عادي
الفنان الأكثر شعبية بين الإنجليز

بريتون ريفيير يرسم التعاطف بريشة شاعر

00:06 صباحا
قراءة 4 دقائق
8

الشارقة: عثمان حسن

اشتهر الرسام البريطاني بريتون ريفيير (1840 - 1920) بميله لرسم الحيوانات، لكنه رسم أيضاً بعض اللوحات الفنية والتاريخية اللافتة للنظر، عرض مجموعة متنوعة من أعماله في الأكاديمية الملكية بلندن، والده هو ويليام ريفيير (1806-1876)، والذي عمل لسنوات أستاذاً في الرسم في كلية شلتنهام، ثم مدرساً للفنون في جامعة أكسفورد.

تلقى بريتون تعليمه في كلية شلتنهام وأكسفورد، حيث حصل على شهادة في الفنون في عام 1867. كان مديناً لوالده بتعلم حرفة الرسم، وكان عمه الأب هنري بارسونز ريفيير (1811-1888) أيضاً من أشهر الرسامين بالألوان المائية، حيث عرض أعماله في جمعية الألوان المائية الملكية بلندن والجمعية الملكية للفنانين في برمنغهام.

ظهرت أول أعمال بريتون في المعهد البريطاني، وفي عام 1857 عرض ثلاثة من أعماله في الأكاديمية الملكية، وفي عام 1863 أصبح من المشاركين المنتظمين في معارض الأكاديمية.

بدأ بالفعل في رسم الحيوانات في حديقة حيوان لندن، وفي عام 1859 عرض لوحات زيتية لقطط صغيرة في المعهد البريطاني، وعندما كان شاباً تعرض لتأثير ما قبل الرفائيلية، ولكن رغم بدايته الواعدة في الرسم، ثبت أن النجاح الذي كان يطمح إليه ما زال بعيد المنال، فاضطر إلى التنويع من خلال القيام بأعمال توضيحية أسوة بالعديد من الفنانين المهمين في ذلك الوقت ساعده تعامله مع الحيوانات على رسمها، وكان لدراسته على أيدي الفنانين الاسكتلنديين مثل: جون بيتي والسير ويليام كويلر أوركاردسون، أن رسخ لديه أسس: «سلسلة من اللوحات الحيوانية المعروضة في الأكاديمية الملكية أكدت شهرته المتزايدة».

كانت اللوحة الأشهر بين أعماله تلك هي لوحة «تعاطف» التي تظهر كلباً يسند رأسه على الكتف الأيسر لطفلة، وقد رسم بريتون هذه اللوحة سنة 1878، وقد استطاع ببراعة هائلة أن يظهر كماً هائلاً من التعاطف من جانب الكلب نحو الطفلة. وقد حقق ريفيير من خلال رسمه للحيوانات شعبية هائلة مع الجمهور الفيكتوري بسبب صوره القصصية –إن جاز التعبير- والتي غالباً ما تبرز روح الدعابة والعطف عند الحيوانات نحو البشر.

طابع إنساني

بصفته رساماً للحيوانات، كان ريفيير يميل إلى إضفاء طابع شبه إنساني وعاطفي على رسوماته، وفي السنوات اللاحقة أصبح مهتماً بتطوير أعماله، فجذبته المناظر الطبيعية البرية على خلاف ما كان يظهر في رسومات الحيوانات الأليفة مع الأطفال.

ظهرت أعماله تلك بجودة فنية عالية، وكانت هذه الأعمال قريبة من مدرسة إدوين لاندسير «1802 – 1873» وهو النحات والرسام الإنجليزي الذي اشتهر برسم الخيول والكلاب والأيائل، بحيث يمكن القول إن أفضل رسومات ريفيير تشبه العديد من أعمال لاندسير، لكن ريفيير كان أكثر ارتباطاً بالجودة الفنية.

في عام 1865 بدأ ريفيير، رحلته الفنية برسم الغزلان النائمة، وفي مقابلة أجريت معه بعنوان «كيف أرسم الحيوانات؟» أوضح بعض الجوانب العملية لرسم كل من الحيوانات المروضة والبرية فقال: «لقد كنت دائماً من محبي الكلاب، وقد تعايشت معها إلى الدرجة التي سئمت من وجودها حولي، ومع ذلك، لا يمكنك أبداً أن ترسم كلباً ما لم تكن مغرماً به، وأنا لا أرسم كلباً من دون مساعدة من رجل على دراية جيدة بالحيوانات، والطريقة الوحيدة لرسم الحيوانات البرية، هي أن تراكم نوعاً من المعرفة عن الحيوان الذي ترغب برسمه، وأنا أرسم الحيوانات النافقة، وكذلك الحيوانات الحية، وهناك جثة لبؤة جميلة في الاستوديو الخاص بي، لقد زرت أكثر من مرة غرف التشريح في حدائق الحيوان».

علاقة

هذه اللوحة الساحرة لريفيير، تبرز العلاقة الفريدة بين الحيوانات والبشر، ومن يحدق في وجه الطفلة، يكتشف نظرة استغراب مع كثير من الاستغراق والتأمل وربما السؤال.

هنا، يبرز الكلب، وهو يميل بكل تلقائية ويسند رأسه إلى كتف الطفلة الأيسر، وكأنه يقوم بمواساتها، جراء ما اقترفته من خطأ أدى إلى معاقبتها لتجلس على درج ردهة المنزل الخارجية.

لا يخفى على المدقق قدرة الرسام على إظهار الكلب بهيئة عالية من العطف، وهو الذي استدعى تكنيكاً مدروساً ومتوازناً في رسم التفاصيل.

والواقع أن اللوحة بوصفها الأشهر بين رسوماته للحيوانات، قد أبرزت موهبة عالية وتعمقاً في دراسة سلوك الحيوانات، وبخاصة الكلاب، وهذه المعرفة لا تظهر فقط في إبراز وجوه الحيوانات، ولكن أيضاً في سلوكها وفي لغة الجسد بشكل عام.

لا يمكنك إلا أن تحب هذا الفن الذي قدمه ريفيير، الفتاة الشاردة أو المتأملة، والكلب الذي يسندها، ويشعرها بالحنو.

كانت «تعاطف»، هي الأبرز بين رسوماته وهي بكل تأكيد من أكثرها رواجاً وشهرة، تم عرض النسخة الأولى من هذه اللوحة في الأكاديمية الملكية عام 1878، لكن الصورة هنا، تجسد النسخة الثانية والنهائية منها، وقد تطلبت منه تركيزاً على التفاصيل، وهي موجودة اليوم في متحف تيت بلندن ضمن مجموعة من اللوحات التي تم عرضها في الأكاديمية الملكية.

أعمال أخرى

في سيرة ريفيير الكثير من الأعمال، مثل: البستاني القديم (1863)، المعروضة في مركز ييل للفن البريطاني، نيو هافن، كونكتيكت.

وهي من اللوحات التي حققت شعبية عالية، وهناك النوم الطويل1868، وبالاس أثينا وكلاب الرعاة(1876)، في متحف متروبوليتان للفنون، نيويورك، وهذه اللوحة تتكئ على جزء من كتاب الأوديسة الخاص بهوميروس، حيث تظهر أثينا لأوديسيوس عندما وصل أخيراً إلى جزيرته الأصلية، عندما تنكرت في زي راع، أخبرت البطل «أوديسيوس» أن بينيلوب زوجته، قد افترضت وفاته، وتزوجت مرة أخرى، وتقوم أثينا بمساعدته وتزويده بالمعلومات التي يحتاج إليها لاستعادة زوجته ومملكته.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/m6bp2ua3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"