمي استضافة (COP-28).

* كاتب بحريني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"