عادي

لماذا أهمل نجيب محفوظ قصصه القصيرة؟

22:46 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: «الخليج»

حظي نجيب محفوظ باهتمام النقاد على نحو لم يحظ به أديب في عصرنا، فعالمه القصصي بمستوياته المتعددة، وعلاقاته المتنوعة، ورموزه المراوغة، أثار دائماً جدلاًَ لا ينقطع، وطرح مشكلات لا تحد، وظل هذا العالم يغذي جهداً نقدياً لا يتوقف، بغية الكشف عن عناصره، بعد أن ظل مغبوناً متجاهلاً من النقاد مدة طويلة، وذلك من خلال مجموعة من رسائل الماجستير والدكتوراه في الجامعات المصرية والعربية والأجنبية، ومئات المقالات والدراسات المنشورة في كتب ومجلات.

«هذه الكثرة سلبية» كما وصفها الناقد الراحل سيد حامد النساج، حيث أخذت موضوعات الرسائل والبحوث تتكرر، حتى أضحت الأحكام واحدة، وغدا النقل عن الآخرين سهلاً ميسوراً، ولم يعد ثمة جديد في الرؤية والتناول، أو المنهج، وعند الرجوع إلى عناوين هذه الأبحاث والرسائل الجامعية يلاحظ أنها لا تختلف إلا في العنوان فقط، أو ربما في تغيير بعض العناوين الفرعية الداخلية، فالذاتية هنا تصبح وجدانية هناك، أو عاطفية، والرومانسية تجدها في دراسة أخرى ماركسية أو واقعية اشتراكية.

1

وتعتبر دراسة «بنية القصة القصيرة عند نجيب محفوظ دراسة في الزمان والمكان» لمحمد السيد محمد إبراهيم الدراسة البنيوية الأولى التي تدرس الإنتاج القصصي لنجيب محفوظ، في محاولة للتعرف إلى تطوره الفني، فهو يحلل القصة ليوضح خصوصيتها، ومن ناحية ثانية يرصد علاقاتها ببقية الإنتاج القصصي بغية الوصول إلى القوانين الحاكمة للعمل من داخله.

وعلى الرغم من تلك الكثرة فإن الإنتاج القصصي لنجيب محفوظ لم ينل حظه من الاهتمام والدراسة، بل جاء متشظياً في صورة دراسات جزئية تقف عند بعض المجموعات دون غيرها، أو تقف عند قصة أو قصتين أو بعض القصص، ثم تتخذ من هذه الدراسة الجزئية قاعدة لإصدار الأحكام العامة، والقائمة على الذوق الذاتي والانطباع، بعيداً عن المنهجية العلمية التي تقدمها مناهج البحث الحديثة والمعاصرة.

تتناول تلك الدراسة بالتحليل والدراسة بنية ما أنتجه محفوظ من القصص القصيرة بداية من عام 1938 مجموعة «همس الجنون» حتى عام 1996 سنة صدور مجموعة «القرار الأخير» ولم تلتفت تلك الدراسة إلى قصص بدايات نجيب محفوظ التي لم يضمها إلى مجموعاته القصصية، ويرجع ذلك إلى اعتبار هذه القصص مرحلة تجريب، ولا شك أن إهمال نجيب محفوظ لها بعدم ضمها إلى مجموعاته القصصية، ينطوي على نظرة نقدية، حيث لا يراها ممثلة لإبداعه القصصي.

ويتضح هذا إذا علمنا أن نجيب محفوظ اعترف قائلاً: إنه لم يقم باختيار قصص مجموعته الأولى «همس الجنون» وأن الذي قام بالاختيار هو عبد الحميد جودة السحار، قال محفوظ: «لم أكن أريد أن أنشر هذه المجموعة وكنت نشرت قبلها الروايات التاريخية، الثلاثية والقاهرة الجديدة وزقاق المدق، وجاء عبد الحميد جودة السحار ليقول لي: لماذا لا تصدر مجموعة قصصية؟ قلت له: أي مجموعة الآن لقد فات أوانها، وأنا لم أكتب القصة القصيرة بهدف كتابة القصة القصيرة».

يذكر محفوظ أنه يعتبر إنتاجه في القصة القصيرة، فترة الستينات، ما هو إلا ملخصات لروايات قديمة لم تنشر، حيث يقول: «أما القصة القصيرة التي نشرتها قبل ذلك، فقد كان معظمها قصصاً قصيرة، عبارة عن ملخصات لروايات قديمة لم تنشر، أما القصة القصيرة فلم أكتبها نتيجة رغبة حقيقية إلا فيما بعد».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"