واشنطن تريد النفط السوري

03:01 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

سرقة معلنة لم يحدث مثلها في التاريخ، إذ يقف جهاراً ليعلن على الملأ استعداده للقتال من أجل أن يسرق. هذا ما أكده الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما أعلن في سياق تصريحاته حول مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي «أبوبكر البغدادي» أن الولايات المتحدة، استطاعت تأمين حقول النفط في سوريا، وأنها قد تضطر للقتال من أجل النفط في هذا البلد، زاعماً أن هناك من قد يدعي أحقيته بهذا النفط، وأن من حق الولايات المتحدة، أن توقف هؤلاء عسكرياً إذا ادعوا حقهم في النفط.
تصريحات أمريكية مستهجنة لا تنسجم لا مع القانون الدولي، ولا حتى مع المنطق، إذ كيف يمكن لبلد أن يدعي أحقيته بثروة بلد آخر يبعد عنه آلاف الكيلومترات ووجوده أصلاً غير شرعي من دون تفويض من أحد. لا وجود لمثل هذا في القواميس السياسية ولا في العلاقات الدولية، إلا قانون البلطجة الذي تتبعه الولايات المتحدة في العالم.
وتأتي تصريحات الرئيس الأمريكي بعد إعلان مسؤول رفيع في البنتاغون عن خطط أمريكية لإرسال فرق قتالية وعشرات الدبابات من نوع «أبرامز» الأمريكية إلى سوريا من أجل الحفاظ على حقول النفط في سوريا بعيداً عن «داعش» والأسد وإيران وروسيا، وذلك بحسب معلومات نقلتها مجلة «نيوزويك» الأمريكية، التي أضافت أن الولايات المتحدة وضعت خطة لإرسال قوات ودبابات قتالية لحراسة حقول النفط الشرقية في سوريا بعد انسحابها من شمال البلاد.
تصريحات ومواقف تظهر بوضوح حقيقة المواقف الأمريكية، وتعري مزاعم واشنطن حول محاربة الإرهاب، وهو الشعار الذي تستخدمه واشنطن للتدخل في المنطقة العربية وغيرها من العالم، في محاولة لتغطية أهدافها الحقيقية العدوانية.
والحقيقة أن فهم السياسة الأمريكية وأهدافها ليس بالأمر العسير، لكل من يعمل العقل في تفسير الأحداث، بموضوعية وتبصر سيجد أن ذلك في صلب السياسة الأمريكية.
فالكل يذكر كيف أن الغزو الأمريكي للعراق، طال بآثاره التدميرية مختلف قطاعات ووزارات الدولة العراقية، باستثناء وزارة النفط التي حافظت القوات الأمريكية الغازية على سلامتها. ونفس المواقف الأمريكية تتكرر اليوم في سوريا، حيث يظهر الوجه الحقيقي للسياسة الأمريكية وأهدافها في هذا البلد العربي، على لسان الرئيس الأمريكي نفسه، الذي أعلن صراحة ومن دون مواربة استعداده للقتال من أجل النفط في سوريا، وكأنما يتحدث عن ثروة طبيعية في كاليفورنيا أو واشنطن أو تكساس، أو في الصحارى الأمريكية.
وبحسب خطة وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) فإن واشنطن قررت أن تتواجد بالقرب من حقول النفط السورية، والاحتفاظ بقاعدة التنف جنوب شرقي سوريا، بحجة حماية آبار النفط وتأجيل عودتها إلى الحكومة السورية.
وبالفعل باتت جميع القواعد التي اتخذتها القوات الأمريكية في شمال محافظة الرقة وشمال شرقي حلب خالية، فيما لا يزال الأمريكيون يحتفظون بقواعد في محافظتي دير الزور والحسكة، إضافة إلى قاعدة التنف جنوباً.
وتبدو أسباب الاهتمام الأمريكي بحقول النفط السورية أكثر وضوحاً، إذ إن القوات الأمريكية، كانت تُخصّص جزءاً من عديدها لحمايتها، و«تأمين» التدفق النفطي منها إلى العراق.
كان الوجود الأمريكي في سوريا ومنذ البداية، محكوماً في جزء كبير منه بالنفط. حيث ترتبط إدارة ترامب بشركات النفط الأمريكية التي أبدت اهتمامها بتطوير حقول النفط في المناطق التي تموضع فيها الجيش الأمريكي في سوريا.
ويبدو مما تقدم أن الولايات المتحدة التي تزعم حرصها على محاربة الإرهاب، والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، أو منع عودته إلى سوريا، إنما تسعى لوضع موطئ قدم لها في سوريا، ولاسيما في منطقة تتركز فيها معظم ثروة سوريا النفطية، ناهيك عن سعي الإدارة الأمريكية لجعل أفضل الموارد النفطية للبلاد رهينة لاستخدامها كعملة للمقايضة من أجل إجبار دمشق وروسيا على قبول مطالب الولايات المتحدة خلال أية تسوية سياسية للنزاع السوري.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"