عادي

الرقيب جلَّ جلاله

22:43 مساء
قراءة دقيقتين
رغيد
رغيد جطل

رغيد جطل

من أثقل الأمور على الإنسان، أن يشعر بأنه مراقب، وأن حركاته وسكناته مرصودة، ولكن هناك مراقبة يكون وقعها ثقيلاً على الإنسان؛ إذ إنها تهدف إلى رصد هفواته، وتسجيل زلاته. وهناك مراقبة رحمة، ترقب الإنسان وهو يتقلب بين جنبات الدنيا، فإذا ما زلت قدمه واقترب من الوقوع بالخطأ جاءت تلك العناية لتنتشله.

تلك هي مراقبة الله، تعالى، لعباده، ولكي ندرك معنى مراقبة الله أكثر، سنتعرف إلى اسم الله الرقيب.

الرقيب على وزن فعيل، فهو صيغة مبالغة أي أنه، تعالى شأنه، شديد الرقابة لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء، فهو العليم يُعلم عباده أنه يراقبهم لا ليثقل عليهم؛ بل ليجتنبوا الوقوع في الآثام حياء منه، سبحانه وتعالى. والرقيب هو الحفيظ الذي لا يغفل، الحاضر الذي لا يغيب، فإذا ذكره أهل الغفلة استيقظوا وانتبهوا لمعصيتهم، وإذا ذكره أهل اليقظة داموا فيها واستمروا عليها، وإذا ذكره أهل الرياء أخلصوا نياتهم إليه، وجعلوا أعمالهم ابتغاء مرضاته وحده.

الرقيب ورد في القرآن الكريم ثلاث مرات فاقترن بالتقوى لينبهنا إلى أن من أدرك معنى الرقيب لا يفقده مولاه حيث أمره ويجده حيث نهاه «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»،النساء 1. واقترن الاسم بضرورة الرقابة على ما نقول فاللسان إن أطلقنا له العنان، أوردنا إلى المهالك، وهل يكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم وخوضهم في ما حرم الله وما نهى عنه؟ والآية وإن كانت واردة على لسان نبي، فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهي تؤكد رقابة الله، عزّ وجلَّ، على بني الإنسان في كل وقت «مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ»، سورة المائدة 117. كما اقترن بوجوب التنبه إلى ما نقوم به من أفعال، فميزان الفعل في حياة المسلم هو مراقبة الله، تعالى، وهل هذا العمل يرضي خالقنا أم لا؟ «لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيبًا»،الأحزاب 52.

الله شاهدي، الله ناظري، الله معي، هي الكلمات التي على المسلم أن يكررها في كل يوم، فمن أقام حياته على مراقبة الله، أخلص النية لمولاه فعبادته لله وحده، «قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ»،الأنعام 162 163، ومن كانت هذه حاله سعد في دنياه وآخرته.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/nhu2bm2

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"