عادي

تميز المؤمن

23:21 مساء
قراءة دقيقتين
أحمد حلمي

أحمد حلمي سيف النصر

التميز في شخصية المؤمن يكمن في فكره الوقاد وأهدافه السامية وغاياته النبيلة، لأن التميز الحقيقي يكون في الالتزام بمكارم الأخلاق والبعد عن سفاسف الأمور والمحافظة على الأمور الشرعية والصبر على وساوس الشيطان وحيله.

والصدق في محبة الله، عز وجل، ومحبة دينه تقتضي أن يكون أمر هذا الدين هو شغل المؤمن الشاغل، حيث لا يقر له قرار، ولا يهدأ له بال وهو يرى دين الله، عز وجل، ينتهك ويقصى من الحياة، وبالتالي يرى الفساد المستطير يدب في أديان الناس ودمائهم وأعراضهم وعقولهم وأموالهم.

وإذا رجعنا إلى قلوبنا وما هي الاهتمامات التي تملؤها، لم نجد عند أكثرنا إلا اهتمامات دنيوية بحتة هي التي تحتل الأرقام الأولى في تفكيرنا، فمنا من همه الأول منصب يحصل عليه، أو شهادة يستلمها ليعيش بها، ومنا من همه زوجته وأولاده أو تجارته وأمواله. ثم إن كان هناك فضول تفكير واهتمامات جاء أمر هذا الدين والدعوة إليه بعد الاهتمامات السابقة، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعف الإيمان بالله والتمسك بعقيدته.

يقول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: «وأي دين وأي خير فيمن يرى محارم الله تنتهك وحدوده تضاع ودينه يترك وسنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، يرغب عنها، وهو بارد القلب، ساكت اللسان، شيطان أخرس كما أن المتكلم بالباطل شيطان ناطق».

إن التميز في حياة المؤمن أمر ضروري جداً خاصة في عصور الغربة، لأن المسلم الصادق يُعرف بتميزه وإصراره على دينه بين الناس، فيوصف بصحة معتقده عند فساد المعتقدات، وبالتزامه بالسنة عند انتشار المبتدعات، وبصدق إيمانه إذا فشا الكذب والنفاق، وبعبادته إذا الناس يلهون ويلعبون، وبأخلاقه إذا هدرت الأخلاق وضيعت.

هذه بعض صفات الغرباء الذين قال فيهم الرسول، صلى الله عليه وسلم: «طوبى للغرباء أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم». رواه أحمد. ومن علامات الصدق لدى المسلم إذعانه للحق وقبوله من أي أحد كان فالصادق لا تراه إلا باحثاً عن الحق الذي يتعبد به لربه، عز وجل، ويقربه إلى مولاه، وإذا بان له الدليل ولاح له الحق فرح به ووجد فيه بغيته، ولا يرده أبداً سواء أكان قائله صغيراً أو كبيراً، أكان عدواً أو صديقاً. وإذا وجدت هذه الصفة الكريمة عند المسلم، وصارت من عاداته وأخلاقه فإنها تنفي كثيراً من الصفات الذميمة مثل الكبر والاستعلاء والتعصب للآراء والتحزب للأشخاص والهيئات، كما أنها تورث المحبة والألفة بين أهل العلم والدين، وتورث الاجتماع والائتلاف وتنفي الفرقة والاختلاف، كما أن قبول الحق والتمسك به يقتضي القول به والدعوة إليه دون لبس أو تردد، فالصادق لا تراه إلا صادعاً بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، ولا يجامل ولا يداهن.

إذن التميز مطلوب في حياة المسلم، هذا التميز الذي ينفعه في دنياه وآخرته. التميز المطلوب هو الذي ينهض بالأمة ويعيدها إلى أمجادها من جديد. التميز الذي يجعل المسلم عنصراً فاعلاً في مجتمعه يحقق المشاركة الفاعلة في بناء الحضارة والمدنية.

[email protected]

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3pteacru

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"