العلم والقيم العالمية

00:05 صباحا
قراءة 3 دقائق

محمد خليفة

الأحداث الجارية على الصعيدين المحلي والعالمي، يمكن تفسيرها بشكل ملحوظ داخل الإطار الثقافي والقيميّ. فالانتماء الصادق لهذا الوطن، والولاء العميق لقيادة هذه البلاد، والإخلاص المتناهي للأمانة الملقاة على كاهل كل مواطن تستدعي ضرورة العمل على مراجعة أنماط تفكيرنا التربوي ونهج حياتنا وسلوكنا، لتتواكب هذه المراجعة مع خطوات الدولة وتطلعاتها في أن تمضي بهذا الوطن إلى الأبعد والأفضل في مجالي التعليم والثقافة.

فالإحساس بالمسؤولية والأمانة في تحملها لا بد وأن يتجسدا في صورة أعمال تربوية تجسد الانتماء للوطن والتلاحم الذي تفرضه حقيقة المسؤولية، وتمثل لحمة في نسيج ثقافتنا المبثوثة في كتب تراثنا. حيث يتفق خبراء الدراسات الاستراتيجية في جميع أرجاء العالم، ويؤيد اتفاقهم واقع الحال في كل مكان بأن التعليم هو الأداة الأساسية الفعالة في التنمية المستدامة والطاقة البشرية في عالم اليوم، هي المعول عليها في استغلال الثروات وتصنيعها.

ودولة الإمارات العربية المتحدة قفزت قفزات هائلة غير مسبوقة في مجال التعليم العالي، حيث وصل عدد الجامعات العامة والأهلية، قياساً بعدد السكان، إلى ما يربو على 33 جامعة، بالإضافة إلى عشرات الكليات، وفق تعليم فني وتقني يحقق متطلبات واحتياجات الدولة.

ولقد أثبتت التجارب الدولية أن عامل التأهيل والتعليم الفني والتقني من أهم عوامل التنمية من أجل مسايرة حركة التاريخ، بما تفرضه من تحولات عاصفة في المناهج والرؤى، ومن استيعاب حركة العصر. وهنا تكمن أهمية التنوير العقلي المباشر والمؤسسات التربوية هي الأداة والمدخل، العقل، العلم، التنمية، التقدم، وغيرها من مفاهيم حديثة.

ولا أحد ينكر أن العولمة جاءت بالتواصل الكبير الناعم غير المرئي الذي تعبر فيه القيم والأفكار والأموال والبرامج والاتصالات وسحر العالم الافتراضي المهيمن على التربية والثقافة من دون أن نراه. وإذا كانت النظرية النسبية لأينشتاين دمجت بين الزمان والمكان، فإننا اليوم بدأنا نشعر بهذا التمازج العصري الفريد بينهما وبصورة متعددة أيضاً، وبسبب تطور العلم على المواقع الافتراضية على الشبكة العنكبوتية، حيث جعلت شتات الناس المختلفين في بلدانهم وألوانهم ولغاتهم ودياناتهم، يجتمعون مع كل صور الاختلاف بينهم في اتحادات وروابط ومواقع التواصل الاجتماعي، أناس يخاطب بعضهم بعضاً ويتبادلون الصور والأفكار وغيرها من دون أن يلتقوا ببعضهم، شكلت جيشاً من الوحدة والترابط، وما كان ليكون في كل حقب التاريخ وفي أحداث كثيرة من العالم، وخلال ساعات قليلة ليعبر عن موقف في رحاب وسائل الاتصال. وتفاصيل اللحظات التي تمر من ثانية إلى دقيقة هي كطرفة العين في حركة الزمان، وتحمل أسئلة كبرى في الوجود والحياة، وهي ظاهرة ملموسة في أكثر من حقل فكري وعلمي، وفي أكثر من ميدان ثقافي. فبناء المناهج الفكرية ووضع البرامج التعليمية والخطط المستقبلية، هذه التوجهات كلها ذات مساس مباشر بكيان الأمة ولها أهمية بالغة تنعكس على حاضرها ومستقبلها. وكل الأمم التي بنت الأمجاد هي الأمم التي تبني ثقافتها على ثنائية العلم والعمل. والأمم لا تتقدم وتتطور إلا بوجود العلم وتطوره. وهذا ما أشار إليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بمناسبة اليوم العالمي للمعلم بقوله: إن خيار دولة الإمارات حاضراً ومستقبلاً هو التعليم النوعي وفق أعلى معايير الجودة تضمن مستقبلها وأمانها من خلال إعداد وتأهيل أجيال واعية حكيمة تفكر في الاتجاه الصحيح وتخطط لمستقبلها وتحمل راية أوطانها.

إن المستقبل يفتح ذراعيه لمن يؤمنون ببناء الإنسان بناءً فكرياً وثقافياً، من خلال برامج ترسخ قيم الولاء والانتماء الذي يتحول من مجرد شعار إلى واقع عملي، يترجم ذلك في ميادين العلم والطب والرياضة والفضاء وغيرها من ميادين بناء الإنسان المتكامل الذي يحمل على عاتقه مسؤولية نهضة الأمة نهضة شاملة في كافة ميادين العلم والعمل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ys3wm2am

عن الكاتب

إعلامي وكاتب إماراتي، يشغل منصب المستشار الإعلامي لنائب رئيس مجلس الوزراء في الإمارات. نشر عدداً من المؤلفات في القصة والرواية والتاريخ. وكان عضو اللجنة الدائمة للإعلام العربي في جامعة الدول العربية، وعضو المجموعة العربية والشرق أوسطية لعلوم الفضاء في الولايات المتحدة الأمريكية.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"