عادي

غموض بعد فرار راجابكسا وانهيار النظام في سريلانكا

16:28 مساء
قراءة دقيقتين
لم تفلح كل المسكنات ومحاولات الالتفاف على مطالب السريلانكيين المحقّة والمشروعة في تهدئة الغضب الشعبي الذي لم يعد له حدود بعدما وصل إلى قصر الرئيس غوتابايا راجابكسا؛ بل اقتحم غرفة نومه وحوض سباحته، واضطره إلى الفرار ثم الموافقة على الاستقالة ومعه الكثير من أركان حكمه، في حين وافق رئيس الوزراء على التنحّي، ودعا إلى اجتماع طارئ للحكومة بمشاركة الأحزاب السياسية لتنظيم عملية انتقال السلطة.
وكانت سريلانكا دولة متوسّطة الدخل تتمتّع بمستوى معيشي تحسدها عليه جاراتها الكبرى الهند، ولكنّها تأثرت بفقدان عائدات السائحين في أعقاب هجوم إرهابي في عام 2019، ثم جائحة كوفيد ـ 19، لكن الأمر لم يتوقف عند هذا؛ بل كان لسوء الإدارة والفساد المستشري في نظام راجابكسا الذي كان يعتبر بطلاً للحرب الأهلية التي استمرت ربع قرن ضد متمردي التاميل، الدور الأكبر والعامل الرئيسي لتجمع آلاف الناس في الشوارع وخروج الاحتجاجات ضد الحكومة، على مدار الأشهر الماضية، للمطالبة بتوفير احتياجات الأساسية وفي مقدمتها الكهرباء والغذاء والوقود؛ إذ أخفق هذا النظام في تأمين أي من المطالب الشعبية.
وبدلاً من ذلك لجأ إلى المناورة وتقديم الجرعات المسكنة من دون البحث عن حلول جدية للأزمة الاقتصادية التي أوصلت البلاد إلى شفا الكارثة. ولم تشفع مفاوضات اللحظة مع صندوق النقد الدولي في تهدئة الأوضاع؛ بل تسببت بانطلاق حشود ضخمة نحو قصر الرئيس ومقر إقامة رئيس وزرائه واقتحماهما، وغيرهما من مؤسسات الدولة، والإصرار على عدم المغادرة إلا بعد رحيل الرئيس وأركان نظامه.
وبعيداً عن تصريحات وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الذي اعتبر، أمس الأحد، أن القيود التي تفرضها روسيا على صادرات الحبوب الأوكرانية قد تكون أسهمت في الاضطرابات في سريلانكا، معبراً عن القلق من أنها قد تتسبب في أزمة أخرى، وذلك في إطار الترويج والتحشيد الأمريكي والغربي عموماً ضد روسيا؛ ذلك أن الأزمة الاقتصادية في سريلانكا لا علاقة لها إطلاقاً بتداعيات الأزمة الأوكرانية؛ إذ إنها أسبق بكثير من العملية العسكرية الروسية في ذلك البلد، ومع ذلك لم تجد واشنطن حرجاً في الربط بينهما.
ولكي تبدو أكثر موضوعية فقد حثّت واشنطن، على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، زعماء سريلانكا، على «العمل بسرعة» لإيجاد حلول للأوضاع الاقتصادية المتدهورة «بما في ذلك نقص الكهرباء والغذاء والوقود». وعلى الرغم ذلك، لا يزال الوضع غامضاً في سريلانكا حتى بعد موافقة الرئيس راجابكسا على الاستقالة، في 13 من تموز/يوليو، وفق ما أعلن رئيس البرلمان السريلانكي ماهيندا أبيواردانا، وذلك لضمان انتقال سلمي للسلطة.
وما يضفي مزيداً من الغموض هو أن مصدراً دفاعياً أشار إلى أنه من المفترض أن يصل راجابكسا، اليوم الأحد، إلى قاعدة ترينكومالي البحرية شمال شرقي الجزيرة، في وقت دعا فيه رئيس الأركان الجنرال شافيندرا سيلفا عبر شاشات التلفزيون، إلى الهدوء، مؤكداً أن «هناك إمكانية لحل الأزمة سلمياً ودستورياً».
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"