الطباعة ثلاثية الأبعاد ثورة رقمية جديدة

03:55 صباحا
قراءة 3 دقائق

يُعتقد أن القفزة التقنية الكبيرة التالية تتشكل حالياً بعيداً عن الأنظار في ورش عمل صغيرة ومختبرات الجامعات وأقبية منازل الهواة، ويعمل محبو الابتكار الفضوليون بأجهزة تحول البيانات الرقمية إلى جزيئات، على تطوير طريقة جديدة كلياً في صناعة الأشياء، مما قد يعيد كتابة قواعد التصنيع كلياً بما يشبه ما فعله الكمبيوتر الشخصي في عالم الحوسبة .

تدعى هذه الأجهزة بالطابعات ثلاثية الأبعاد وهي متوافرة منذ وقت طويل لكن سعرها كان يقارب 100 ألف دولار وأحيانا يصل إلى مليون دولار . ولحسن الحظ فقد تراجعت أسعارها بشدة مؤخراً لتصبح وحدات منها جاهزة للاستخدام الصناعي بسعر 15 ألف دولار وللاستخدام المنزلي بألف دولار أو أكثر بقليل .

ويشير مايكل وينبرغوهو محام في مجموعة ببليك نوليدجالقانونية في واشنطن بالقول إن قطاع الطباعة ثلاثية الأبعاد يشبه في تطوره قطاع الحواسيب الشخصية مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث قدم وينبرغمؤخراً بحثاً يظهر فيه المسار المتوقع لتطور الطباعة ثلاثية الأبعاد، وكيف ستؤثر في الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، حيث يخشى أن هذه التقنية الناشئة ستتعرض لفرض قيود من قبل شركات التصنيع التقليدية التي أصبحت أعمالها مهددة وستقوم بكل ما في وسعها لسحق الابتكار الجديد، لأن قدرة الطابعة ثلاثية الأبعاد على تصنيع النماذج، مماثلة تماماً لأي منتج تقوم هذه الشركات بتصنيعه، لذا يمكن اعتبار أجهزة الطباعة الجديدة بمثابة أجهزة قرصنة .

وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن تقليد أي منتج من خلال استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد، فما على الشخص إلا إدخال تصميمات المنتج على جهاز الحاسوب، وإعطاء الطابعة أوامر بصناعة نموذج لهذا المنتج، فالبضائع المقلدة ظاهرة قديمة، وتعاني الشركات من المنتجات المقلدة التي تأتي من هونغ كونغ وحتى من طوكيو، كما أغرقت الصين دول العالم بمنتجات مقلدة وقطع غيار غير أصلية تمت سرقة تصاميمها من شركات التصنيع الأصلية .

وفي الوقت الذي تقل فيه كلفة المواد واليد العاملة التي يستخدمها المقلدون بالمقارنة مع الشركات التي تصنع منتجات أصلية، إلا أن الآلات والأدوات المستخدمة هي ذاتها وهو الأمر الأساسي الذي قلص انتشار صناعات التقليد .

تعتمد هذه الطابعات على ما يعرف بالتصنيع التراكمي، ويتيح هذا الأسلوب طباعة المنتجات بأسلوب يتمتع بالجدوى الاقتصادية، ففي الطريقة التقليدية لصناعة أي شيء ستحصل على قطع المواد الخام لتقوم بتقطيعها أو قصها حسب القياسات اللازمة لتهدر كمية من هذه المواد الزائدة، بعد استخدام أدوات مثل المنشار وأجهزة الخراطة والتدوير والحفر للحصول على الشكل أو التصميم المطلوب، وهي عملية مربكة تزداد صعوبة مع هدر للوقت وزيادة تعقيدات التصميم، بينما تتمتع تقنيات التصنيع الجديدة بمرونة أكبر في حال استخدام أسلوب التصنيع التراكمي الذي يعتمد على صهر طبقات مضافة فوق بعضها البعض من المواد على نماذج ثلاثية الأبعاد، أي أنك تضيف المزيد من الطبقات بدلاً من التخلص من أجزائها، فالطابعات ثلاثية الأبعاد التي تنتج أشياء مختلفة تعتمد على المعادن والبلاستيك المصهور مع مواد أخرى تشبه علبة الحبر في طابعات الليزر .

ولا تعد الطابعة ثلاثية الأبعاد مشكلة فيما يخص حقوق الملكية الفكرية لكن قبل أن تبدأ هذه الطابعة بتصنيع أي شيء فإنه يلزمها ملف كاد CAD وهو تصميم حاسوبي للقطعة التي سيتم تصنيعها مع برنامج يحدد للطابعة كيفية ترتيب الطبقات المتتالية لتشكيل مجسم للرسم الموجود في الملف .

ويمكن تصميم القطعة المطلوبة باستخدام برنامج تصميم هندسي بالحاسوب أو من خلال ملفات جاهزة يمكن تحميلها من أرشيف المصادر المفتوحة مثل ثنك Thingiverse، وفاب أت هومFab@Home، وعلى الأرجح فإن المنتج الذي سيتم تصنيعه قد استنسخ من منتج موجود أصلاً في الأسواق باستخدام ماسحة ضوئية ثلاثية الأبعاد لتوليد ملف كادوهنا يكمن انتهاك حقوق الملكية الفكرية .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"