وجه «إسرائيل» الأسوأ

02:58 صباحا
قراءة 3 دقائق
نبيل سالم

تأبى الطغمة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» إلا أن تقدم في كل يوم دليلاً جديداً على عنصريتها البغيضة، ليس ضد العرب فحسب، وإنما ضد كل ما هو غير يهودي، أو «إسرائيلي». فها هو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يكشف مجدداً عن وجهه العنصري، الذي فشلت كل الدعاية الإعلامية «الإسرائيلية» وحتى الغربية الموالية ل«إسرائيل» في إخفائه.
ففي الوقت الذي تحاول فيه الماكينة الإعلامية الغربية و«الإسرائيلية» تصوير «إسرائيل» بأنها «دولة» ديمقراطية، أعلن نتنياهو في العشرين من مارس/آذار الجاري أن السياج الحدودي الذي تم بناؤه على طول الحدود «الإسرائيلية» مع مصر، يمنع ما أسماه «فيضاناً» محتملاً لمهاجرين غير شرعيين من إفريقيا، واصفاً هؤلاء المهاجرين الذين تجبرهم ظروفهم القاهرة على سلوك دروب الهجرة بأنهم أسوأ من «الإرهابيين» في شبه جزيرة سيناء.
وفي كلمة له أمام «مؤتمر النقب» الثامن الذي عُقد في مدينة ديمونا، في الأرض المحتلة قال نتنياهو: إن «إسرائيل» أنهت مؤخراً العمل على جدار يمتد «على طول أكثر من 200 كيلومتر من الحدود مع سيناء».
وقال نتنياهو إنه من دون الجدار «كنا سنواجه هجمات خطيرة من «الإرهابيين» في سيناء، وشيئاً أسوأ من ذلك بكثير، فيضاناً من المهاجرين غير الشرعيين من إفريقيا».
وتأتي هذه التصريحات العنصرية للمسؤول «الإسرائيلي» الأول، في الوقت الذي بدأت فيه «إسرائيل» حملة مثيرة للجدل لترحيل آلاف المهاجرين الأفارقة من البلاد.
ومع أن الهدف «الإسرائيلي» المعلن من بناء هذا الجدار هو محاربة تهريب الأسلحة، وتسلل من تصفهم تل أبيب بالإرهابيين، في إشارة إلى المقاومين الفلسطينيين، أو غيرهم ممن يكافحون ضد المشروع «الإسرائيلي»، إلا أن أحداً لا يمكنه أن يفصل بين الجدران «الإسرائيلية» المتعددة سواء في الضفة الغربية، أو حول قطاع غزة، وحدود سيناء، أو في الشمال على الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، وبين الثقافة العنصرية للقادة «الإسرائيليين»، التي تمثل محاكاة حقيقية لنظام الأبارتهايد البائد الذي عانى منه شعب جنوب إفريقيا في الماضي.
فهذه الجدران وإن كانت تُبنى تحت ذرائع أمنية، لكنها تفسر طريقة التفكير «الإسرائيلي» العنصري، خاصة أن تطور الأسلحة في عالمنا الحالي أسقط نظرية الجدران العالية التي يمكن أن تسيج هذه الدولة أو تلك، ولعل أكبر دليل على عنصرية العقل «الإسرائيلي» هو أيضاً تخصيص طرق خاصة بالمستوطنين اليهود في الأراضي المحتلة، ما يعني أن الجدار الذي تحاول «إسرائيل» بناءه على الحدود مع سيناء لا يخرج عن فلسفة العنصرية «الإسرائيلية»، وإن حاول الإعلام «الإسرائيلي» الإيحاء بعكس ذلك، لأن بناء هذا الجدار يترافق مع الحملة «الإسرائيلية» لترحيل آلاف المهاجرين الأفارقة، تطبيقاً لفكرة الدولة اليهودية، وهو ما أكده نتنياهو صراحة عندما قال: «إن الطريقة الوحيدة التي تضمن فيها «إسرائيل» بقاءها دولة يهودية وديمقراطية هي منع دخول المهاجرين إليها». حيث تعتبر المؤسسة العسكرية الحاكمة في «إسرائيل» أنها غير ملزمة قانونياً بإبقاء المهاجرين الذين عادة ما تصفهم بالمتسللين.
ودفعت الإجراءات «الإسرائيلية» الأخيرة بحق المهاجرين الأفارقة الآلاف منهم إلى التظاهر في وسط تل أبيب احتجاجاً على خطة الحكومة لطردهم.
ومع أن هذا السلوك «الإسرائيلي» بات أمراً مألوفاً، إلا أنه يقدم دليلاً آخر على كذب الدعاية «الإسرائيلية»، التي تحاول تصوير «إسرائيل» كدولة ديمقراطية، تحترم حقوق الإنسان. ويعطي الدليل الواضح على أن «الإسرائيليين»، ليسوا إلا مشروعاً احتلالياً توسعياً، لا يقيم أي وزن لكل المعايير الأخلاقية أو القوانين الدولية، وأن من يؤمن بإمكانية تخلص «الإسرائيليين» من الفلسفة العنصرية البغيضة، يشبه من يريد إخفاء نور الشمس بغربال.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"