عادي
بعد سقوطها بقبضة «طالبان»

آلاف الأفغان يحتشدون للهرب والمجتمع الدولي يتحرك

16:56 مساء
قراءة 4 دقائق

كابول - أ.ف.ب
باتت أفغانستان، الاثنين، في قبضة حركة «طالبان» مع انهيار القوات الحكومية وفرار الرئيس أشرف غني من البلاد، فيما احتشد الآلاف من الأشخاص اليائسين في مطار كابول لمحاولة الهرب وسط حالة من الفوضى العارمة.
وأثار «الانتصار» الخاطف للمتمردين الذين احتلوا، مساء الأحد، القصر الرئاسي في كابول، حالة من الذعر شهدها مطار العاصمة، نقطة الخروج الوحيدة من البلاد، إلى حيث تهافتت حشود لمحاولة الفرار من النظام الجديد الذي تعهدت الحركة بإقامته بعد حرب استمرت عشرين عاماً.
وأظهرت مقاطع فيديو انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد فوضى عارمة في المطار؛ حيث يحتشد الآلاف على المدرج نفسه، فيما تتمسك مجموعات من الشباب بسلالم الصعود إلى الطائرات.
وأطلقت القوات الأمريكية النار في الهواء لمحاولة ردع الحشود التي لم تقنعها وعود «طالبان» وتأكيداتها بأنه لا ينبغي أن يخشاها أحد، وفق ما أفاد شاهد، مقرّاً بأنه يشعر «بخوف شديد».
وقال شاهد آخر عمره (25 عاماً) عرّف عن نفسه باسم مستعار هو أحمد سقيب: «نخاف أن نعيش في هذه المدينة ونحاول الفرار من كابول».
وأضاف: «قرأتُ على فيسبوك أن كندا تقبل بطالبي لجوء من أفغانستان. آمل أن أكون من بينهم. بما أنني خدمتُ في الجيش، فقدتُ عملي، وأصبحتُ معرضاً للخطر بمجرد أن أعيش هنا لأن متمردي «طالبان» سيستهدفونني، هذا مؤكد». لكن الرحلات التجارية من كابول وإليها ألغيت. وعلّقت شركات طيران دولية تحليق طائرتها في المجال الجوي الأفغاني، بناء على طلب أفغانستان، وبسبب الحركة الجوية العسكرية الأمريكية.
في المقابل، شهدت العاصمة هدوءاً. وكانت الشوارع أقلّ اكتظاظاً من اليوم السابق، فيما كان متمردون مسلّحون يسيّرون دوريات كثيفة فيها، ويقيمون نقاط تفتيش.
وأكد أحد المتحدثين باسم «طالبان» سهيل شاهين أن الحركة أبلغت مقاتليها أنه «لا يُسمح لأحد بالدخول إلى أي منزل من دون إذن».
وعلى حسابات مؤيدة لحركة «طالبان» على موقع «تويتر»، تفاخر المتمردون بأنها استُقبلوا بحرارة في كابول وبأن الفتيات سيعدنَ إلى المدرسة اعتباراً من الاثنين، كما جرت العادة.
«خدمة أمّتنا»
وأشاروا أيضاً إلى أن آلاف المقاتلين يتوجهون إلى العاصمة لإعادة الأمن والنظام. وأقرّ الرئيس الأفغاني أشرف غني الذي يعتقد أنه انتقل إلى طاجيكستان، مساء الأحد، بأن «حركة طالبان انتصرت». وفي مقطع فيديو نشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أثنى الملا عبد الغني برادر، أحد مؤسسي الحركة، على انتصارها قائلاً: «الآن حان الوقت للتقييم والإثبات، الآن علينا أن نظهر أن بإمكاننا خدمة أمتنا وضمان السلام ورغد العيش».
وتكبدت القوات الأفغانية هزيمة كاملة بعدما أنفقت عليها الولايات المتحدة مئات مليارات الدولارات طوال عشرين عاماً. ففي غضون عشرة أيّام، تمكّنت «طالبان» من السيطرة على كامل المناطق الأفغانيّة تقريباً. وهي باشرت هجوماً واسع النطاق في أيار/ مايو، مع بدء الانسحاب الكامل للقوّات الأجنبيّة وخصوصاً الأمريكية من البلاد.
وأتى ذلك بعد عشرين عاماً على غزو تحالف بقيادة الولايات المتحدة أفغانستان وطرد «طالبان» من السلطة بسبب رفضها تسليم زعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي أسامة بن لادن، في أعقاب اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر 2001.
وكانت الصين، الاثنين، أول دولة تعلن نيتها إقامة «علاقات ودية» مع حركة «طالبان». ومن جانبها، رأت إيران أن ما حصل في أفغانستان «هزيمة» أمريكية وفرصة لتحقيق «سلام مستدام». فيما أشارت روسيا إلى أنها ستقرر ما إذا كانت ستعترف بالسلطات الأفغانية الجديدة بناء على أفعالها.
في المقابل، اعتبر وزير الدفاع البريطاني بين والايس أنه «ليس الوقت» المناسب للاعتراف رسمياً بنظام «طالبان». ووصف عودة «طالبان» إلى الحكم بأنها «فشل للمجتمع الدولي».
وسيعقد وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اجتماعاً، الثلاثاء، حول أفغانستان، وفق ما أفاد دبلوماسيون.
وأعلنت وزارتا الخارجيّة والدفاع الأمريكيّتان إنزال العلم الأمريكي في وقت مبكر، الاثنين، عن سفارة الولايات المتحدة في كابول، مشيرة إلى أنّ «جميع» أفراد طاقم السفارة تقريباً باتوا في المطار بانتظار إجلائهم.
وأرسل الأمريكيون ستة آلاف عسكري لتأمين المطار وإجلاء نحو 30 ألف دبلوماسي أمريكي ومدني أفغاني تعاونوا مع الولايات المتحدة ويخشون التعرض لأعمال انتقامية من جانب «طالبان».
وأجلي عدد كبير من الدبلوماسيين الآخرين والرعايا الأجانب من كابول على وجه السرعة، الأحد. ومن المقرر أن ينعقد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، عند الساعة 14:00 ت.ج لمناقشة الوضع في أفغانستان.
كأس مُرّة بالنسبة لواشنطن
اعتبرت الولايات المتحدة و65 دولة أخرى في بيان مشترك أن المواطنين الأفغان والأجانب الذي يريدون الفرار من أفغانستان «ينبغي أن يُسمح لهم بذلك»، مؤكدة أن حركة «طالبان» يجب أن تتحلى بحسّ «المسؤولية» في هذا الشأن.
ودافعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عن قرارها وضع حدّ لحرب استمرّت عشرين عاماً في هذا البلد، هي الأطول في تاريخ الولايات المتحدة.
ورافضاً للمقارنة مع ما حصل في فيتنام، أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لشبكة «سي إن إن» أنّ «هذه ليست سايغون» التي سقطت عام 1975 في حدث لا يزال مؤلماً في الذاكرة الأمريكيّة.
لكن الكأس مُرّة بالنسبة لواشنطن التي تخرج من أفغانستان منكسرة بعد أن تكبدت كلفة باهظة مع مقتل 2500 جندي أمريكي وإنفاق أكثر من تريليوني دولار.
وقال بايدن، الأحد: «أنا الرئيس الرابع الذي يحكم مع انتشار عسكري أمريكي في أفغانستان.. لا أريد أن أنقل هذه الحرب إلى رئيس خامس».
وندّد سلفه دونالد ترامب بما اعتبره «أحد أعظم الهزائم في التاريخ الأمريكي!»، داعياً بايدن إلى الاستقالة. وكان ترامب قد توصل مع «طالبان» في شباط/ فبراير 2020 إلى اتفاق لانسحاب القوات الأمريكية من البلاد.
ويخشى عدد كبير من الأفغان، في المدن خصوصاً، من تشدد «طالبان» التي حكمت البلاد بين 1996 و2001. غير أنّ الحركة الحريصة اليوم على إظهار صورة أكثر اعتدالاً، تعهّدت مراراً بأنها إذا عادت إلى السلطة ستحترم حقوق الإنسان، خصوصاً حقوق المرأة، بما يتوافق مع «القيَم الإسلاميّة».
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريس، «طالبان» وجميع الأطراف الأفغانيّة الأخرى إلى ممارسة «أقصى درجات ضبط النفس»، معرباً «عن قلقه خصوصاً حيال مستقبل النساء والفتيات اللواتي يجب حماية حقوقهنّ التي اكتسبنها بصعوبة».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"